يشكّل الإدخار لدى اللبنانين أزمة كبيرة بعد فقدان الثقة بالمصارف إلا أن طريقين سلكهما من يحتفظ لأمواله الكاش للحفاظ على قيمتها هي التوجه لشراء الذهب أو العقارات، فما هو الملاذ الآمن للإدخار اليوم بالنسبة إلى اللبنانيين؟
في هذا الإطار, يشير الصحافي المتخصّص بالشأن الإقتصادي خالد أبو شقرا في حديث إلى “ليبانون ديبايت”, أن حجم استيراد الذهب يقارب المليار دولار ويختلف بين عام وآخر ينخفض إلى 700 و800 مليون ومن ثم يعاود الإرتفاع, في حين يكون ثلث صادراتنا تقريباً من الذهب المشغول، ويقول: على سبيل المثال نحن في العام الماضي صدّرنا ما بين المليار والمليار ونصف إلى سويسرا وإلى أكثر من وجهة، وبالتالي فإن الطلب على الذهب في لبنان تدور حوله شبهات حول إستعماله كآداة لإخراج الـموال من لبنان بشكل أساسي.
ويضيف: من هنا نرى الطلب الكبير على الذهب في لبنان لأنه هو ليس فقط للإدخار، فالطلب الكبير الذي نشهده على الذهب في لبنان وبالتحديد السبايك هو ليس فقط للإدخار بل لإخراج الأموال من لبنان وهذا الذي من الممكن أن نستدل عليه من خلال الحجم الكبير لصادرات الذهب لعدة وجهات ومنها بشكل أساسي سويسرا هذا ما يدفعنا للشك بالموضوع.
وهل يمكن أن يكون هذا نوع من تبييض الأموال؟ يؤكد أنه ليس تبييض أموال ولكن اليوم خروج الأموال بصورتها النقدية قد يكون صعباً ومعقداً أو خاضعاً لشروط فيتم اللجوء إلى شراء الذهب وتصديره على أساس أنه سلع مصنعة سواء كان التصدير عبارة عن قطع ذهبية مشغولة أي على أساس أنه منتج وليس على أساس مواد.
ويلفت إلى أن هذا الموضوع إزداد بشكل لافت منذ عام 2019 حتى 2023 بالتأكيد تختلف النسب, ولكنها مرتفعة جدا وهذا العامل يوضح حجم الطلب على الذهب.
وينبّه إلى أمر هام أن الذهب اليوم بظل الإرتفاعات الكبيرة التي شهدناها بأسعاره بدءا من تاريخ الهجوم الروسي على أوكرانيا وصولا إلى يومنا هذا ومع إستقرار سعر الفائدة الأميركية إرتفع سعر الذهب بشكل كبير وبالتالي إرتفاع العائد عليه اليوم الذهب بين 1310 و1320 سعر الأونصة وهي كانت إرتفعت بالنسب أكثر بكثير مما كانت عليه قبل 2021 وحتى قبل العام 2019 وكل من إستثمر بالمعادن وتحديدا الذهب والفضة والنحاس حققوا عائداً على الإستثمار فالنحاس وصل تقريبا إلى 30% الذهب حقق عائداً أقل إنما يعتبر في الإستثمار كبير جدا ومن المتوقّع اليوم تخفيض أسعار الفائدة الأميركية وهذا ما هو متوقع مع تراجع أموال التضخم بالولايات المتحدة الأميركية مما سيؤدي إلى زيادة الطلب على الذهب بشكل كبير جدا نظرا لتحول المستثمرين من الاستثمار بالفوائد المصرفية إلى شراء الذهب للإستثمار.
ويؤكد أنه طالما أسعار الفائدة الأميركية مستقرة بحدود 5.25 وهناك عمل جدي على تخفيضها مما يعني الطلب على الذهب سيزداد وهناك توقعات اليوم بأن يتجاوز سعر الأونصة الـ 3000 دولار حتى نهاية العام، وبالتالي يكون الذهب من هذه الزاوية هو ملاذ آمن للإستثمار ومكسب كبير لكل من يريد أن يستثمر أو يدخر أو يشتري ذهب بمدخراته وبالتالي يكون قد حقق عائداً كبيراً ويحمي أصوله هذا فضلا عن أن الذهب بشكل عام هو معدن لا يتأثر بشكل عام بالتقلبات وهو معدن آمن لا يتلف.
أما فيما يتعلّق بالعقارات، فقد شهدنا قبل الإنهيار الإقتصادي ما يعرف (booming) بقطاع العقارات بمعنى أنه بدأ الطلب بالتراجع ولم يزداد إلا من بعد عام 2019 عبر شراء العديد اللبنانيين العقارات بالودائع المصرفية الأمر الذي ساهم بإزدياد الطلب على العقارات إنما من جهة أخرى فالأسعار منخفضة.
وإذ يلفت إلى أن العقارت نادرة اليوم في لبنان بشكل أو بآخر وإذا عاد الطلب عليها يعود ويتحقّق سعرها صحيح إنما هناك الكثير من العقارات التي تم شراؤها من الودائع المصرفية بقيمة أقل من قيمتها وبالتالي تم شراؤها فقط ليتمكن المواطنون من تحصيل أموالهم من المصارف وبالطبع تم شراؤها عبر شيكات تدرجت من حسم 70 % وصولا إلى حد الـ 20.
ويشير إلى أن الطلب اليوم على العقارات من بعد توقف الشيكات المصرفية عاد وإنخفض والأسعار لا زالت بحسم مقبول الى حد ما وهو يختلف بين المدينة والقرية ولكن هناك حسومات اليوم والأسعار لم تستعد قيمتها ومن المتوقع وفي ظل هذه الأزمة اليوم وفي ظل توقع أن المستثمرين أو اشخاص الذين إشتروا عقارات أن يعودوا ويحاولوا تعويض قيمة الودائع التي خسروها من خلال بيع هذه العقارات بمعنى يتم رفع سعرها وبالتالي الطلب سيتراجع ولن يكون هناك حركة كبيرة يضاف إلى ذلك بأن القسم الأكبر من العقارات كانت تباع بلبنان أو يتم التدوال بها من خلال القروض المصرفية واليوم كذلك في ظل الحديث وإستبعاد عودة القروض المصرفية بشكلها السابق قبل الأزمة هذا العامل بشكل كبير يساهم في تراجع الطلب على العقارات.
إذا كل هذه العوامل تجعل من الذهب هو الملاذ الآمن للإدخارات وهو ملاذ أمن بلبنان من العقارات في الفترة المنظورة المقبلة.
المصدر: ليبانون ديبايت