لا شك أن ما قبل «البيجرز» في لبنان ليس كما بعده، كأنما عقارب الساعة توقفت وباتت منتظرة توقيت أن تتحول الحرب الدائرة جنوبا إلى حرب مفتوحة لا ضوابط لها من بعد يوم «البيجرز»، الذي فتح سناريوهات جبهة الإسناد إلى سناريوهات واسعة غير متوقعة في الصراع مع اسرائيل ولا شك أن تداعيات هذه السناريوهات ستكون ثقيلة على اللبنانيين وربما أشد وطأة عليهم من السنوات السابقة وتحديداً من الإنهيار الإقتصادي نفسه الذي لا يزال قائماً، مما جعل اللبنانيين في حالة خوف وترقب مما هو قادم، فهل تطورات هذه الحرب ستعمق الإنهيار الإقتصادي أكثر؟
يذكّر الخبير الإقتصادي ايلي يشوعي أن أول نتيجة للإنهيار المالي والإقتصادي كان توقف الإستثمار في لبنان بسبب انهيار المصارف وبغياب المصارف آنذاك غابت القروض المصرفية، ومعها غاب الإستثمار وهذه كانت السقطة الإقتصادية الأولى للبنان، أما السقطة الثانية تزامنت مع هذه الحرب الدائرة في الجنوب، فبعدما انهيارت المصارف تحول لبنان إلى إقتصاد نقدي والإقتصاد النقدي من باب التعريف أمواله غير واضحة المصادر على الرغم من أن هناك أموالاً تأتي إلى لبنان، ولكن مع الحرب الدائرة في الجنوب هذا المصدر أيضاً بدأ بالتراجع فلم تعد التحويلات المالية مثلما سبق، أي أن لبنان لم يعد حتى يندرج ضمن الإقتصاد النقدي.
ويردف يشوعي قائلاً:«في السابق كنا إقتصاداً شبه طبيعي نتيجة المصارف والقروض والإستثمار، وسواها بالرغم من محدوديته بسبب السياسة النقدية التي كانت متبعة آنذاك والفوائد، ولكن بالرغم من ذلك وبسبب الأزمة الإقتصادية والحرب الدائرة جنوباً نضبت مصادر الأموال خصوصاً المصادر الخارجية لها باعتبار أنه لم يعد هناك تحويل أموال إلى لبنان كما كان سابقاً بغض النظر إذا كانت هذه الأموال نظيفة أم مشبوهة، إنما التركيز يتمحور حول الأموال بحد ذاتها».
ويؤكد أن هذا الأمر كله ينعكس على السيولة المتاحة أمام اللبنانيين، ففي وقت الإقتصاد النقدي كان العمل يندرج ضمن اطار هذا الإقتصاد ضمن سيولة تصل إلى 20 مليار دولار تقريباً ، بعدما كان لدينا في المصارف 185 مليار دولار، ولكن هذه السيولة كانت تشغّل اللبنانيين من دون استثمارات، أي أنها تسمح لأصحاب الشركات أن تبقى مستمرة حتى لو لم يتم تجديدها أو إحياء الإستثمار فيها، إنما سمحت لهم بالإستثمار في نهاية المطاف لتغطية أكلافهم التشغيلية بالحد الأدنى مع أرباح بسيطة، أي أمنت لهم الإستمرارية بمعزل عن الأسباب، ولكن في حال نضبت أيضاً مصادر الأموال النقدية من كل حدب وصوب حتى من الخارج نتيجة توسع الحرب وهروب الأموال من مناخ الحروب واللاستقرار والعنف فهذا سيجعل لبنان أمام أزمة حقيقية تتعلق بهذا الأمر.
ويشدد على أن مع هذه الحرب حتى هذه المصادر التي لا زالت توفر للبنانيين بعض مقومات الحياة ستندثر شيئاً فشيئاً، لذلك لبنان وصل إلى مرحلة الإختناق الإقتصادي الفعلي، وهناك بعض الشركات في الآونة الأخيرة نتيجة المنافسة غير الشرعية الموجودة للشركات التي تدفع الضرائب ورسوم الجمارك القيمة المضافة وسواها، وهذا ما يجعل لبنان يندرج في خانة الإقتصاد غير الشرعي وهذا ما يجعل الشركات الملتزمة تلجأ إلى تخفيف موظفينها لتخفيض حجم شركاتهم تمهيداً إما للإقفال أم الرحيل.
ويختم يشوعي قائلاً:«إن لبنان يسير بخطى ثابتة على طريق الإفقار باتجاه واحد، وهذه الحرب تأخذ لبنان بشكل دراماتيكي وسريع نحو هذا الإتجاه من دون إمكانية متوافرة لضمان طريق العودة عن هذه الحالة نحو حالة تعيد ضمان الإستقرار الإقتصادي، بسبب اهمال حكومة تصريف الأعمال لمعالجة الأزمة الإقتصادية من جذورها فلم تستطع إعادة هيكلة المصارف وحل أزمة مالية نتخبط فيها منذ خمس سنوات تقريباً».
ومن جهته يقول الخبير الإقتصادي لويس حبيقة أنه بغض النظر عن امكانية توسيع هذه الحرب من عدمها، ولكن بالإمكان تجنبها والإمكانية لا زالت قائمة بحكمة المسؤولين في لبنان بالتعاون مع الدول الصديقة والشقيقة للبنان، لذلك يجب تدارك الأمور لأن لبنان لا يستطيع تحمُّل تداعياتها.
