يوسف الخليل: الإيرادات تتراجع والأولوية للإغاثة…
ما إن استعادت الخزينة اللبنانية بعض التوازن المالي إثر الأزمة الاقتصادية والمالية التي حلت بالبلاد نهاية عام 2019، حتى جاء العدوان الإسرائيلي ليقوض المخزون المالي الذي جمعته وزارة المال طيلة الفترة الماضية. وبعدما كان همّها زيادة الإيرادات بغية تحسين الأوضاع المعيشية لموظفي القطاع العام وتسديد ديون لبنان الخارجية وتعزيز الوضع المالي والنقدي، أصبحت الأمور الإغاثية وكل ما يتعلق بمقومات الصمود من الأولويات التي تحرص الخزينة على إيلائها العناية.
تعمل وزارة المال منذ بدء الحرب في تشرين الأول (أكتوبر) 2023 على مراقبة الإيرادات ومقارنتها بالإنفاق الذي تحرص على أن يكون بحسب الأولويات، آخذة في الاعتبار المخاطر المقبلة، وغياب فرصة التمويل من مصادر أخرى. وسمحت منهجية الإدارة المركزية المتأنية بالإنفاق بتكوين رصيد ليكون في مقدور اللبنانيين الصمود أكثر، بعدما أصبح مؤكدا أن لا موعد محددا لانتهاء الحرب.
ولكن هل هذا الرصيد كاف؟ وإلى متى؟
يؤكد وزير المال يوسف الخليل لـ”النهار” أن “الوزارة تحاول قدر الإمكان المحافظة على الأرصدة المجمعة في حسابات الخزينة، ليكون في الإمكان تغطية الحاجات الضرورية، في ظروف صعبة لم تعد تسمح بإدخال إيرادات كبيرة. حاليا، مخزون الخزينة يكفي لصرف الرواتب والأجور وتأمين الإغاثة للمستشفيات ومجلس الجنوب والهيئة العليا للأغاثة وغيرها من الأولويات. وكلما طالت الحرب زاد الخطر على قدرة الخزينة على تأمين التمويل اللازم، من دون طلب دعم من الخارج. الأمر متوقف على الفترة الزمنية التي يمكن أن تنتهي فيها الحرب ونسبة الإيرادات التي قد تدخل الخزينة، فكلما طالت فترة الحرب استُنزف الرصيد أكثر. والأخطر هو استهداف المرفأ والمطار كما حصل عام 2006 حيث توقفت الإيرادات”.
ما يشغل وزارة المال حاليا هو مصادر التمويل، باعتبار أن الدولة لا يمكنها اللجوء إلى الأسواق الخارجية للحصول على قروض. من هنا تأتي أهمية زيادة الإيرادات وفق الخليل، الذي يقول إن “ثمة فارقا كبيرا بين الحرب اليوم وحرب 2006. يومها، استطاعت الدولة إصدار سندات يوروبوند. أما حاليا فلا نستطيع ذلك، على خلفية الأزمة التي نتجت من تعليق تسديد استحقاق سندات الدين البالغة مليارا ومئتي مليون دولار في آذار 2020”.
سداد الديون الخارجية
عام 2023، بعد توقيع مشروع الموازنة، ومع بدء الإجراءات الإصلاحية والشروع في الدولار الجمركي، بدأت الخزينة تستعيد إمكاناتها التمويلية، فباشرت وزارة المال اعتبارا من أول 2024 سداد الديون للمقرضين من صناديق ومؤسسات دولية، ولكن عندما تفاقمت الحرب منذ أيلول (سبتمبر) الماضي “أصبحت الوزارة في وضع ترقب للإيرادات ومدى مواءمتها الإنفاق المستجد. وتبعا لذلك، أرسلنا كتبا إلى المقرضين من مؤسسات وصناديق عربية ودولية، نبلغهم فيها أن لبنان لن يستطيع سداد مستحقاته في موعدها، وطلبنا تأجيل الدفعات المستحقة، وعدم تغريمنا بسبب التأخير، عبر تفهم وضع لبنان، باعتبار أن أولوياتنا للإغاثة”.
