بعد أكثر من 5 سنوات على الأزمة الإقتصاديّة والماليّة التي عصفت بلبنان، عاد الحديث اليوم عن معاودة المصارف عمليّة الإقراض بهدف تشجيع الإستثمار، ممّا يُساعد على دوران العجلة الإقتصاديّة بهدف الوصول إلى التعافي الإقتصادي المنشود.
وفي هذا الإطار، يُوضح الباحث المالي والإقتصادي د. محمود جباعي في حديث إلى “ليبانون ديبايت”، أنّه اليوم “هناك بعض المصارف التي تُحاول الدخول إلى السوق مرة أخرى، وتقوم بمنح القروض للقيام بلعب دورها الطبيعي والذي هو تمويل الإستثمار في البلد”.
ولكنه في هذا الإطار، يقترح كإقتصادي أنْ “يأخذ مجلس النواب قراراً مفاده أنّ أيّ مبلغ يتمّ إقراضه بالفريش دولار يجب أنْ يتمّ إسترجاعه بالفريش وذلك كي لا يحصل ما حصل في الأزمة”، مذكراً بأنّ “المصارف كانت لديها ديون بأكثر من 45 مليار دولار تقريباً وتمّ رد جزء كبيرمنها بأقلّ من قيمتها وفق سعر الـ 1500 أوحتى غيره، وبالتالي طارت أموال المصارف والمواطنين” .
ومن هذا المنطلق، يرى جباعي أنّه “من الضروري اليوم أن يعود تقييم ذلك من أجل أن تُصبح العملية أوسع”. وإذْ يتفهم أنّ “تمويل الإقتصاد هو أساس لكن شرط أن تقوم هذه المصارف بتكبير رأسمالها خلال التسليف حتى تتمكّن من جني أرباح وترد أموال المودعين من أرباحها، ولا سيّما إن كان لديها أموال مٌحدّدة للإستثمار ترد من خلاله أموال المودعين من أرباحها”.
كما يُشير إلى ضرورة “وجود قوانين أخرى، وأنْ يكون لدى الحكومة خطّة واضحة مبنيّة على إستعمال أصول الدولة والستثمار فيها من خلال وضع صندوق للودائع تضع فيه مبلغاً من المال، ويُساهم فيه المصرف المركزي والمصارف أيضاً من خلال الأرباح من الأموال التي تقوم بتشغيلها، لأن ذلك وفق رأيه “يصبّ بالنهاية في مصلحة المودعين، فكلمّا كبرت هذه العملية كلما كبر الرأسمال والمبالغ التي بحوزتهم، ممّا يوفّر الإمكانيّة لدفع أموال المودعين بشكل أسرع”.
ويشدّد هنا جباعي، على أنّ “المصارف اليوم لديها واجب كما الدولة والمصرف المركزي بردّ أموال المودعين”، ويعتبر أنّ “تحريك هذه العمليّة هامّ جداً لكن هذا بحاجة إلى تغطيّة من مجلس النواب من مكان معيّن”.
ويُنبّه جباعي أنّ “الأساس اليوم في الموضوع أنْ تُعاود هذه المصارف لعب دورها الطبيعي وليس دورها المالي فقط أو دور الوسيط أوالصرافة، بل أن تعود وتلعب دورها الإقتصادي أيضاً وتمويل الإقتصاد كأساس وكذلك تمويل الإستثمار، وهذا ما سيُساعدها على جني الأرباح وردّ أموال المودعين ممّا يُساهم في تطوير الإقتصاد”.
ويرى أنّ “موضوع الإقراض اليوم يجب أن يكون أحد أجزاء الحلّ لأزمة المودعين، إلّا أنه يجب أن يُستكمل بالقوانين الأخرى .ومع تأمين الحماية للمصرف بأن يسترد القرض الذي دفعه للمقترض”.
ويردّ على أصحاب الرأي بأن يتمّ “إعادة أموال المودعين من الأموال الموجودة في المصارف”، فيرى أنّ “هذه الأموال يجب أن تزيد عبر الإستثمار ويكون هناك خطّة لرد أموال المودعين، فرد أموال المودعين لا يستطيع مصرف لوحده ردّها ولا المصرف المركزي أيضاً، هذه العمليّة بحاجة إلى تكامل بين الدولة والمصرف المركزي والمصارف، فالأزمة هي أزمة نظاميّة وكل المصارف معنيّة بهذه الأزمة، لذا يجب أن يكون هناك حل لكافّة المصارف بإعادة الهيكلة وبخطّة واضحة وبقوانين واضحة”، ويعتبر أنّ “تكبير حجم الإستثمار لدى المصارف سيُمكنّها أكثر من ردّ الودائع بأسرع وقت مُمكن”.
وفي ختام حديثه، يرى جباعي أنّ “هذا الموضوع لا زال في بداياته ولا زال خفيفاً، فهناك بعض المصارف التي لا يتعدّى عددها الـ 5 مصارف، تُحاول القيام بذلك، ولكن حتى تتوسّع العمليّة هي بحاجة لخطّة شاملة ومتكاملة تبدأها الحكومة والمجلس النيابي، وأيضاً يجب أن يكون هناك وضوح ورؤية لكيفيّة حلّ أزمة المُودعين من أجل أن تكون هذه العمليّة أوسع وتُساهم بشكل أسرع في ردّ الأموال من جهة وتعزيز الاستثمار من جهة أخرى”.
المصدر: ليبانون دبيايت