ويردف حبيقة قائلاً:«أنه من الواضح أن العالم الغربي لا يريد الحرب ولا يسعى إليها، حتى أنه غير متحمس لقيامها، ومن الممكن أن يستفيد لبنان من هذا الأمر لتجنب مرارة الحرب، ولكن في حال فشلت السلطة القائمة في هذا الأمر فتداعيات الحرب ستكون كارثية لأن لبنان بلد صغير من خلال المساحة».
ويذكّر بأن وضع لبنان الإقتصادي هو منذ الأساس «تعيس» جداً، ولا زال الأمل موجوداً بتنفس إقتصادي في حال عادت حالة الإستقرار، ولكن مع الحرب الوضع سيصبح مغايراً، ففي حال قصفت اسرائيل أماكن أساسية ومهمة في لبنان كالمستشفيات في بيروت على سبيل المثال فالأمر سيصبح في غاية الصعوبة، من دون أن ننسى أن هناك أماكن لا زالت غير مرمَّمة منذ انفجار الرابع من آب وحتى يومنا هذا، لذلك الأمر سيكون كارثياً على لبنان في كل الإتجاهات سواء التعليمية أو الصحية أو تجارية وسواها».
ويشير إلى أن أهمية الخسائر المحتملة لهذه الحرب في حال توسعت وخرجت عن السيطرة من المفترض أن تدفع المسؤولين اللبنانيين، إلى التعجيل في وتيرة العمل الذين يقومون به وهذا الأمر غير واضح المعالم وغير قائم، ففي هذه الظروف من المفترض أن تكون سرعة الحكومة في المعالجة مضاعفة بعشرة أضعاف.
ويختم حبيقة قائلاً:«اللبناني ليس ساذجاً، وعلى الدولة اللبنانية أن توقف استخفافاً في عقله، وهذا الأمر يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار حتى لو سكت عن ممارساتهم، فاذا تم أخذ هذا الأمر في عين الإعتبار من الممكن تجنب الحرب وأن لا نصل إليها على الإطلاق، ويجب أن لا ننسى أن الناس ليس معها أموال لتدفع الأقساط المدرسية فكيف إذا تكلمنا عن أضرار هذه الحرب، وللأسف الدولة غائبة عن السمع واجراءاتها ليست على المستوى المطلوب، فتداعيات الحرب ستكون كبيرة وموسعة، ولم نشهد لحد هذه اللحظة إفلاسات مثلما هو متوقع، ولكن هذا ما سنلاحظه مستقبلاً لأن الإفلاسات لا نراها وقت الأزمة ولكن تتبيّن لاحقاً».
المصدر: عبدالرحمن قنديل – اللواء
#### Open War: Deepening the Economic Crisis in Lebanon
It is undeniable that Lebanon is undergoing a significant transformation following the events of “the Beigars.” It feels as though the clock has stopped, awaiting the possibility that the southern war could escalate into an unrestricted open conflict. These new dynamics in the struggle against Israel carry heavy repercussions for the Lebanese people, potentially more severe than the economic crises they have faced in the past, particularly in light of the ongoing economic collapse. A crucial question arises: Will the escalation of the war exacerbate the economic crisis in the country?
Economic expert Eli Yashoua highlights that the first consequence of the financial collapse was the halt of investments in Lebanon due to the failure of the banking system. With the absence of bank loans, investments fell through, marking the beginning of economic downfall. The second fall coincided with the ongoing war in the south, as Lebanon transitioned to a cash economy, indicating that the sources of money became unclear. As the war intensifies, this source has also begun to dwindle, resulting in decreased financial transfers.
Yashoua notes that Lebanon was experiencing a quasi-normal economy thanks to the banking system and investments, but now, amid crises, sources of money have diminished, directly impacting the liquidity available to the Lebanese. In a cash economy, liquidity was around $20 billion, whereas banks previously held $185 billion. Today, this liquidity has contracted, threatening the sustainability of companies and placing them in a real confrontation with financial crises.
He emphasizes that the continuation of the war will lead to the depletion of the sources that provide basic means of living for the Lebanese, resulting in genuine economic strangulation. Moreover, many companies may resort to downsizing their workforce due to unfair competition from non-compliant firms.
Yashoua stresses that Lebanon is moving steadily toward impoverishment, and this war could rapidly push it in that direction without hope for a return to economic stability, largely due to the caretaker government's neglect in addressing the crisis at its roots.
On the other hand, economist Louis Habib asserts that regardless of the possibility of the war expanding, there is still an opportunity to avoid it through the wisdom of Lebanese officials and cooperation with friendly nations. However, he warns that the repercussions of the war would be catastrophic, given Lebanon's small size.
He recalls that Lebanon's economic situation has been “dire,” and while there remains hope for a return to stability, the war could fundamentally alter the scenario. Targeting infrastructure, such as hospitals, could significantly worsen crises across all sectors.
Habib emphasizes that the government must expedite its efforts to address economic challenges, warning that Lebanese people are not naïve and should take matters seriously. Concerns persist about the deepening crisis and the potential for corporate bankruptcies, which may not yet be visible but could soon become a harsh reality.
translated by economyscopes team