الحكومة تلجأ إلى البنك الدولي لإعادة الإعمار
تفوق كلفة إعادة إعمار الوحدات السكنية المتضررة حتى الآن الـ 9 مليارات دولار… والرقم يرتفع مع تواصل الحرب. الحكومة لا تملك هذه الأموال وتتطلع إلى التعاون مع البنك الدولي، وتطمح إلى تعاون طهران معها.
مع ارتفاع منسوب التفاؤل في انتهاء الحرب ووقف إطلاق النار، يكثر الحديث عن “اليوم التالي”، وتحديداً عن كيفية إعادة زهاء 1.4 مليون لبنانيّ نازح إلى منازلهم، وكذلك إعادة إعمار بيوتهم التي تضرّرت وتهدّمت، وتفوق تكلفتها الـ9 مليارات دولار حتى الآن.
في هذا الملف، لا بدّ من التفريق بين الخسائر والأضرار، التي لا يتوقّف عندها البعض غالباً. فبينما الخسائر لدى إسرائيل أكبر من تلك في لبنان نتيجة حجم الاقتصاد الإسرائيلي الضخم (نحو 525 مليار دولار) مقارنة مع اقتصاد لبنان (لا يتعدى الـ 20 مليار دولار)، فإن الأضرار التي خلّفها القصف الإسرائيلي على القرى والمدن اللبنانية لا يقارن بتلك الأضرار الإسرائيلية.
لا أرقام رسمية دقيقة
لكن وفي معزل عن ذلك، يمكن القول إنّ الخسائر والأضرار في الداخل اللبناني ما زالت حتى اللحظة غير واضحة. ولا يمكن معرفتها بشكل دقيق إلا بعد وقف إطلاق النار. لأنّ معاينة الأضرار وإحصاءها بحاجة إلى الكشف على المناطق المتضررة التي يصعب زيارتها اليوم. لكن من المؤكد أنّ الخسائر والأضرار سوف تزيد عن 10 مليارات دولار.
وبينما ترمي وزارة الاقتصاد أرقاماً عشوائية لا تميّز بين المصطلحين (الخسائر والأضرار) وتقدّرها بلسان الوزير أمين سلام بقرابة الـ 20 مليار دولار، بدا لافتاً تبنّي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأرقام الصادرة عن تقرير البنك الدولي الأخير حول لبنان، وذلك خلال حضوره القمة العربية في السعودية. ميقاتي كشف نقلاً عن تقرير البنك الدولي في حينه، أنّ قيمة تلك الخسائر والأضرار تُقدر حتى اللحظة بنحو 8.5 مليارات.
وكان البنك الدولي قدّر في تقرير الأضرار المباشرة في لبنان بنحو 3.4 مليارات دولار، وبينما اعتبر أنّ الخسائر الاقتصادية هي قرابة 5.1 مليارات دولار، في حين قالت الأمم المتحدة إنّ 1.4 مليون شخص في لبنان اضطروا إلى النزوح. وسط حديث عن تضرّر 100 ألف وحدة سكنية. مع العلم أنّ هذه الوحدات السكنية أعدادها آيلة إلى الارتفاع مع كل يوم تستمر فيه الحرب الإسرائيلية المدمّرة.
تقييم الأضرار مرتبط بنوعية الأسلحة
أمّا عن تكلفة بنائها، فيكشف خبراء بناء متخصّصون في هذا القطاع، وسبق أن عملوا في مجال إعادة الإعمار لـ “نداء الوطن”، أنّ سعر المتر المربع الواحد تراوح كلفته بين 400 و800 دولار. وهذا الفرق في الأرقام يعود إلى حجم الأضرار في التربة ومتطلبات التدعيم من أجل إعادة البناء، لأنّ استخدام الصواريخ المخصّصة لاختراق التحصينات، تتسبّب بضرر كبير بالتربة، تجعل إعادة التدعيم أكثر كلفة وتعقيداً.
إذا اعتبرنا أنّ معدّل سعر بناء المتر الواحد هو قرابة 600 دولار، وحجم الوحدة السكنية يراوح بين 100 و200 متر مربّع، أو ما معدله 150 متراً مربّعاً، فهذا يعني أنّ إعادة بناء الوحدات الـ100 التي تحدّث عنها البنك الدولي في تقريره، كلفتها 9 مليارات دولار. وهذا طبعاً قبل الحديث عن الأضرار الأخرى مثل أضرار المؤسسات والمحال التجارية والبضائع نتيجة الحرب، التي تفوق قيمة المنازل بأضعاف، وكذلك دون الحديث عن الأضرار في البنى التحتية مثل شبكات المياه والكهرباء والإنترنت.
الحكومة و”صندوق” البنك الدولي
في ظلّ هذه الأرقام، ثمة سؤال يُطرح: من أين سيأتي لبنان بهذه الأموال؟ هل الدولة تملك هذا الرقم للتعويض على المتضررين؟ ماذا عن “حزب الله”؟ وهل ستصدق إيران بوعودها وبأيّ شروط؟ هل ستدخل المساعدات الإيرانية عبر الأقنية الشرعية والقانونية أم أن سيناريو العام 2006 سيتكرّر؟
يقول الأمين العام الجديد لـ “حزب الله” نعيم قاسم إن الحزب ملتزم بالتعويض وإعادة الإعمار من دون أن يكشف المزيد من التفاصيل. لكن ثمة معلومات تتواتر وتفيد بأنّ مؤسسة “جهاد البناء” العائدة للحزب تجري المسوحات المطلوبة (قدر المستطاع) من أجل تقدير الأضرار.
