ليست نظاماً مصرفياً أو ذراعاً تمويلية: مدّخرات القرض الحسن آمنة ومضمونة
قرّر الكيان الصهيوني أن استهداف مقرّ وفروع جمعية القرض الحسن هو تصعيد للعمليات العسكرية ضدّ حزب الله، باعتبار أن الجمعية تشكّل الذراع التمويلية للحزب. يستخدم العدو هذه الحجّة من أجل توسيع عملية التدمير والتهجير التي يقوم بها من خلال استهداف المدنيين والمنشآت المدنية. وهي ذريعة لا قيمة لها في ظل انعدام أي معلومة حقيقية عن الجمعية تربطها بتمويل الحزب.
معلومات العدو تشبه تلك التي بثّها مارسيل غانم من خلال سردية تقوم على الخفّة والدجل. قبل مارسيل، تطوّع كثيرون، وبينهم مصرفيون وإعلاميون للحديث عن الذراع التمويلية لحزب الله كما رواها دان قزّي ذات مرّة عبر قناة «الحرّة» الأميركية، لكن سرعان ما تبيّن جهلهم بآليات العمل الاجتماعي. بل كانوا يخدمون العدو، عمداً أو جهلاً. عدوّ كهذا، كان متوقعاً منه أن يحاول استهداف الجمعية للإيحاء بأن المدخرات لديها، من نقد وذهب، طارت بعد قصف الفروع التي جرى تخزين النقد والذهب فيها. إنما الواقع، أن هذه المدخرات، وكما هي التجربة من عدوان تموز 2006، آمنة ومضمونة.
ساذج من يظنّ أن جمعية القرض الحسن هي ذراع تمويلية لحزب الله، أو أنها نظام مصرفي خاص بالحزب. وجودها مرتبط أصلاً بغياب الدولة التاريخي عن فئات واسعة من السكان الفقراء، وهي أيضاً ملجأ للمضطهدين حول العالم، ولأولئك الذين يرفضون أن تخضع أموالهم لنظام ربوي يقدّر الفائدة كمصدرللربح. ولهذه الفئة الأخيرة، رَعَت الدول الرأسمالية إنشاء المصارف الإسلامية، بل ذهبت في اتجاه وضع قواعد للعمل اللاربوي، وأرست له سقوفاً وضوابط تراعي مصالحها حول العالم. أما مؤسسة القرض الحسن، فهي بدأت بتجربة بسيطة تحوّلت بمرور الزمن إلى قناة لرعاية شؤون فئة واسعة من اللبنانيين الذين ليس بالضرورة أن يكونوا من الطائفة الشيعية. وشكّلت الجمعية لهؤلاء مصدراً أساسياً للإقراض المضمون، وللادخار بلا ربى، ولعمليات التكافل الاجتماعي.
والجمعية لم تكن يوماً ذراعاً تمويلية لحزب الله، إذ إن حاجاته المالية أكبر بكثير من قدراتها، بل هي منفصلة عنه وإن كانت كانت تعمل في الفضاء العقائدي نفسه. أصل فكرة القرض الحسن ديني وترتبط بالتنظيم الاجتماعي. لذا، لا تعمل الجمعية بغاية الربح، بعكس المصرف أو الشركة المالية التي لا تبغى سوى الربح. وآليات عملها في الإقراض لا تشبه آلية العمل المصرفية، بل هي مختلفة جداً.
والجمعية تكشف سنوياً عن حجم القروض الذي قدّمته وعن برامج الدعم الاجتماعي التي تنفذها بعكس خطوات حزب الله التي تتوخى العمل السرّي.
وجود القرض الحسن مرتبط أصلاً بغياب الدولة التاريخي عن فئات واسعة من الفقراء
تعمل جمعية القرض الحسن بأكثر من طريقة؛ في مسالة الإيداع، هي ليست مصرفاً، أي أن المودع يودع أمواله أمانة لديها، وبالتالي لا يترتب عليه أي مخاطر تجاه هذا الإيداع مثل تلك التي تترتب على المصارف. وفي مسألة الاقتراض، فإنه يتم بشكلين أساسيين: الاقتراض المضمون بالذهب، والاقتراض المضمون بالوديعة. وبهذا المعنى، فإن الإقراض الذي تقوم به في السوق لا يخلق المال كما تفعل المصارف، وهذه نقطة أساسية في الاختلاف عن العمل المصرفي إلى جانب مخاطر الإيداع.