إلى ذلك، ومع الأخذ في الاعتبار أنه لن تدخل الخزينة أي هبات أو مساعدات نقدية من الخارج أو من مؤتمر باريس، يأمل وزير المال من المجتمع الدولي أن يأمر بالتعجيل في صرف الأموال التي خصصت للبنان “بغية تمكين الدولة من توجيه الأموال التي تؤمنها للإغاثة إلى دعم الاستقرار المالي، حتى لا نقع في تجارب التضخم المريرة التي وقعنا فيها في الأعوام الأخيرة. فالرصيد الذي كونته الخزينة أخيرا ساهم في مساعدة مصرف لبنان على المضي بسياسة استقرار سعر الصرف”.
الإيرادات والنفقات بالأرقام؟
حتى شهر تشرين الأول (أكتوبر) كانت الإيرادات جيدة، وخصوصا أن غالبيتها من الجمارك، ولكن حاليا، بما أن غالبية البضائع وصلت الى المرفأ، ثمة تخوف من عدم استيراد بضائع جديدة إذا بقي الوضع على حاله، لذا فإن التوقعات بإيرادات أكبر قد تكون غير واقعية.
والحال أن الإيرادات في أكتوبر جاءت بأقل بـ 30% مما كنا توقعه. ولكن على الرغم من كل ذلك، لسنا في مرحلة الخطر، ونعمل ما في وسعنا لعدم استنزاف الرصيد”.
في حين كان من المتوقع أن يتخطى الفائض مليار دولار منذ أول السنة حتى نهاية أكتوبر، لولا الحرب الإسرائيلية على لبنان، بلغت الإيرادات نهاية الشهر الفائت نحو 3.3 مليارات دولار (نقدا)، فيما بلغت النفقات نحو 2.7 ملياري دولار (نقدا). بما يعني أن الفائض بلغ نحو 600 مليون دولار (نقدا). أما الإيرادات بالدولار الأميركي فتبلغ نسبتها 10% من مجموع إيرادات الخزينة، بمعدل 30 مليون دولار نقدا شهريا.
بالنسبة إلى النفقات، فإن أكثر من 45% منها للرواتب والأجور، والنسبة المتبقية تتعلق بنفقات لوزارة صحة والمستشفيات الحكومية، ومساعدات اجتماعية وطبية ومدرسية للعسكريين وموظفي القطاع العام، ومجلس الجنوب والإغاثة، وبلديات، ووزارة الأشغال، ووزارة الشوون الاجتماعية، وقروض وفوائدها مستحقة للخارج.
المصدر: سلوى بعلبكي – النهار
Youssef Khalil: Revenue Decline and Relief Efforts Take Priority Amid Israeli Aggression
Lebanese Treasury Faces Financial Strain Amid War
As Lebanon’s treasury began to regain financial stability following the 2019 economic crisis, the Israeli aggression disrupted the progress, jeopardizing the financial reserves accumulated by the Ministry of Finance.
While the ministry’s prior focus was on boosting revenues, improving public sector conditions, and repaying foreign debts, the current priority has shifted to relief efforts and essential survival needs.
Expenditure Management Amid Limited Revenue
Since the war erupted in October 2023, the Ministry of Finance has been meticulously monitoring revenue and managing expenditures to prioritize critical needs. However, with the prolonged conflict and potential targeting of key infrastructure like ports and airports, the risks to Lebanon’s financial stability are escalating.
Minister Khalil emphasized that the treasury’s current reserves are sufficient to cover salaries and emergency relief, including funding for hospitals, the South Council, and the High Relief Commission. Yet, the sustainability of this approach heavily depends on external support and the war’s duration.
Funding Sources: A Tight Liquidity Crisis
Customs revenues remain Lebanon’s primary source of income, but war-induced disruptions in imports have led to a 30% drop in October revenues compared to earlier projections.
Khalil highlighted the stark contrast between the current war and the 2006 conflict, noting that the state can no longer issue Eurobonds due to the 2020 debt default. The ministry has notified international lenders of its inability to meet debt payments and requested deferred deadlines without penalties.
Revenue and Expenditure: Key Figures
Despite the challenges, Lebanon’s treasury managed to achieve a $600 million cash surplus by the end of October 2024:
- Revenues: $3.3 billion in cash.
- Expenditures: $2.7 billion in cash.
- USD-based Revenue: Represents 10% of total revenues, averaging $30 million monthly.
- Expenditure Breakdown: 45% allocated to salaries, with the remainder directed toward healthcare, education, relief efforts, and debt servicing.
International Support Needed Urgently
Minister Khalil appealed to the global community to expedite the disbursement of pledged funds, stressing their importance in preventing a new inflation crisis and supporting Lebanon’s financial stability amid the ongoing conflict.
Transated by economyscopes team