الاجتماع الذي عقده وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال امين سلام للبحث في الكلفة الاستشفائية المرتفعة وحضرته نقابة المستشفيات ونقابة الاطباء وجمعية شركات الضمان حيث اصر سلام على معالجة ارتفاع الكلفة الاستشفائية غير المبررة وقد شكل لجنة لدراستها وتأمين الرعاية الصحية للمواطنين.
المستشفيات رفعت اسعارها وكذلك الاطباء مما اضطر شركات الضمان الى رفع اسعار البوالص.
لبيب نصر عضو مجلس جمعية شركات الضمان يقول في هذا الموضوع :
هذا الاجتماع هو تكملة لعدة اجتماعات واحاديث سبق عقدها وتداولها وهي على مزيد من التطور. لقد دعا وزير الاقتصاد المستشفيات ونقابة الأطباء وجمعيات الضمان وغيرها من المهتمين بالموضوع لتشكيل لجنة تتابع الأمر وقد كنا ممثلين ضمن إطار جمعية شركات الضمان. في البداية عندما انتقل السوق من اللولار إلى الدولار عقدنا عدة اتفاقيات مع المستشفيات لتخفيض أسعارها ووضعها ضمن إطار الفريش دولار وقد كان ذلك في أواخر العام ٢٠٢٢ وحتى الآن أستطيع القول ان بوالص التأمين لم ترتفع أسعارها كثيرا وما زالت تحت مستوى ما كانت قبل الأزمة فالبوليصة التي كانت ب١٠٠٠دولار مثلا هي اليوم بحدود ٩٠٠ او ٨٥٠ دولارا بينما التضخم الذي حدث في القطاع الصحي تخطى ما كنا عليه سابقا .
أن هذا التضخم متأت من ٤ او ٥ اسباب فقبل كل شيء يوجد تضخم عالمي وكلفة كل ما يتم استيراده من الخارج أعلى بكثير مما كان سابقا، ثم ان الدولة رفعت او خففت الدعم عن كثير من انواع الطبابة وفي مقدمتها علاجات السرطان في أواخر العام ٢٠٢٣. لقد أوقفت التغطية وزارة الصحة كليا او جزئيا مما جعل شركات التأمين تزيد أسعارها إذ انها باتت تتحمل كلفة باهظة لا سيما بما يخص جلسات الكيماوي التي تراوحت أسعارها ما بين ٥٠٠٠ و ٦٠٠٠ دولار وتجاوز سعر بعض الأدوية ٢٠٠٠٠ دولار . ان رفع الدعم عن بعض العلاجات او الأدوية اثر في كلفة الاستشفاء للمواطن وشركات التأمين. أيضا الاتفاق الذي حصل مع نقابة الأطباء بخصوص زيادة كلفة اتعاب الأطباء المبرمج على عدة مراحل كان له اثره في ارتفاع الكلفة أيضا كما أن المستشفيات رفعت كلفة السرير والغرفة وغيرهما من الامور وقد شكل كل ذلك ارتفاعا في الكلفة خلال العام ٢٠٢٤ بحوالى ٢٥% اي أن التضخم خلال هذا العام هو بنسبة ٢٥% ويتحمل ذلك المواطن وشركات التأمين. ان شركات التأمين بالنتيجة مجبرة على تحري الكلفة الاستشفائية مع معيدي التأمين وهذه الكلفة تنعكس بشكل مباشر على بوليصة التأمين. لقد زادت شركات التأمين أسعارها وقد تفاوتت هذه الزيادة فيما بينها . لقد زادت شركتنا الأسعار على البوالص الفردية والعائلية في بداية شهر شباط بنسبة١٠% ثم زادتها مرة جديدة في شهر تموز بنسبة ١٠% ونحن للحقيقة لم نصل بعد الى الأسعار التي يجب أن نصل إليها اي أن الشركات اليوم تسجل خسارة في التأمين الطبي لأن الكلفة الاستشفائية في المستشفيات ترتفع بشكل سريع بين شهر وآخر بينما بوليصة التأمين يتم عقدها لمدة سنة ولا يحق لشركة التأمين رفع السعر الا بعد مرور السنة اي عند تجديد العقد. ان شركات التأمين اليوم واقعة ما بين حسها الاجتماعي الوطني مع وزير الاقتصاد والناس وما بين اضطرارها الى رفع أسعارها نتيجة ارتفاع الكلفة الاستشفائية. اننا نفهم مدى صعوبة الوضع الاقتصادي وان الناس باتت غير قادرة على تحمل التكاليف المرتفعة خصوصا ان الأسعار هي بالدولار الفريش لكن من جهة ثانية علينا تسديد الفاتورة الاستشفائية عن المواطن ونحن نرى حاليا بعض الفواتير المرتفعة بشكل لم نعتده سابقا إذ ان فاتورة بعض الحالات المرضية تجاوزت ٢٠٠٠٠٠ دولار وأكثر وهذا بالطبع ناتج من زيادة اسعار المستشفيات. اننا ومن خلال احصاءاتنا نجد ان عدد مرات دخول المرضى إلى المستشفيات او تلقي العلاجات والاستشارات الطبية قد زاد بعد أزمة كوفيد وهذا أمر عالمي وليس لبنانيا فقط إذ ان تلك الأزمة علمت الناس أن تأخذ المزيد من الاحتياطات وان تستشير الأطباء أكثر وان تجري المزيد من الفحوصات العامة والعمليات الجراحية لذا كلفة الفاتورة الاستشفائية قد زادت مما أدى إلى تضخم. كما أن كل الشركات مضطره الى زيادة أسعارها قدر المستطاع لحماية نتائجها ومراعاة الفاتورة الاستشفائية بشكل لا يجعلها تخسر زبائنها ممن لا يستطيع تحمل زيادة الفاتورة الاستشفائية .
