كتب عمر حبنجر في “الأنباء الكويتية “:
مع احتواء مجلس القضاء الأعلى لأزمة النائبة العامة لجبل لبنان غادة عون بإعادتها الى المسار المؤسساتي، من خلال إحالة القاضية المحسوبة على الفريق الرئاسي الى التفتيش القضائي، ودعم قرار النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، بعزلها عن الملف المالي، أو ما يوصف بـ«التدقيق الجنائي الذاتي»، تبدد غمام هذه «القنبلة الدخانية» كما وصفها أحد الخبراء المصرفيين، اخفاء للاختلاف الكبير حول ترسيم حدود المياه الجنوبية، والذي هو جزء من معوقات تشكيل الحكومة، ليظهر أصل المشكلة وأساسها، بجلاء تام وهو الحكومة العتيدة تركيبة ومنهجا.
ورب قائل، ان القاضية عون لم ترفع الراية البيضاء، بعد، وانها مازالت متمسكة بالملفات المالية، التي هي شأن المدعي العام المالي علي ابراهيم، لكن المصادر القضائية أكدت أمس أن المشكلة عادت الى اساسها السياسي، اي الى تشكيل الحكومة التي وصل رئيسها المكلف سعد الحريري الى الفاتيكان اليوم الخميس، ليلتقي البابا فرنسيس، متمسكا بلاءين حاسمتين: لا ثلث معطلا لأي طرف، ولا حزبيين ضمن الحكومة، في حين يرى التيار الحر، انه مادام الحريري خارج البلد، فلا داعي للحديث عن الحكومة، فيما اعتمد ثنائي حزب الله ـ حركة أمل، مبادرة الرئيس نبيه بري، القائلة بحكومة من 24 وزيرا، لا ثلث معطلا فيها لأي طرف.
مصادر أمل، أكدت ان الجانبين العربي والأميركي، في اشارة الى وزير خارجية مصر، سامح شكري ومساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل، اللذين زارا بيروت تباعا، أظهرا الدعم للمبادرة، لكن في المقابل، لايزال التيار الحر يعلن انه لا يريد المشاركة في الحكومة، ثم يسأل لماذا لا يتواصل سعد الحريري معه؟
أما مصادر التيار، فتقول ان ما يسمى بمبادرة بري، لم تطرح بصورة علمية، انما اقتصر الحديث عنها في وسائل الاعلام، وترد مصادر أمل بأن المبادرة واضحة، ولماذا لم يعلنوا موقفهم منها، انهم يريدون من بري ان يطرح مبادرته ليرفضوها انسياقا مع سياساتهم الكيدية.
المصادر المتابعة، رأت أن عرقلة مرسوم ترسيم الحدود البحرية في الجنوب بين خط وآخر، ومساحة وأوسع، جعلت من الصعوبة بمكان تشكيل الحكومة في أوائل مايو كما كان مطروحا، ارتباطا بعزم اسرائيل الشروع بالحفر، في المنطقة موضوع النزاع في العشرين منه، ويبدو أن المهل الخارجية للتشكيل، مددت إلى نهاية مايو، حيث بدا أن ثمة معادلة زمنية ضاغطة، تجعل من وقف دعم السلع الضرورية، من جانب مصرف لبنان والذي حدده الحاكم رياض سلامة في نهاية الشهر عينه، لا يمكن الرجوع عنه إلا بقرار من حكومة جديدة فاعلة.
وهكذا تصبح المعادلة: اما ان تشكلوا الحكومة، وإلا يتوقف البنك المركزي عن دعم السلع، وعلى المعرقلين تحمل عواقب جنون سعر الدولار، على القواعد الشعبية.
وقال البطريرك الماروني بشارة الراعي، في افتتاح مؤتمر استثنائي للبطاركة المطارنة الكاثوليك، نريد حكومة تعيد الهيبة للدولة، وتحرر القضاء من السياسيين.
وفي هذا السياق، غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قائلا: «يبدو ان الصراع الاقليمي يشتد على لبنان الامر الذي يجعل الديكة المحليين يتقاتلون غير مبالين بسمعة المؤسسات وحرمتها. وفي هذا المجال فانه من الواجب تحصين الجيش وتحييده ودعمه ماديا ومعنويا والخطوة الاساس تكون في وقف الدعم للتجار وتخصيص البطاقة التموينية للمواطن قبل ان يغرق الهيكل».