8،2 مليارات دولار فائض «حقيقي» في ميزان المدفوعات؟
بحسب ما ورد في نشرة بنك بيبلوس عن مصرف لبنان، فإن ميزان المدفوعات حقّق فائضاً كبيراً في سنة 2024 يبلغ 8.2 مليارات دولار، وإن مصدره الأساسي هو مصرف لبنان. في الواقع، هذا الفائض يُعدّ وهمياً، لأنه مستقى من تغييرات محاسبية لا تعكس الواقع، إذ إن ميزان المدفوعات، كما ينشره مصرف لبنان، يمثّل صافي الأصول الأجنبية في لبنان وقد جرى تضمينه حسابات متغيّرة بشكل دائم مثل أسعار كميات الذهب المحمولة من مصرف لبنان وأسعار السندات الخارجية التي تخضع لمتغيّرات دائمة في الأسعار.
في الواقع، سبق أن قام رياض سلامة بهذه الممارسات. ورغم أن خروجه من المصرف أرسى نوعاً من الشفافية في حسابات مصرف لبنان وميزانيته، إلا أن هذه الخطوة التي أظهرت وجود فائض ضخم وهمي في صافي الأصول الأجنبية لا تندرج في هذا الإطار بمقدار ما يمكن تصنيفها ضمن ممارسات سلامة. ومع أن المصرف المركزي يتذرّع بمعايير صندوق النقد الدولي، إلا أن النتيجة مُضلّلة للمؤشّر الوحيد الذي كان يمكن الاعتماد عليه ليعبّر عن ميزان المدفوعات.
عملياً، غيّر مصرف لبنان في طريقة احتسابه للأصول الأجنبية التي يعدّها في هذا الحساب، بناءً على توصيات صندوق النقد الدولي. الجزء الأكبر من الفائض المذكور كان مصدره مصرف لبنان الذي حقّق فائضاً بنسبة 7.4 مليارات دولار في التغيّر بالأصول الأجنبية. وبحسب بنك «بيبلوس»، قال مصرف لبنان إنه بدأ بإدراج الذهب النقدي والأوراق المالية الأجنبية لغير المقيمين التي يحتفظ بها مصرف لبنان والعملات الأجنبية والودائع لدى البنوك المراسلة والمنظّمات الدولية، كجزء من أصوله الأجنبية. العامل الأكبر الذي أثّر في حسابات مصرف لبنان هو التغيّر في سعر الذهب عالمياً، والذي أصبح مصرف لبنان، بمعاييره المحاسبية التي بدأ يعمل بها منذ بداية السنة، يُدخلها في حسابات التغيّر في أصوله الأجنبية.
ومن الجدير بالذكر، أن سعر الذهب ارتفع بين بداية السنة الجارية ونهاية شهر تشرين الأول بنحو 35%، إذ بدأ سعر كيلو الذهب السنة بسعر 66200 دولار، وفي نهاية شهر تشرين الأول كان قد بلغ 89650 دولاراً. وهذا الأمر أسهم في ارتفاع قيمة الذهب النقدي الذي يمتلكه مصرف لبنان. يملك مصرف لبنان نحو 287 طناً من الذهب في احتياطاته، ما يعني أن قيمة هذا الذهب ارتفعت من نحو 19 مليار دولار في بداية السنة إلى 25.7 مليار دولار في نهاية شهر تشرين الأول، أي إن التغيّر في الأصول الأجنبية لمصرف لبنان بسبب الذهب أعطى المصرف فائضاً بقيمة 6.7 مليارات دولار، وهو يمثّل 90% من إجمالي فائض مصرف لبنان بالأصول الأجنبية في عام 2024، التي بلغت 7.4 مليارات دولار.
