عادت أزمة العسكريين إلى الوجهة من جديد، من خلال الإعتصام الذي أجراه تجمع العسكريين للمطالبة بحقوقهم في ظل المماطلة المتعمدة من قبل السلطة السياسية، وأكّد «تجمع العسكريين المتقاعدين»، في بيان، «أنّه سيبقى وفيًّا لرسالة المطالبة بالحقوق، وفق مطالعة المنبر القانوني الإطار الصّحيح للمطالب الجامعة، الّذي أدّى هدفه اليوم في منع جلسات الحكومة من الانعقاد، وتأجيلها إلى تاريخ لاحق».
العميد المتقاعد شامل روكز الذي شارك في الإعتصام وكان في مقدمة المعتصمين، يشير إلى أن رواتب العسكريين في القطاع العام سواءٌ في الخدمة الفعلية أو المتقاعدين على وجه الخصوص أصبحت متدنية إلى حد لم تعد تساوي شيئاً نسبة إلى إرتفاع الأسعار والقيمة الشرائية،«وكنا قد طالبنا رئاسة الحكومة بأن تعالج الموضوع منذ شباط الماضي،ووعدنا بأن في شهر حزيران بأن يكون هناك سلسلة رتب ورواتب جديدة لكي تسير الأمور نحو الإتجاه الصحيح ولكن مع مرور حزيران ووصولنا إلى النصف من أيلول وإطلالة موازنة 2025 بمضامينها الضرائبية ناهيك عن الرسوم على الشعب الفقير من دون أن تطال من نهب وسرق البلد».
ويؤكد روكز أن الـ22$ لا تعيّش عائلة عسكري أو رتيب أو شهيد حتى،ولا أي عائلة أخرى لذلك راتب الضابط بالـ500$ يستطيع أن يعيّشه هو وعائلته بكرامة وعزة نفس، حتى في الخدمة الفعلية فالوضع القائم هو ليس للتباكي إنما للتحدي الفعلي باعتبار أن هناك سلطة لا زالت متشبثة برأيها معتبرين أن الناس قادرون على التأقلم مع الواقع ولكن الناس لديها كرامتها وعزة نفسها في نهاية المطاف.
ويرى أن الدولة قادرة على تأمين الإمكانات والمقومات التي تمكِّن الناس من العيش بكرامة وعزة نفس،من عدة مصادر التي تم استخدامها لنهب المليارات كالدعم، الصيرفة، والهندسات المالية التي لم يتم وضعها تحت رحمة الضرائب ولم يتكلف أصحابها المعروفون سواءٌ في مصرف لبنان أو وزارة المالية.
ويعتبر أنه وفقاً للدراسة الجديدة للموازنة ومصادر تمويلها فيجب أن لا تطال هذه المصادر الشعب الفقير بشكل عام،ولكن يجب أن تطال أصحاب المليارات الذين لم يسألهم أحد من أين لهم هذا،بالكاد يتم فرض عليهم الضرائب للمساهمة في إراحة الطبقة الفقيرة،بالإضافة إلى ضرورة معرفة مردود المرفأ من خلال الجمارك، وإدارة حصر التبغ والتنباك وسواها، فالموازنة برمتها هي 4 مليار ومن المفترض أن تكون 8 مليار من المفترض أن يتم تأمينها من خلال الأشخاص الذين لم يقوموا بدفع الضرائب.
ويختم روكز: «يجب تأمين الرواتب بطريقة صحيحة وفي نسبة معينة ومتدرّجة من رواتب العام 2019، ولسنا طالبين المساعدات الإجتماعية فالمساعدات الإجتماعية هي «شحادة»، ونحن نطالب بحقنا ليعيش العسكري في الخدمة والقطاع العام في كرامتهم وعزة نفسهم، أما في ما يتعلق باللواء مزهر فبناءً على القرار المتخذ من قبلنا بعدم الدخول إلى السراي الحكومي حصل إشكالٌ بينه وبين العسكريين، ولكن هو ليس مستهدفاً على الإطلاق والموضوع يحل من خلال التعاطي بشكل مباشر مع المعتصمين».
ويوضح من جهته العميد المتقاعد جورج نادر قائلاً:«منذ آذار 2017 ونحن في الشارع نواجه السلطة الحاكمة، ولبنان الدولة الوحيدة في العالم الذي يتظاهر فيها عسكرها من أجل المطالبة فقط بحقوقهم من الدولة بسبب العقلية «السنيورية» التي لا زالت قائمة و«متعشعشة» في الإدارة العامة، فالنزاع مع السلطة ليس محصوراً فقط في زمن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على وجه الخصوص، إنما مع الحكومات المتعاقبة برمتها لأنهم يعتبرون أن «العسكري» أصبح عبئاً ثقيلاً على الدولة بسبب الرواتب والتقديمات التي يتقاضها مقابل خدماته هي التي هزت أركان الدولة وأفقرت الخزينة ودمرت الإقتصاد».