أما الحكومة اللبنانية، فالكل يعلم أنّها لا تملك هذا المبلغ. كما أن مصرف لبنان سبق وحذّر من اعتماد الحكومة على ما يملكه من احتياطيات، مؤكداً أنّ الحكومة بذلك تكون كمن ينفق مما لا يملك.
وعليه، يبدو أن الحكومة تعلم هذه الحقيقة جيداً. تعرف أنّ إعادة الإعمار لا تحصل إلا بمساعدة دولية، وغالباً هذه المساعدات سوف تكون مشروطة بتنازلات سياسية لا مكان لذكرها هنا.
إن استشهاد الرئيس ميقاتي بأرقام البنك الدولي يوم تحدّث في السعودية خلال القمة العربية لم يأتِ من عبث، أو من عدم ثقة ميقاتي بوزارة الاقتصاد، إذ يبدو أنّ لميقاتي هدفاً خلف هذا الأمر.
تكشف معلومات واسعة الاطلاع لـ “نداء الوطن”، أنّ رئاسة الحكومة تحضّر لإطلاق صندوق تعويضات بالتعاون مع البنك الدولي، وذلك تحت مسمى Multi Donor Trust Fund.
إيران شريك للدولة أم لـ “حزب الله”؟
هذا الصندوق الذي تنسّق من أجل إطلاقه الحكومة مع البنك الدولي، يُفترض أن تودع فيه جميع الهبات والمساعدات الدولية. كما أنّ البنك سيكون هو الجهة المسؤولة عن آليات الإنفاق، وذلك من أجل منح تلك العملية الثقة المطلوبة لتشجيع الدول على المساعدة.
كما تقول مصادر في الحكومة مطلعة على تفاصيل هذا الملف، إنّ لبنان سيحاول إشراك إيران بهذا الصندوق من أجل تلافي أيّ أزمة تخصّ العقوبات على إيران. بمعنى آخر، فإنّ “المال النظيف” لا بدّ أن يدخل بواسطة الأقنية الرسمية اللبنانية وتلك الدولية.
تشير المعلومات كذلك إلى أنّ إيران أكدت إلى الجانب اللبناني بأنّ لا مانع لديها من التعاون مع البنك الدولي… فهل ستصدق طهران بهذا الأمر، وبالتالي تكون شريكاً، إلى جانب المجتمع العربي والدولي، في إعادة الاعتبار لـ “منطق الدولة” المفقود على يدها وسواعد أذرعها؟ علينا الانتظار.
المصدر: عماد الشدياق – نداء الوطن
Lebanon Turns to the World Bank for Reconstruction Aid
The cost of rebuilding damaged housing units in Lebanon has already exceeded $9 billion and is expected to rise as the war continues. The government, facing a severe financial crisis, lacks the resources to fund this reconstruction and is looking to collaborate with the World Bank while exploring potential cooperation with Iran.
The Cost of Reconstruction and Financial Challenges
As optimism grows regarding the end of the war and a potential ceasefire, discussions are intensifying about the “day after,” focusing on the return of 1.4 million displaced Lebanese to their homes and the reconstruction of destroyed properties. It is estimated that over 100,000 housing units have been damaged, with reconstruction costs exceeding $9 billion and expected to rise further.
Differentiating Between Losses and Damages
It’s crucial to distinguish between:
- Damages: The direct costs of rebuilding destroyed infrastructure.
- Losses: Long-term economic impacts resulting from disrupted economic activities.
While Israel’s economic losses may outweigh those in Lebanon due to its larger economy (approximately $525 billion compared to Lebanon’s $20 billion), the physical destruction in Lebanon caused by Israeli airstrikes is significantly greater.
Unclear Figures Amid Escalation
The exact scale of losses and damages remains uncertain, as assessments are challenging without access to affected areas. However:
- The Minister of Economy has suggested total losses may exceed $20 billion.
- Prime Minister Najib Mikati, citing a World Bank report, estimated damages at $8.5 billion.
World Bank and UN Estimates:
- Direct damages: $3.4 billion.
- Economic losses: $5.1 billion.
- Displacement: 1.4 million Lebanese displaced, with 100,000 housing units affected.
Reconstruction Costs: A Breakdown
Construction experts estimate the cost of rebuilding each square meter ranges between $400 and $800, depending on the extent of damage and the need for soil reinforcement caused by high-impact weaponry.
- Average cost per square meter: $600.
- Typical housing unit size: 150 square meters.
- Total cost for 100,000 housing units: $9 billion.
This figure excludes the cost of damaged infrastructure, businesses, and other economic losses, which are expected to be significantly higher.
Funding Options: The World Bank and Iran
The World Bank:
The Lebanese government is in advanced discussions with the World Bank to establish a Multi-Donor Trust Fund, designed to manage international donations transparently and instill confidence among global donors.
Iran:
The government is also seeking Iran’s involvement in the fund, aiming to channel Iranian aid through official and international mechanisms to circumvent sanctions-related complications.
While Iran has expressed willingness to cooperate, doubts remain about its commitment to adhere to the conditions set by the World Bank and the international community.
The Path to Reconstruction: Scenarios and Challenges
- Financial Shortfalls: The government lacks the resources to compensate for damages.
- Political Concessions: International aid will likely come with demands for political reforms.
- Global Confidence: The success of the reconstruction fund hinges on the government’s ability to ensure transparency.
Conclusion
Rebuilding Lebanon requires extensive international collaboration and political stability to secure consistent funding. While there is hope in the World Bank and potential Iranian contributions, financial and governance challenges remain significant obstacles to progress.
Translated by economyscopes team