كتبت زيزي اسطفان في “نداء الوطن”: “كان واضحاً لمن يتابع عن كثب الوضع الاقتصادي في لبنان وتناقضاته انه يسير برجليه نحو الانهيار. وقد حذّر جهاد الحكيّم استاذ استراتيجيات الاستثمار في الأسواق العقارية في الجامعة اللبنانية الأميركية منذ العام 2016 مما سيؤول إليه الوضع العقاري وتحدث عن الانهيار القادم بالتاريخ والأرقام إذ تبين له منذ ذلك الحين أن سعر 3 شقق سيوازي في سنة 2020ثمن شقة واحدة سابقاً. وعاد في العام الماضي ليحذّر من ان لبنان متجه خلال العام 2021نحو مفهوم جديد مؤلم وقاس هو “العقار مقابل الطعام” حيث يعمد الناس الى بيع أراضيهم وعقاراتهم لتأمين معيشتهم اليومية بعد ان فقدت مدخراتهم ولم تعد وظائفهم تلبي حاجاتهم اليومية.
ظن بعضهم، أنه يستطيع تهريب أمواله من المصارف وإجراء استثمار رابح عبر شراء العقارات ودفع ثمنها بواسطة شيك مصرفي، لكن تبين أن ذلك كان تفكيراً خاطئاً وفي غير توقيته المناسب ومن آثر ان يشتري عقاراً بواسطة شيك مصرفي قد خسر مرتين بحسب الحكيّم الذي سبق له أن نصح كل من يملك دفعة أولى لشراء شقة سكنية موجودة كأصول في لبنان او الخارج أن يتريث قليلاً في الشراء لأنه سيصبح قادراً في ما بعد على أن يشتري بقيمتها شقة. ففي سنة واحدة بين 2020 و 2021 وبالعملة الحقيقية تراجع سعر الشقق من 2.5 الى 3 مرات للعقارات الفخمة كما انخفض سعر الشقق العادية منذ 2016 حتى اليوم بين 4 و6 مرات.
وإذا أردنا التكلم بالأرقام يمكن القول أن الشقة التي كانت تباع بـ 300000 دولار بات سعرها اليوم بالعملة الحقيقية حوالى 60000 الى 70000دولار. وبات من يملك الدولار الحقيقي اي الـ”فريش موني”وليس الدولار المسجون في المصارف والذي بات أقرب الى الوهم منه الى الحقيقة، قادراً على شراء بين 4 و6 شقق بسعر الواحدة.
أسباب تراجع العقار
الأزمة المصرفية على ما يبدو ستطول وتطول معها أزمة القطاع العقاري الذي يحتاج الى وقت حتى ينتعش ويستعيد عافيته من جديد وفق ما يقول جهاد الحكيّم الأستاذ المحاضر في الأسواق والمؤسسات المالية في الجامعة الأميركية. فالطلب على العقار يأتي من ثلاث جهات أساسية: من الخليجيين وهم لم يعودوا مهتمين بالشراء في لبنان، من المغتربين وهم بغالبيتهم باتوا حاقدين على لبنان الذي أكل اموالهم وجنى عمرهم، ومن الداخل المتخم بالمشاكل: فمن كان قادراً على شراء العقار وُضعت اليد على مدخراته، ومن كان موظفاً لم تعد وظيفته تعطيه المردود الكافي الذي يمكّنه من شراء عقار أما القروض السكنية المدعومة وغير المدعومة فتوقفت وتراجع بذلك الطلب على العقار وازداد العرض وتراجعت الاسعار.
وبعيداً عن الأزمة المالية خلقت أزمة كورونا واقعاً جديداً سوف يكون على القطاع العقاري في العالم التعايش معه وفق حكيّم ؛ فقد صار جزء كبير من العمل والتبضع عن بعد ما سوف يترك محلات ومتاجر ومولات ومكاتب وأماكن عمل فارغة ما سيضيف الى الأزمة العقارية ويساهم في انخفاض اسعار العقارات أكثر فأكثر. أما إنسانياً فثمة عامل سوف تظهر نتائجه لاحقاً وهو الهجرة الجماعية للشباب حيث ان أغلبهم لم يعد يفكر بالزواج وشراء المنزل الموعود في لبنان ما يخفف أيضاً من الطلب على المساكن والشقق. من هنا يبدو أن ازمة العقار مرشحة للاستمرار حتى العام 2025 بأقل تقدير حتى ولو حصل انفراج سياسي لارتباطها بازمة المصارف وانعدام الثقة بالمنظومة القائمة”.
المصدر: لبنان 24