هذا يعني أنه، لا يمكن الاعتماد على التغيّر في صافي الأصول الأجنبية كمؤشّر لميزان المدفوعات، إذ إن جزءاً كبيراً من هذا التغيّر هو بسبب محاسبي، فكلما ارتفع سعر الذهب عالمياً، سيظهر هذا الأمر في حساب التغيّر في صافي الأصول الأجنبية في مصرف لبنان، وهو عملياً لا يعني أن الاقتصاد اللبناني حقّق ربحاً أو فائضاً في ميزان المدفوعات. أصلاً، رقم 8.2 مليارات دولار فائض في ميزان المدفوعات هو رقم خيالي بالنسبة إلى الاقتصاد اللبناني، فهو يمثّل نحو 37% من الناتج المحلّي الإجمالي، ما يعني أن اقتصاد لبنان تخطّى مرحلة التعافي وأصبح في مرحلة النمو، وهو أمر بعيد كل البعد عن الواقع. والتفسير أن هذا الرقم هو بسبب محاسبي، يوضح الأمور أكثر وأكثر.
لكن ما هو السبب الذي يجعلنا نتخذ التغيّر في صافي الأصول الأجنبية كمؤشّر عن ميزان المدفوعات؟ الجواب هو: لأن مصرف لبنان لم يكن يقدّم رقماً دقيقاً عن ميزان المدفوعات، والرقم الذي كان يقدّمه كان متلاعباً به. اعتمد من يعمل في المجال الاقتصادي على رقم بديل، يحاكي ميزان المدفوعات. هذا الرقم هو التغيّر في صافي الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي (الذي يضم مصرف لبنان والمصارف).
$8.2 Billion “Real” Surplus in Lebanon's Balance of Payments?
According to a report from the Bank of Byblos about the Lebanese Central Bank, the balance of payments achieved a significant surplus of $8.2 billion in 2024, with its primary source being the Central Bank itself. However, this surplus is considered illusory because it comes from accounting adjustments that do not reflect reality. In fact, the balance of payments published by the Central Bank represents the net foreign assets in Lebanon, which includes continually changing factors like the prices of gold held by the Central Bank and the value of foreign bonds, which are subject to constant price fluctuations.
In fact, these practices were previously adopted by Riad Salameh. Even though his departure from the Central Bank brought a certain level of transparency to its accounts and balance sheets, the large fictitious surplus in net foreign assets is more about accounting practices than real financial gains. While the Central Bank justifies its approach using the standards of the International Monetary Fund (IMF), the result is misleading for the sole indicator that could be relied upon to reflect the balance of payments.
In practice, the Lebanese Central Bank changed the way it calculates foreign assets in its balance of payments based on IMF recommendations. The bulk of the reported surplus came from the Central Bank, which recorded a $7.4 billion surplus in foreign asset changes. According to the Bank of Byblos, the Lebanese Central Bank has started including gold, foreign securities for non-residents, foreign currencies, and deposits in correspondent banks and international organizations as part of its foreign assets. The largest factor affecting the Central Bank's accounts was the change in global gold prices, which, under the new accounting standards implemented at the start of the year, are now included in the foreign assets adjustments.
It is worth noting that the price of gold rose by about 35% from the beginning of the year to the end of October. At the start of the year, the price of a kilogram of gold was $66,200, and by the end of October, it had reached $89,650. This contributed to an increase in the value of the gold holdings of the Lebanese Central Bank. The Central Bank holds about 287 tons of gold in its reserves, meaning its gold value rose from around $19 billion at the beginning of the year to $25.7 billion at the end of October. Therefore, the change in the Lebanese Central Bank's foreign assets due to gold accounted for a surplus of $6.7 billion, representing 90% of the total foreign assets surplus of $7.4 billion in 2024.
This means that the change in net foreign assets cannot be relied upon as an accurate indicator of the balance of payments. A significant part of this change is due to accounting methods. Every time gold prices rise globally, it shows up as a change in the Central Bank’s foreign asset accounts, which in reality does not mean that Lebanon's economy achieved a profit or surplus in its balance of payments. The reported surplus of $8.2 billion in the balance of payments is a fictitious number relative to the Lebanese economy, representing about 37% of the GDP. This suggests that Lebanon's economy has moved past the recovery stage and entered growth, which is far from the reality. The fact that this figure is due to accounting practices clarifies matters further.
So why is the change in net foreign assets considered an indicator of the balance of payments? The answer is simple: because the Central Bank had not provided an accurate figure for the balance of payments, and the numbers it did release were manipulated. Economists have relied on an alternative number to approximate the balance of payments. This number is the change in net foreign assets in the banking sector (which includes the Central Bank and commercial banks).
Translated by economyscopes team
المصدر: الأخبار