ويذكّر نادر بسلسلة الرتب والرواتب التي أقرّت في العام 2017 كرشوة إنتخابية،حيث تم زيادة 94% على راتب الموظف في الدولة اللبنانية،أما العسكري فتم الزيادة على راتبه آنذاك 52%، والعسكري المتقاعد بحكم القانون يأخذ زيادة 85% نسبة لما يرسله في الخدمة الفعلية من الرتبة والراتب، أما السلسلة فأعطت للعسكريين المتقاعدين آنذاك 41% ويسأل:«لماذا الحاجب أخذ زيادة بنسبة 94% أما المتقاعد فزيادته هي هذه النسبة فقط لا غير؟»،ناهيك عن الموازنة الضريبية بإمتياز التي أقرها المجلس النيابي في العام 2019 وحسومات «بالجملة» من الراتب العسكري وضريبة الدخل التي فرضت على الراتب بدون وجه حق وبالعرف العالمي لا يجوز القيام بهذا الأمر حتى،ولكن تراجعوا عن هذا الأمر بعد النزاع الذي حصل معهم آنذاك في محيط المجلس النيابي وتم حصر الموضوع بالطبابة العسكرية.
ويردف قائلاً:«أنه بعد حصول ثورة 17 تشرين، وتعليق جميع النشاطات المطلبية ووصولنا إلى موازنة عام 2023 وكان الرئيس الجمهورية السابق ميشال عون لا يزال على سدة الحكم،فالتوجه أصبح آنذاك بزيادة 100% على رواتب موظفي القطاع العام بينما رواتب العسكريين والمتقاعدين بقيت 0% بدون وجه حق حتى قانوناً ولكن بقي التجاهل سيد الموقف إلى أن تجددت المواجهات بيننا وبين السلطة في محيط المجلس النيابي،ليطلب الرئيس نبيه بري من الرئيس ميقاتي أن يعطينا 3 رواتب على شكل مساعدات إجتماعية وكأنها صدقة أو«حسنة» للعسكريين لا تدخل في صلب الراتب، وكلنا يذكر أن سعر صرف الدولار كان بين أواخر عام 2022 وأول 2023 تصاعدياً ولكنها لم تقدم ولم تؤخر بالنسبة إلينا لأنها لم تغير شيئاً في واقع العسكري إلى أن قامت حكومة تصريف الأعمال في شباط الماضي بإعطائنا 9 رواتب، ولكن ضمن المساعدات الإجتماعية وعندما حصل الإشتباك الأخير في شباط الماضي بيننا وبين حكومة ميقاتي كان وعد ميقاتي آنذاك أن هناك سلسلة رتب ورواتب جديدة سيتم درسها من قبل الحكومة ولم تظلم العسكريين وللأسف هناك من صدقه من العسكريين على الرغم من أنني لم أصدقه لأنه تعود على الكذب».
ويشير إلى أنه مع نهاية شهر حزيران وتفاقم الأمور في الجنوب وهجرة الناس وسفر المغتربين نتيجة تفاقم الأوضاع، بقيت الحكومة متجاهلة لمطالب العسكريين المتقاعدين، وجرّاء هذه التطورات وتداعياتها «أصدرنا بياناً أخلاقياً بتعليق جميع نشاطاتنا المطلبية إلى أن تهدأ الأوضاع قليلاً،ولكن السلطة السياسية فسرت موقفنا الوطني والأخلاقي على أنه تراجع، ولكن عندما هدأت الأوضاع عدنا وأصدرنا بياناً توجهنا فيه إلى السلطة بأن الموازنة المقبلة، وبعد أن اضطلعنا عليها وجدنا فيها 33% ضرائب عن موازنة العام الماضي من دون أي تقديمات ولكن تذرعوا بأنهم سيعطوا العسكريين رواتب إضافية ولكن نحن لا نريدها، ومن خلال المنبر القانوني لتجمع العسكريين المتقاعدين قمنا بمطالعة قانونية توصلنا من خلالها إلى أن مطلبنا الآن هو 40% مما كنا نتقاضاه قبل أزمة 2019،وأن يكون هذا المطلب ضمن مشروع قانون موازنة 2025 ليقر في مجلس النواب لكي يصبح قانونياً».
ويختم نادر قائلاً: «بعد تجاهل حكومة تصريف الأعمال لمطالبنا التي أعلمناها تفاصيلها عن طريق لجنة التواصل التي دائماً ما يتم التواصل معها باستمرار من أجل ملفاتنا،قررنا عرقلة أي جلسة لمجلس الوزراء يتم الدعوة إليها، ولكن لم يصدقونا وهذا ما تم العمل عليه قبل أن نعلم بأن هناك ثلاث وزراء استطاعوا الدخول قبل الساعة السادسة لأنه تم تأخير وصولنا بسبب الحواجز المتعمّدة من قبل الجيش ولكن بالرغم من هذا استطعنا تعطيل الجلسة،ما استدعى إلى أن يتم التواصل مع رابطة قدامى القوات المسلحة التي لا علاقة لنا فيها لا من قريب ولا من بعيد ولا تمثل أي عسكري متقاعد في أي مسعى تقوم به، أو إذا أردنا القول أنها تمثل فهي تمثل كما يمثل الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الشعب الفلسطيني، ولهذا السبب تم الإشتباك بيننا وبينه،وسنستمر في تعطيل الجلسات الحكومية، وخطواتنا القادمة لن تقف على هذا الحد لا بل ممكن اللجوء إلى قطع الطرقات وقد يكون حدود قطع الطرقات شاملاً قطع الطرقات الرئيسية في العاصمة أو حتى تسكير مداخل العاصمة ولكن طبعاً سنبلغ تحركتنا قبل البدء بها في حال لم تترك لنا السلطة السياسية سوى خيار الخطوات التصعيدية الموجعة».
المصدر: عبد الرحمن قنديل – اللواء