أيضاً، أصدرت الجمعية برامج ادخارية، كأن تشتري الذهب بالتقسيط وفق آلية تقنية تعتمد على تسديد أقساط شهرية مقابل ما يسمّى «ذهب رمل» وعندما يحتاج المشارك في هذه الآلية إلى تسييل الذهب، يمكن بيعه أو الحصول على حصّته من الادخار كلما أصبحت تساوي «أونصة» مثلاً.
هذه الجمعية تعمل بواسطة التكافل الاجتماعي، فإما أن التكافل يكون بين الجمعية والمقترض الذي يملك ذهباً، وإما تكون بين المقترض وبين مودع وتكون الجمعية قناة بينهما ولا تضمن أياً منهما. أي أن التوافق والثقة بين المقترض والمودع هما الأساس لحصول عملية القرض، والجمعية لا تضمن للمودع ردّ أمواله، بل تدير هذه العملية، وهذه نقطة ثالثة تجعلها في بُعد غير ربحي أو غير نفعي. لذا، فإن الجمعية مقابل إدارة هذه الآلية تحصل على رسوم إدارة زهيدة جداً وتأخذ رسماً على تخزين الذهب، زهيد جداً أيضاً، مقابل كفالة إعادته سالماً.
المصدر: محمد وهبة – الأخبار
Al-Qard Al-Hassan Association: Secure Savings Amid Military Threats
In light of the escalating Israeli military operations, the Israeli entity has decided to target the headquarters and branches of the Al-Qard Al-Hassan Association, claiming that it serves as a financial arm for Hezbollah. This assertion represents a significant escalation aimed at broadening the scope of destruction and displacement, targeting civilians and civilian facilities. However, this argument lacks any tangible evidence linking the association to financing the party.
The enemy's information resembles that circulated by Lebanese media, such as that presented by Marcel Ghanem, which relies on misleading narratives. Despite numerous attempts by bankers and journalists to link the association with Hezbollah, the reality reveals their ignorance of social work mechanisms. These allegations, whether deliberate or due to ignorance, serve the enemy's efforts to target the association and convince people that its cash and gold savings have been lost following the bombing. Yet, the truth, as demonstrated by past experiences such as the July 2006 aggression, is that these savings remain safe and secure.
It is naive to believe that the Al-Qard Al-Hassan Association acts as a financial arm for Hezbollah or operates as a private banking system for the party. The association originated in the context of the historical absence of the state in supporting impoverished segments of society, positioning itself as a refuge for the oppressed who refuse to have their money subjected to a usurious system. Capitalist countries have supported the establishment of Islamic banks and non-usury work systems, whereas the Al-Qard Al-Hassan Association began as a simple initiative and quickly evolved into a channel for supporting Lebanese citizens, regardless of their sect, providing them with guaranteed loans and interest-free savings, along with social solidarity operations.
The association cannot be considered a financial arm of Hezbollah, as the party's financial needs far exceed its capacities. Instead, the association operates within a framework of religious principles linked to social organization, differing entirely in its operational mechanisms from the profit-driven banking system.
The association annually publishes reports revealing the volume of loans provided and the social programs it implements, unlike Hezbollah, which tends to operate in secrecy.
The existence of the association is fundamentally linked to the historical absence of the state for broad segments of the poor. It operates in several ways; in terms of deposits, it is not a traditional bank, meaning that depositors do not bear financial risks like those associated with banks. In terms of borrowing, it occurs through two main types: gold-backed loans and deposit-backed loans.
In this manner, the lending provided by the association does not create new money, as banks do, which is a fundamental distinction in its nature of operation. The association has also launched savings programs that allow participants to purchase gold in installments, enabling them to liquidate their savings whenever they acquire an equivalent of an “ounce” of gold.
The association relies on the principle of social solidarity, connecting borrowers with depositors without guarantees, making trust between the two parties the foundation of the process. Therefore, the association does not guarantee the return of funds to the depositor; rather, it merely manages the process, rendering it non-profit. In exchange for managing these operations, the association charges very minimal administrative fees and low storage fees for gold, reflecting its non-profit nature.
Translated by economyscopes team