الدولة تحت مِجهَر تعديل الموازنة… وشروط «الحساب 36»
التقط رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان «راس خيط» الخطة المالية الواجب تسطيرها لمقاربة الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على لبنان، والتي تقدَر وفق أرقامها الأوّليّة بـ20 مليار دولار حتى اللحظة… ليُعلن اليوم أن «موازنة العام 2025 أُعدت في بداية الحرب، وبالتالي فإن إيراداتها ونفقاتها قد تخطتها نتائج هذه الحرب، لذلك المطلوب من الحكومة استردادها وإعادة النظر في بنيَتها وأرقامها ومؤشراتها المالية في أسرع وقت للأخذ في الاعتبار أولويات لبنان، من نزوح واستشفاء وطبابة وغيرها».
الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف الدكتور سمير حمود يتقاطع مع رأي كنعان في وجوب إعادة النظر في مشروع موازنة 2025 في ضوء التطورات الأمنية الخطيرة التي تُنذِر بنفقات طارئة تستدعي تعزيز احتياطي الموازنة لتلبيَتها…
ويقول حمود لـ«المركزية»: صحيح أن لبنان يمرّ في وضع غير طبيعي حيث الحرب تقضي على الحجر والبشر، لكن ذلك لا يعني إطلاقاً أن تستقيل الدولة من دورها في كل إداراتها! بل عليها أن تتحمّل مسؤولياتها في الاتجاهات كافة، على رغم الضغط الذي ترزح تحته جراء تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان. حتى أن التوقعات في إعداد موازنة العام 2025 تعكس الواقع الصعب وغير الطبيعي الذي نعيش. هنا يكمن الهامش الكبير في احتياطي الموازنة الذي يُخصَّص للأمور الطارئة… إذ في حال برزت أي حاجة طارئة مُلحّة تستطيع الحكومة عندئذٍ وبالطريقة القانونية، استعمال احتياطي الموازنة لصرف المال المطلوب.
ويكرّر التأكيد أنه «على رغم كل ما يمرّ به لبنان اليوم، في إمكان مجلس النواب إعادة مناقشة مشروع الموازنة مع إخضاعه لتغيّرات كبيرة تُحاكي النفقات الطارئة والظروف المعقّدة، وبالتالي لم يعد جائزاً إبقاء مشروع الموازنة نسخة طبق الأصل عما قدّمته وزارة المال قبل اندلاع الحرب، بل يجب أن يكون أكثر واقعية إن في بند الجباية أو في بند الإنفاق».
ويُضيف: إذا كان هناك من عجز، فمن الممكن استعمال الفائض عن العامين 2023 و2024. وفي حال وجود عجز حقيقي يمنع الموازنة من تحقيق أهدافها وأرقامها، عندها يصبح أي قسم قطعه مصرف لبنان أو غيره لجهة الاستدانة والاقتراض، يخضع لحق الدولة في تحريرها من أي قيود في هذه الحالة… لأن استمرارية المرافق العامة والدولة بشكل عام كما استمرارية الحياة والبلد، هي فوق كل الاعتبارات.
«هاجسنا جميعاً في لبنان من دون استثناء، تحقيق الشفافية والتزام التدقيق المحاسبي…» يشدد حمود، «فوزير المال يشهد له الجميع بنظافة كفّه، كما أن أحداً لا يشك في وجود أي نية لدى رئيس الحكومة والوزراء كافة، بانتهاز هذه الفرصة السوداوية للقيام بأي عملية ينخرها الفساد لا سمح لله. وهذا لا يعني أن الناس ستكون مطمئنة بالكامل، خصوصاً أنها تفقد ثقتها بأن أي إنفاق عاماً لن يفتح باب الفساد على مصراعَيه!»، مؤكداً أن «الدولة حريصة اليوم أكثر من التفكير في الاستدانة، على أن يكون التدقيق المالي والإنفاق تحت المِجهر».
ويستخلص في السياق، «وجوب إعادة النظر في مشروع موازنة العام 2025، والتحلي بالواقعية والموضوعية في رسم الجباية لأن الأخيرة لا تنعدم إنما التحصيل لا يكون كاملاً، بل سيتحقق ذلك خلال السنوات المقبلة. من هنا لا نعوّل على أن حجم الجباية هذا العام سيكون كبيراً، إنما الإنفاق سيكون كبيراً جداً. وهنا على الحكومة أن تحتاط للإنفاق غير المتوقَع خصوصاً في ظل الأزمات المستعِرة، وبالتالي أن تجهّز احتياطاً كبيراً يُحاكي أي طارئ».
