إحتياط لبنان من المشتقات النفطية يكفي لأسبوعين
مع كل يوم يمر يزداد العدوان الصهيوني على لبنان ضراوة، مما يعكس عمق الأزمات التي انهكت البلاد على كافة الأصعدة، وأكثر الأزمات استعصاء في تاريخ لبنان هي أزمة الكهرباء، فالحكومات المتعاقبة عجزت منذ تسعينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا عن تأمين إنتاج كاف من الطاقة الكهربائية، وتفاقمت المشكلة بشكل كبير عام 2019 مع بداية الأزمة المالية وما تلاها من أزمات عالمية، إشارة إلى أزمة كورونا، وصولا إلى أزمة مخيمات النازحين من بلدان الجوار، واليوم لبنان وسط حرب ضروس تأكل الأخضر واليابس دون رحمة او رادع.
فقطاع الكهرباء المتعثر او المعثر عن سابق تصور وتصمم، يعد باباً أساسياً لاستنزاف مالية الدولة، وللتذكير عجز الكهرباء بين عامي 1995 و2010، أي خلال 15 عاماً، سجل 11 مليار دولار. أما المفاجأة فهي أنه ما بين العامين 2010 و2020 سجل عجز كهرباء لبنان 32 مليار دولار أي بارتفاع ثلاثة اضعاف خلال مرحلة أقل، وما ادراك ما يمكن صنعه بمثل هكذا مبلغ خيالي لقطاع واحد في بلد بحجم لبنان من حيث المساحة، وتتولى الدولة إدارة “مؤسسة كهرباء لبنان” منذ ٣٠ سنة، وطوال هذه المدة مارست النهج ذاته القائم على المحاصصة والفساد وسياسة الترقيع بدلاً من اتخاذ اجراءات جذرية.
ومن منا لا يذكر صفقة البواخر المرفوضة من قبل الوزير السابق جبران باسيل الذي رفضها منذ البداية وفجأة تمسك بها وبشدة وتم الاتكال عليها بالرغم من وجود معامل كانت قادرة على إنتاج ما تقدمه البواخر، إضافة إلى تنصلها من إنشاء الهيئة الناظمة “هيئة تنظيم قطاع الكهرباء” التي ينص عليها القانون رقم ٤٢٦ الصادر عام ٢٠٠٢، التي تأخذ الطابع الرقابي، ومن مهامها وفق المادة ١٢ من هذا القانون “إصدار وتجديد وتعليق وإلغاء التراخيص والأذونات”، إضافة إلى صلاحيات تحديد تعرفة الكهرباء والإشراف على خصخصة القطاع، إلا أن كل من توالى من المعنيين على إدارة هذا القطاع تقاعس عن إنشاء الهيئة، وتمكنّت وزارة الطاقة من الاستيلاء على صلاحياتها طول هذه المدة، وبالتالي لا من حسيب ولا من رقيب.
وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض وضع خطة لقطاع الكهرباء و وعد البنك الدولي بتحقيق شرط إنشاء الهيئة الناظمة، إلا أنه لغاية الآن لم يحصل ذلك وبالطبع لأسباب سياسية ولرغبة أحدهم في جعل هيئة تنظيم قطاع الكهرباء مثل هيئة إدارة قطاع البترول أي من دون أي فعالية وجعلها هيئة ذات طابع إستشاري وليست ذات طابع رقابي خوفاً من كشف المستور.
الدولة فشلت مرارا وتكرارا في تأمين الطاقة الكهربائية على مدار السنوات الطوال مهددة بالعتمة الشاملة مرارا و تكرارا بسبب الفساد و السمسرات والتذاكي والاستجداء، فأزمة الكهرباء في لبنان المتجددة منذ ربع قرن، يشهد قطاعها اليوم حالة طوارئ لتسريع عمليات الإصلاح وإعادة التيار الكهربائي إلى المناطق المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي المستمر، بأسرع وقت ممكن، وزيادة ساعات التغذية للمناطق الحيوية والمراكز التي تستضيف النازحين ومراكز الإيواء بحسب مصدر من وزارة الطاقة مؤكداً أن “الوزارة بالتعاون مع شركة كهرباء لبنان تبذل أقصى جهودها لضمان استمرارية التغذية الكهربائية قدر الإمكان، رغم الأضرار التي لحقت ببعض المنشآت والبنى التحتية” مشيراً إلى “التزام وزارة الطاقة بمواصلة العمل على الحفاظ على استمرارية الخدمات الأساسية، مثل مطار بيروت والمرفأ، إضافة إلى محطات المياه والمستشفيات، والإدارات الخدماتية للدولة رغم الصعوبات التي يفرضها العدوان”.