ولكن هل تراقب شركات الضمان تطور الأسعار الاستشفائية خصوصا ان وزير الاقتصاد صرح أن بعض المعدات الطبية التي لا يتجاوز سعرها ١٠٠ دولار تفوتر ب١٠٠٠دولار لذا من يراقب هذه الاسعار فيرد نصر :
أن كلمة مراقبة كبيرة إذ لا سلطة لدينا لمراقبة المستشفيات او الأطباء. اننا نعرف ان بعض الأمور تحصل ولدينا مراقبون في المستشفيات بالإضافة إلى شركة TPA نتعامل معها بهذا الخصوص لكن لا سلطة لنا على المستشفيات واداراتها او الأطباء. ان السلطة الرقابية على المستشفيات هي بيد وزارة الصحة وسلطة وزارة الاقتصاد على استيراد المعدات. نحن في النهاية لدينا “شراكة” مع الأطباء والمستشفيات التي تعالج المؤمنين ونحن ندفع الفواتير . إذن الشق الذي يخصنا هو شق مالي إذ اننا ندفع الفاتورة فقط. أما الأمور الطبية فالطبيب والمستشفى ادرى بها واذا حدث خطأ ما فتتكفل بذلك الرقابات الطبية .
ويقر نصر ان الوزير سلام على حق ١٠٠% من خلال ارتفاع الاسعار وعليه أن يتابع الأمر وكذلك كل المسؤولين القيمين على هذا الموضوع لتأكيد عدم وجود خلل ما. ان هذا الدور ليس دور شركة التأمين ولا يمكنها أن تتولى الرقابة على المستشفيات والأطباء.
واكد نصر ان ارتفاع اسعار بوليصة التأمين سيؤدي بالبعض الى تغيير درجة التأمين فيغير درجة الاستشفاء من أولى إلى ثانية وبعض الشركات ألغت تأمين موظفيها وبعضها الآخر حمل الموظف المشاركة بقسم من الكلفة . ان المواطن اليوم يفكر مليا قبل ابرام عقد البوليصة بسبب ارتفاع الكلفة . اننا نتفهم وضع الناس بسبب كمية التكاليف التي عليها تحملها في الحياة اليومية لكن البقاء دون تأمين صحي أمر خطر جدا فالفاتورة الاستشفائية باهظة جدا ولا يمكن للفرد أن يتحملها.
وحول ارتفاع اسعار المستشفيات والاطباء بصورة خيالية يقول نصر :
اننا لا نستطيع تعميم الأمر على الجميع رغم أن البعض يفعل ذلك ونحن نطلب منه رحمة الناس لا سيما غير المؤمنين منهم .ان شركات التأمين تضطر الى رفع سعر البوليصة لأنها تدفع مبالغ عالية للمستشفيات والأطباء لكن المطلوب منا جميعا التكاتف والتعاون خلال هذه الفترة الصعبة التي يمر بها الوطن بالإضافة إلى مراعاة شعور الناس وعدم زيادة الأسعار بشكل خيالي لأننا بذلك نخدم المجتمع والوطن.
هل احد الحلول هو التوأمة ما بين مستشفى جامعي كبير وبين مستشفيات الأطراف، الا يشكل ذلك تخفيفا للضغط المالي على المؤمن؟ أجل هذا صحيح . أن بعض شركات التأمين تعرض بوالص تأمين ارخص بتغطيات محدودة وقد أطلقت شركة lia Assurex منذ سنة برنامجا استشفائيا مع مستشفى أوتيل ديو هو HDF santé حيث ان البوليصة بسعر أقل من البوليصة العادية التي تغطي كل مستشفيات لبنان . هذه البوليصة المحدودة تغطي المعالجة في خمس مستشفيات لديها توأمة مع مستشفى أوتيل ديو وهي مستشفى القرطباوي في ادما ومستشفى سان شارل في الفياضية ومستشفى تل شيحا في زحلة ومستشفى سيدة السلام في القبيات والمركز الطبي العائلي في زغرتا. ان أوتيل ديو متعاقد مع هذه المستشفيات وهي مستشفيات معروفة ومشهود لها بالكفاءة وهي تعمل ضمن اطاره وتحت اشرافه ومتابعته الطبية . ان سعر البوليصة أقل بنحو ٣٠ او ٤٠% من البوليصة التي تغطي كل المستشفيات. هذه هي إحدى الحلول لمواجهة غلاء البوليصة الاستشفائية وهو ما يسمى limited network اي أن البوليصة تغطي فقط بعض المستشفيات المحددة.
المصدر: جوزف فرح- الديار