وعن كيفية المقاربة بين العجز الكبير المتوقَع في الموازنة والاحتياجات الملحّة التي تستدعيها الحرب القائمة، فيحدّدها حمود «بإجراء اتصالات موسّعة والسعي الحثيث إلى تأمين بعض المساعدات التي يمكن أن تردم هذه الهوّة الكبيرة». ويرى أن «حجم الإنفاق الطبيعي للدولة ليس الهَمّ في حدّ ذاته، نظراً إلى التقلّص الملحوظ في قيمة المصاريف لا سيما في الرواتب والأجور! لكن في المقابل حافظت الجباية على سعر صرف 89 ألف ليرة بما أدّى إلى تحسّن كبير في قيمة الواردات، الأمر الذي يوفّر إلى حدّ ما القدرة على تغطية النفقات العادية من الجباية ولو كانت الأخيرة ضعيفة… ويبقى الإنفاق غير العادي وغير الطبيعي الناتج عن الحرب، يجب تغطيته إما من الفائض أو الاتجاه إلى تفعيل المساعدات والدعم المادي من الخارج…».
«الحساب 36» وشروط صرفه
في المقلب الآخر، يُجيب حمود على التساؤل عما إذا كان يحق للدولة التصرّف في الحساب الرقم 36 لدى مصرف لبنان، فيقول: إنه حساب مصرفي بَحت، وهو ملك الدولة وبالتالي لها حرية الإنفاق منه ولكن بشرط أن يكون هذا الإنفاق وفقاً لبنود الموازنة وضمن قانون الإنفاق. وفي حال كان الرصيد في هذا الحساب كبيراً، فذلك لا يعني أن للدولة الحق في إنفاقه كما تريد… فالفائض في الحساب الرقم 36 ناتج عن الجباية وبالتالي لا يُسمَح للدولة باستعماله إذا أرادت الإنفاق من خارج الموازنة. أما إذا أرادت ذلك تنفيذاً لبنود الموازنة التي وافق عليها مجلس النواب، فعندها يحق لها الإنفاق من الحساب 36 ولا يجوز عندئذٍ لمصرف لبنان اعتراضها…
بالتعاون مع «المركزية»
المصدر: المركزية – Lebeconomy News
Lebanese State and the 2025 Budget Revision: Facing Challenges Amidst Current Conditions and “Account 36” Spending Rules
Planning a Budget Aligned with Lebanon’s Emergency Needs
Ibrahim Kanaan, Chairman of the Finance and Budget Committee, highlighted that the 2025 budget was initially prepared before the onset of the Israeli war on Lebanon. Given current estimates, with losses reaching approximately $20 billion, he emphasized the need for the government to reclaim and revise the budget to address Lebanon’s new priorities, including emergency healthcare and crisis management related to displacement.
Financial Experts’ View on the Budget
Dr. Samir Hammoud, former head of the Banking Control Commission, agreed with Kanaan on the need to revise the 2025 budget. He highlighted the importance of bolstering budget reserves to cover unforeseen expenses. Hammoud also called on Parliament to make significant adjustments to the budget, allowing flexibility to handle urgent expenses in the revenue and expenditure sections.
Sustaining the State Amid Financial Pressures
Despite the extraordinary situation, Hammoud stressed the state’s responsibility to maintain operations across all sectors. He urged the government to utilize budget reserves to address essential spending, while revisiting revenue and expenditure estimates in light of current circumstances.
Commitment to Transparency and Financial Auditing
Hammoud underscored the importance of transparency and financial auditing, noting that the Finance Minister and the cabinet are committed to ensuring transparency in all spending operations to prevent misuse of the current crisis. He emphasized the need to uphold public confidence through rigorous auditing to ensure that all expenditures adhere to legal and transparent standards.
Financial Planning Amid Budget Deficit
If the budget faces a true deficit, Hammoud suggested utilizing the surplus from 2023 and 2024. He also mentioned the possibility of seeking international assistance to cover unusual expenses resulting from the emergency situation.
Conditions for Spending from “Account 36”
On whether the state can use funds from Account 36 at the Lebanese Central Bank, Hammoud explained that this account is state-owned and may be used under specific conditions. Any spending must align with the budget framework and adhere to approved spending laws. He clarified that this account is derived from revenue collection, and the state cannot use it for expenses outside the budget without parliamentary approval.
Translated by economyscopes team