منظمة “هيومن رايتس ووتش” أصدرت تقريراً في آذار من العام الماضي تحت عنوان “كأنك عم تقطع الحياة.. تقاعس لبنان عن ضمان الحق في الكهرباء”، أكدت أن الانقطاعات المتكررة والشاملة للتيار الكهربائي تنتهك حق سكان لبنان في الحصول على الكهرباء وتؤثر في حقوقهم الأساسية، مشيرة إلى أن العقود الطويلة من السياسات غير المستدامة والإهمال الفادح، التي تعكس هيمنة النخبة على موارد الدولة وفساد المصالح الخاصة، أدت إلى انهيار قطاع الكهرباء بالكامل في ظل الأزمة الاقتصادية المستمرة، هذا الوضع ترك البلاد دون كهرباء لساعات طويلة خلال اليوم، مما عمق معاناة المواطنين وزاد من حدة الفقر وعدم المساواة.
لبنان يواجه مشكلة طويلة الأمد، فالوزير فياض يعمل جاهداً لاستمرار هذا القطاع خلال الحرب التدميرية على لبنان ولو بحلول مؤقتة ، حيث أكد أن “توافر المحروقات مرتبط باستدامة استقدام البواخر عبر البحر إن لناحية المحروقات المخصصة للنقل أو للتدفئة أو للقطاعات الحيوية وعلى رأسها الكهرباء، لذلك نعول على الديبلوماسية اللبنانية وجهود الدول الشقيقة والصديقة للإبقاء على هذا الشريان الحيوي مفتوحاً ومنع العدو “الإسرائيلي” من فرض أي نوع من أنواع الحصار علينا وفي الوقت الحالي يملك لبنان بطريقة متواصلة احتياطات لحوالى أسبوعين من المشتقات النفطية في كل القطاعات وهي تتجدد دورياً مع وصول الشحنات”.
إذا ما دام لا يوجد حصار بحري على لبنان، فإن إمدادات الوقود مستمرة، والبواخر تصل بانتظام لتأمين الديزل والفيول، لكن ماذا لو تم الحصار البحري وفرض كما البري الذي فرض باستهداف المعابر البرية من قبل العدو الذي لا يوفر طريقة إن كانت شرعية أم غير شرعية للوصول إلى أهدافه التدميرية وخصوصاً أن لا قانون دولي يردعه أو يمنعه؟ وأشار وزير الطاقة إلى أن “لبنان يحظى بدعم من العراق في قطاع الطاقة، اذ يتم التنسيق مع الحكومة العراقية والمسؤولين عن الملف اللبناني وتعمل الحكومة على تمديد الاتفاقية مع العراق، التي تقضي بتزويد لبنان بزيت الوقود الثقيل، ويأمل لبنان في تمديد الاتفاقية لسنة إضافية على الأقل وزيادة الكمية إلى مليوني طن”، مؤكداً إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان أصبحت قادرة على تمويل مصروفاتها ودفع مستحقاتها للمتعهدين والمشغلين ومقدمي الخدمات، بالإضافة إلى شراء المحروقات والشروع في الوفاء بديونها.
وتتداول بعض وسائل الإعلام العراقية عن تزايد التساؤلات في العراق، حول الحكمة من تعميق العلاقة الاقتصادية غير المتوازنة مع لبنان في وقت تواجه فيه بغداد تحديات اقتصادية وأمنية، وتشير التوقعات إلى أنه في حال عدم تجديد العقد حول النفط الذي انتهى في آب 2024، بين العراق ولبنان، فقد يواجه لبنان انهياراً غير مسبوق في تاريخ البلاد على مر العصور.
مستقبل غامض يواجه البلاد، فإذا طالت الحرب الهمجية على لبنان من قبل العدو الإسرائيلي وفرض الحصار “لا سمح الله”، سيغرق لبنان في العتمة الشاملة بعد نفاد المخزون، مما يؤدي إلى شلل تام في الحياة اليومية في جميع أنحاء البلاد، وترمي القطاعات الحيوية الى الموت بدءاً من المطار والموانئ، وصولاً إلى مضخات المياه وشبكات الصرف الصحي ناهيك بالمستشفيات.
