يرتفع حجم النقد المصدر في لبنان شهرياً على نحو بات يتجاوز السقوف المسموح بها، بالمقارنة مع ما يملك مصرف لبنان من نقد أجنبي وذهب.
وقد أناط قانون النقد والتسليف بمصرف لبنان دون سواه امتياز إصدار النقد (المادة 47 من القانون). وتبعاً لنص المادة 69، فعلى المصرف أن يبقى في موجوداته أموالاً من الذهب ومن العملات الأجنبية التي تضمن سلامة تغطية النقد توازي 30 في المئة على الأقل من قيمة النقد الذي أصدره، وقيمة ودائعه وتحت الطلب، على أن لا تقل قيمة الذهب والعملات المذكورة عن 50 في المئة من قيمة النقد المصدر.
وحسب أرقام “الدولية للمعلومات”، ارتفع النقد المصدر من 3284 مليار ليرة في نهاية العام 2011، إلى 29450 مليار ليرة نهاية العام 2020. أي بارتفاع مقداره 26116 مليار ليرة، ونسبته 796 في المئة. وحصل الارتفاع الكبير منذ أيلول 2019 وحتى نهاية العام 2020، وبلغ نحو 1656 مليار ليرة كمتوسط شهري.
وتبلغ الودائع تحت الطلب حالياً 45834 مليار ليرة، وبذلك تصل الودائع تحت الطلب والنقد المصدر إلى 75284 مليار ليرة. وبما أن مصرف لبنان لا يملك احتياطياً خاصاً من العملات الأجنبية، وما لديه من هذه العملات المقدر بـ16 مليار دولار هي ودائع المصارف. وتبقى التغطية الوحيدة للنقد هي الذهب، الذي تبلغ قيمته حالياً نحو 24 ألف مليار ليرة، أي ما يمثل نسبة 32 في المئة من الودائع تحت الطلب ومن النقد المصدر. وبالتالي، فإن مصرف لبنان قد تجاوز السقف المحدد (30 في المئة على الأقل). وعليه، لا يمكنه الاستمرار في إصدار النقد.
وفي حال اعتبار ودائع المصارف كاحتياطي يضاف إلى الذهب ترتفع النسبة 64 في المئة من الودائع والنقد المصدر، ما يسمح للمصرف بالاستمرار بإصدار النقد.
وهذا ما يفسر تمسّك حاكم مصرف لبنان بالإبقاء على نسبة 15 في المئة كاحتياطي من العملات الأجنبية لديه، للاحتفاظ بالقدرة على إصدار المزيد من النقد، والذي سيزيد من التضخم وارتفاع الأسعار. ولكنه يُعتبر أمراً ضرورياً لاستمرار تمويل الدولة، وإلا حصل العجز والإفلاس وعدم تمكن الدولة من دفع الرواتب والأجور والنفقات الأساسية الأخرى.