بدأ الحديث عن تحضير موازنة العام 2025، وهذا الأمر منطقي وعملي وبحسب مواعيده الدستورية. لكن قبل بدء الحديث عن الموازنة الجديدة، علينا التركيز والبتّ في النقاط المتعلّقة بموازنة 2024، خصوصاً حيال موضوعي تعويضات نهاية الخدمة، وإعادة تخمين الأصول. وهذان الموضوعان يُمكن أن يُعتبرا قنبلتَين موقوتتَين قد تنفجران في أيّ وقت.
إنّ موضوع تعويض نهاية الخدمة، كان مدرجاً في بعض بنود موازنة العام 2024، لكن من خلال الجلسة العامة، جرى نقاش حاد، بين بعض النواب، والجدل العقيم أوصل إلى تجميد وشلل هذا الموضوع الشائك. ومن ثم عُيِّنت لجنة مشتركة بين بعض الوزراء والنواب لإعادة درس هذا القانون بعمق، واقتراح بعض التعديلات في نهايته. لكن حتى الساعة، لا جديد في هذا البند العالق منذ سنة، وهناك ضياع تام بين الشركات والعمال، وحتى مع الضمان الاجتماعي الذي يُترجم ويُنفّذ القوانين بنظرته الخاصة.
إنّ هذا الموضوع الشائك، هو بالفعل قنبلة موقوته، لكن أيضاً كرة نار تُرشق من منصّة إلى أخرى، لأنّ لا أحد يريد اتخاذ أي قرار على عاتقه.
من جهة المنطق، إنّ الموظفين يطمحون إلى أن تصل إليهم تعويضات نهاية الخدمة، بحسب سعر الصرف الجديد، لتأمين لقمة العيش الكريم، بعدما خسروا أعمالهم ومداخيلهم ومدّخراتهم.
لكن في الوقت عينه، إذا نظرنا إلى الموضوع من زاوية الشركات الخاصة، فهي أيضاً خسرت كل ما دفعته، من التعويضات والاحتياطات للضمان الاجتماعي بالليرة اللبنانية، وخسرت أيضاً قيمة الاحتياط المالي الذي جمعته في المصارف اللبنانية، بهدف دفع كل حقوق موظفيها.
بمعنى آخر، خسرت نحو 98% من احتياط نهاية الخدمة، والإيداع الذي كان في حوزة الضمان الاجتماعي بالليرة اللبنانية، وخسرت أيضاً نحو 90% من إيداعاتها في المصارف اللبنانية. يعني من المستحيل تغطية هذه الخسائر لوحدها.
فتقنياً، إذا احتُسبت تعويضات نهاية الخدمة بحسب سعر الصرف الجديد، أو بالفريش دولار، على كل السنوات الماضية، لسوء الحظ وبأسف، لا يُمكن لأيّ شركة في لبنان تحمّل هذه الخسائر من كل إحتياطاتها ومدّخراتها لهذا الغرض منذ عشرات السنوات.
إذاً، هذا الموضوع شائك ومعقّد في حق الجانبَين، لأنّ لا أحد من الأفرقاء يستطيع تحمّل هذه الخسائر. أمّا الدولة فمرة أخرى تغسل يدَيها من كل مسؤولية، وتطمر رأسها في التراب كالنعامة، وتكمل طريقها كأنّ شيئاً لم يحدث.
الحل الوحيد هو في فتح حوار شفّاف ومنتج بين شركاء الإنتاج، للتوصّل إلى حل، يرضي الجانبَين بكل محبة وإحترام.
أمّا الموضوع الثاني، الذي تمّ التهرُّب منه، ومحاولة طمره، فهو مشروع إعادة تخمين وتقييم الأصول للشركات. فالمتفق عليه، كان بفرض ضريبة رمزية بنسبة 1,5% على إعادة تخمين الأصول للشركات الخاصة، وطَي هذه الصفحة الأليمة لإعادة النهوض والتطوير من جديد.
لكن يا للأسف، الدولة هنا أيضاً تتهرّب من مسؤولياتها، وتغلق عيونها وتصمّ أذنَيها عن المطالبات الشرعية والمنطقية للقطاع الخاص، وتحاول فرض ضريبة 15% على فارق التخمين بحسب سعر الصرف الجديد، وتحتسب الفارق كأرباح، والكل يعلم أنّ هذه أرباح وهمية للشركات، ولن تحصل.
في المحصّلة، إنّ هاتَين القنبلتَين الموقوتتَين هما كرتا نار تُرشق من منصّة إلى أخرى، من دون مسؤول ولا مسؤولية، ومن دون أيّ نية للاتفاق عليها وإقرارها بشفافية. فقبل الحديث عن موازنة 2025 على المشرّعين إعادة النظر في هذَين الموضوعَين العالقَين وحلُّهما من دون غالب ولا مغلوب، وذلك قبل أن ينفجرا في وجه الجميع، ويدفع ثمنهما مرة أخرى المواطن والقطاع الخاص. ويكون الرابح الأبرز السوق السوداء والأيادي السود التي تتحكّم أكثر فأكثر باقتصادنا الجديد.
المصدر: د. فؤاد زمكحل – الجمهورية
The Two Time Bombs: Why 2024 Budget Issues Could Affect the 2025 Budget
As preparations for the 2025 budget begin, it is essential to first address critical issues related to the 2024 budget. Two pressing concerns are emerging as potential time bombs: severance pay and asset revaluation. These issues could significantly impact both the public and private sectors.
Severance Pay Dilemma
Severance pay, a key item in the 2024 budget, has sparked intense debate among lawmakers. Despite its inclusion, discussions led to a deadlock, freezing this contentious issue. A special committee was appointed to reassess the law and propose amendments, yet no progress has been made for over a year. This unresolved matter has left companies and employees in limbo, with the social security system also struggling to implement relevant laws.
Employees are pushing for severance pay adjusted to the new exchange rate to support their livelihoods, following significant losses of jobs, income, and savings. Conversely, private companies face enormous financial losses, having lost around 98% of their severance reserves and 90% of their deposits in Lebanese banks. These companies are unable to absorb such losses, which means calculating severance pay based on the new exchange rate or fresh dollars is financially unfeasible.
Asset Revaluation Controversy
The second contentious issue is the proposed revaluation of assets for companies. Originally, a nominal tax of 1.5% was agreed upon for revaluing company assets. However, the government is now attempting to impose a 15% tax on the difference between the old and new valuations, treating it as profit. This approach is controversial, as these “profits” are largely illusory and unlikely to be realized.
Conclusion
Both of these issues, if left unresolved, could become explosive problems affecting the 2025 budget. The government’s reluctance to address these concerns transparently and effectively could lead to further economic instability. It is crucial for legislators to resolve these matters promptly and equitably to prevent further damage to the economy and to avoid exacerbating the divide between the public and private sectors. Failure to do so may result in increased corruption and a weakened economic state, ultimately harming the Lebanese people and businesses.
translated by economyscopes team