تجدر الإشارة إلى أن حجم خسائر العدوان الاسرائيلي على لبنان في قطاع الكهرباء والطاقة والمياه بلغ نحو 480 مليون دولار، موزعة كالآتي: 320 مليون دولار خسائر في قطاع الطاقة ونحو 160 مليون دولار في قطاع المياه بحسب التقديرات الأولية التي كشف عنها الوزير فياض.
المصدر: ربى أبو فاضل – الديار
Lebanon's Oil Derivatives Reserves Are Sufficient for Two Weeks: The Electricity Crisis and Israeli Aggression on Lebanon
With each passing day, the Israeli aggression on Lebanon intensifies, reflecting the depth of the crises that have exhausted the country on all fronts. One of the most stubborn crises in Lebanon’s history is the electricity crisis, as successive governments since the 1990s have failed to secure adequate electricity production. The problem became even more acute in 2019 with the onset of the financial crisis, compounded by global crises, including the COVID-19 pandemic and the refugee camps from neighboring countries. Today, Lebanon finds itself in the midst of a devastating war that spares nothing.
The Electricity Crisis: Accumulation of Failure and Corruption
Between 1995 and 2010, Lebanon’s electricity sector registered a deficit of approximately $11 billion, with this deficit rising to $32 billion between 2010 and 2020—three times the amount in a shorter period. Despite these alarming figures, the electricity sector remained subject to political quotas and administrative corruption, preventing any fundamental solutions. The problems escalated with questionable agreements such as the floating power plants deal, which was initially rejected by former Minister Gebran Bassil but was later adopted despite the existence of local plants capable of providing the same output.
Absence of the Regulatory Authority and the Corruption of the Ministry of Energy
Since 2002, the Lebanese law (Law No. 426) called for the establishment of an “Electricity Regulatory Authority.” However, successive governments ignored this law, allowing the Ministry of Energy to seize the authority’s powers, without any oversight or accountability. Despite promises by the current Minister of Energy, Walid Fayyad, to establish the regulatory authority under the auspices of the World Bank, this project has not been realized, reflecting the political and financial challenges facing Lebanon.
Israeli Aggression and Its Impact on the Electricity Sector
The ongoing war waged by the Israeli entity against Lebanon has caused significant damage to vital infrastructure, including electricity networks. Despite these damages, Minister of Energy Fayyad confirmed that the ministry is working tirelessly to restore electricity to affected areas, prioritizing vital areas like the airport and hospitals. In cooperation with Electricité du Liban, the ministry is striving to restore power as quickly as possible, despite the damage to certain infrastructure.
Energy Supplies: A Persistent Crisis and the Effects of Israeli Aggression
In addition to the ongoing economic pressures, Lebanon faces additional challenges due to Israeli aggression. Minister Fayyad confirmed that energy supplies remain ongoing but are primarily dependent on the availability of fuel, which is imported by ships. He noted that Lebanon is relying on diplomatic efforts with friendly and brotherly nations to ensure continued fuel flow through the sea, and stated that Lebanon currently has reserves sufficient for approximately two weeks, which are replenished regularly with incoming shipments.
Iraqi Support and Future Threats
Iraq plays a significant role in supplying Lebanon with fuel, as the Lebanese government coordinates with Iraq to extend an agreement for providing heavy fuel oil. While Iraq is facing its own economic challenges, the economic relationship with Lebanon remains vital under these circumstances. However, if this support were to be cut off or the contract not renewed, Lebanon may face an unprecedented collapse in its energy sector.
Future Scenarios: Will Lebanon Face Total Blackout?
If Israeli aggression continues and the sea routes are blocked, Lebanon could face a total blackout, leading to a complete paralysis of all vital sectors, including airports, seaports, water pumps, sewage systems, and hospitals. In such a scenario, Lebanon would likely face a severe humanitarian crisis, with the suspension of essential services.
Israeli Aggression Losses in the Electricity, Energy, and Water Sectors
According to initial estimates, the losses in Lebanon’s electricity, energy, and water sectors due to Israeli aggression amount to approximately $480 million, including $320 million in the energy sector and $160 million in the water sector. These figures add further complexity to the current situation.
Translated by economyscopes team