قضيتان اساسيتان اثارهما حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري يوم امس، حيث شدد اولا على اهمية ان يعيد القطاع المصرفي عملية التسليف وهذا القطاع يعتبر المحرّك الاساسي للنمو، وثانيا: “أصحاب الحقوق (المودعون) هم أصحاب القرار في أيّ قطاع يريدون توظيف جنى عمرهم، كما يحصل في مصارف دول العالم”.
الطرح ليس جديدا، خصوصا وان الملفين يدخلان في صلب الازمة العالقة في عنق الزجاجة ولا حلول لها.
وقد اعتبر مصدر اقتصادي عبر وكالة “أخبار اليوم” ان ما يطرحه حاكم المركزي هو انطلاقا من اصطدام الحلول بالقيود الخارجية قبل القيود الداخلية.
وفي تحديده لأول القيود الخارجية، لفت الى انه لم يعد خفيا على احد ان المجتمع الدولي وتحديدا المالي والاقتصادي منه، يطالب لبنان باعادة تشغيل القطاع المصرفي واعادة الثقة اليه من اجل التخفيف من الاقتصاد النقدي الذي يعتبر من اسباب المشكلة الى جانب امكانيته التغطية على التهريب والارهاب وتبييض الاموال… مذكّرا انه في مرحلة سابقة كانت قد فرضت قيود لا سيما من قبل الولايات المتحدة على بعض المصارف تحت عنوان وجود استخدام غير جيد للقطاع خدمة لدول اقليمية اخرى، او لمنظمات داخل لبنان.
واذ شدد على انه لا يمكن التفكير في اي حل الا اذا كان القطاع المصرفي في مقدمته، انتقل المصدر للحديث عن القيد الثاني المتعلق بالفساد المسشتري، بمعنى ان اي حلّ يجب ان يبدأ بالمحاسبة ومحاربة الفساد، في حين ان الفساد اصبح ثقافة في لبنان اتخذت اسم الشطارة من خلال التهرب من دفع الضرائب والرسوم وغرامات المخالفات… وقد انغمست في الفساد اياد كثيرة ومن جهات متعددة، وبالتالي هذا الانغماس يجعل من فتح ابواب المحاسبة سيلاقي مواجهة كبيرة على مختلف الصعد
اما القيد الثالث فهو – بحسب المصدر عينه- مشكلة الدين العام، حيث شرح: اذا اعترفت به الدولة وعادت الى تسديده فانه يشكل 500% من الناتج المحلي الاجمالي، وهو رقم بعيد جدا عما هو معترف به عالميا 60% لكي تكون الدولة سليمة او “بصحة اقتصادية جيدة”، وبعيد جدا ايضا عن الـ 100 % اي الحد الاقصى المسموح به للدين العام بالنسبة الى الناتج المحلي.
واضاف المصدر: المجتمع الدولي يرى انه لا يمكن لاي دولة ان تنطلق في حل ازماتها المالية والاقتصادية من دين نسبته 500% بل يجب ان يكون هناك استدامة للدين العام، وهذا ما يعني استطرادا ان الدولة اللبنانية “لن تتمكن من اعادة اموال المودعين التي اخذتها وصرفتها”
واذا كان لا يمكن شطب الدين العام او جزء منه، هل هناك حلول اخرى، اجاب المصدر: هناك طريقة اخرى، ولكنها ايضا صعبة المنال، وقد تمتد لسنوات طويلة، وتتمثل بتكبير حجم الاقتصاد علما انه راهنا يقدر بـ 23 مليار دولار سنويا، واذا نجح لبنان في تحقيق نسة نمو هائلة تصل الى 10% سنويا – وهو امر مستحيل من دون اصلاحات ومساعدات خارجية- فان حجم الاقتصاد بعد 10 سنوات سيصل الى 54 مليارا – اي كما كان قبل العام 2019- ولكن نسبة الدين العام ستبقى مرتفعة بحدود 200% ، وبالتالي لبنان يحتاج الى 7 سنوات اضافية
اي بعد 17 سنة ليصل الى ناتج محلي بقيمة 100 مليار دولار، وعندها يمكن للبنان ان يغطي الدين العام.
وبمعنى آخر، قال المصدر لبنان يحتاج الى 17 سنة كي يقف على قدميه مجددا، وفي موازاة ذلك يفترض بالدولة الا تقترض ويجب ان يكون لديها فائض في الموازنة او اقله مساواة الايرادات والنفقات كي لا يرتفع الدين العام اكثر مما هو عليه.
من هنا عاد المصدر الى الخطأ الذي ارتكبته حكومة الرئيس حسان دياب في آذار العام 2020 حين علقت دفع الديون المستحقة، اذ انه قرار ستستمر تداعياته على الاقل لمدة 30 سنة، علما انه بمجرد التوقف عن الدفع يستحق كل المبلغ وفقا للعرف في الاسواق المالية وبالتالي بدل ان يكون تسديد الديون المطلوبة بالتقسيط اصبحت راهنا الديون كلها مستحقة بنفس الوقت.
وماذا عن حقوق المودعين، اوضح المصدر ان قسما كبيرا من الدين العام هو من اموال المودعين، حيث على السلطة التفاوض معهم وتوضيح فترة اعادتها او اعلامهم بقرار عدم ردها، معتبرا ان القطاع المصرفي كما مصرف لبنان يتحملان جزءا من المسؤولية لكن المسؤولية الاكبر على الحكومات التي استدانت وصرفت ووقعت في العجز ولم تعد قادرة على الردّ.
المصدر: Lebeconomy