الليرة السورية واللبنانية.. انحدار مزدوج نحو الجحيم

يبدو أن إيقاف انهيارات الليرة في سوريا ولبنان، التي يفلس بسببها العديد من مواطني البلدين، بات من المستحيل مع تواصل الانحدار في العملتين، وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية لتشكل فصول قصة كارثية على وشك الحدوث.

أسباب الانهيار المزدوج في الليرتين السورية واللبنانية حددها الكاتب هنري معمارباشي في تقرير نشرته صحيفة “أوريون 21” (Orient XXI) الإلكترونية ومقرها فرنسا، بجفاف مصادر الدخل، وعجز عام متعدد وسحيق، وغياب الحوكمة -إن لم نقل غياب الحكومة-، وفساد منتشر، ونزاعات إقليمية.

ففي الحالة اللبنانية، اعتبر الكاتب أن النظام في بيروت مغال في الليبرالية، وفاسد حتى النخاع وبالطبع موال للغرب، أما في سوريا، فهو ميال أكثر إلى التخطيط مع نوع من التحول إلى الليبرالية -والفساد أيضا- خلال العقود الأخيرة، قبل أن تدمر الحرب التي اندلعت عام 2011 كل شيء.

خلفت هذه الحرب التي دامت عقدا من الزمن جروحا عميقة لا يمكن أن تلتئم بدون مساعدات دولية هائلة؛ لكن هذه المساعدات غير متاحة بسبب العقوبات المالية والاقتصادية الغربية.

ولئن سلك لبنان وسوريا مسارين مختلفين، فهما يشتركان في نقاط عديدة، فللعائلات اللبنانية أقارب سوريون، والعكس صحيح، وقد ساهمت عائلات سورية ثرية في تطوير قطاع مصرفي لبناني كان مزدهرا لمدة طويلة، وأقيمت روابط في قطاع الصناعة، وفي بداية الألفية الثانية، استحوذت البنوك اللبنانية على أسهم، أو أنشأت فروعا تابعة لها في سوريا، حيث بدأ القطاع المالي يعرف تحريرا خجولا.

ويجب التذكير أيضا بأن البلدين كانا يتقاسمان العملة نفسها قبل أن ينشئ لبنان عملته بعد استقلاله في 24 يناير/كانون الثاني 1948، وانقطعت بعد ذلك جميع الروابط القانونية مع قوى الانتداب الفرنسي ومع سوريا، كما قامت الأخيرة بدورها بإلغاء الاتحاد الجمركي بين البلدين عام 1950.

الوضع اللبناني
في لبنان، وعلى الرغم من ارتباطه رسميا بالدولار (بسعر1507 ليرات للدولار الواحد قبل الأزمة) كضمانة للاستقرار، لم تتوقف الليرة عن الانحدار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019 لتصل إلى أدنى المستويات في الأسواق الموازية، ويبلغ انخفاضها حاليا 90%، إذ يصل سعر الصرف في السوق السوداء إلى 15 ألف ليرة للدولار الواحد (مقابل 9800 في يوليو/تموز 2020)، ولا أحد يدري متى سيتوقف هذا الانهيار، لا سيما أن البلاد بدون حكومة منذ أغسطس/آب، كما أدى الانفجار في مرفأ بيروت إلى تدمير حي بأكمله في العاصمة، وإلى استقالة حكومة كانت مكلفة بالشروع في إصلاحات.

وتوجد البنوك التي كانت الرائدة والمحركة للاقتصاد قبل عام 2018 في حالة شبه إفلاس اليوم، وتقوم بشكل غير قانوني بحظر سحب الدولارات من الحسابات المصرفية، أو فقط بكمية محدودة جدا، في اقتصاد يعتمد إلى حد كبير على الدولار وله تبعية بالواردات.

وفي هذا السياق، حذر رئيس الوزراء المنتهية ولايته حسان دياب من أن احتياطيات مصرف لبنان لن تسمح بعد شهر يونيو/حزيران المقبل بتمويل جميع الإعانات (القمح والوقود والأدوية والمعدات الطبية والأغذية).

وما هو مدهش أكثر هو أن البنوك اللبنانية كانت تسبح في الأرباح بفضل ودائع اللبنانيين أنفسهم والمغتربين، ودول الخليج، وسوريا، وبالنسبة لهذه الأخيرة، فقد كان لبنان يشكل في الوقت نفسه صمام أمان وملجأ ومكانا يستطيع من خلاله التجار والصناعيون تنفيذ عملياتهم مع الاستفادة من أسعار الفائدة الجذابة، التي كانت تُقدَّم حتى عام 2019.

كل شيء كان يبدو على ما يرام قبل الغرق والخسارات المتراكمة لمداخيل الدولة اللبنانية، وعجز السلطات النقدية عن سد العجز الضخم في ميزان المدفوعات، الذي ظهر أنه العامل الرئيس للأزمة، ولم تعد العملة الأجنبية تأتي، في حين أن دولا مثل المملكة العربية السعودية أصبحت تتفادى إيداع فوائضها هناك.

في الواقع، تم تشجيع البنوك المحلية نفسها على تقديم أسعار فائدة عالية لزبائنها من مصرف لبنان، الذي كان عليه سد عجز قطاعات الخدمات العمومية، التي تراكمت عليها جبال من الديون (60 مليار دولار)، ولم تُجدِ تحذيرات الخبراء والمؤسسات الدولية نفعا بشأن وضع أصبح لا يُحتمل.

وهكذا، بعد أشهر قليلة من انتفاضة الشارع في خريف 2019 والإجراءات الصارمة للبنوك والمجحفة لمودعيها، حيث تحد من الوصول إلى حساباتهم، أعلن رئيس الوزراء حسان دياب في 7 مارس/آذار 2020 أن الدولة تخلفت لأول مرة في تاريخها عن سد جزء من دينها العام، وقد أرسل بهذا الإعلان إشارة جد سلبية إلى الأسواق المالية.

وأضاف دياب بأن اللبنانيين عاشوا في وهم أن كل شيء على ما يرام، بينما لبنان يغرق في بحر من الديون، وفي الشهر نفسه أعلنت الدولة اللبنانية عن تخلفها عن سداد جميع ديونها بالعملات الأجنبية 35.8 مليار دولار من دين إجمالي يبلغ 95.5 مليارا في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

الوضع السوري
لقد وصلت الليرة السورية هي الأخرى إلى أدنى مستوياتها التاريخية، ومن المفارقات أن محنتها بدأت مع الانتهاء الرسمي للقتال في 2018-2019، وتراجعت الليرة السورية متأثرة بالأزمة في لبنان، مع مطلع ديسمبر/كانون الأول 2019 إلى ألف ليرة مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء، في حين أن السعر الرسمي المنشور على موقع مصرف سوريا هو 434 ليرة للدولار، ولم تصل الليرة في أسوأ أوقات سنوات الحرب المظلمة إلى مثل هذه المستويات المنخفضة في السوق الموازية.

في الواقع، أصبحت مليارات الدولارات للمودعين السوريين محجوزة فجأة في البنوك اللبنانية؛ مما خلق ندرة في الدولارات بالسوق السورية، وتسبب في انهيار الليرة، ويجب التذكير بأن حجم الودائع السورية في البنوك اللبنانية كان يقدر بعدة مليارات من الدولارات، وقد أشار الرئيس السوري بشار الأسد نفسه إلى مبلغ 40 مليار دولار، مع أن الرقم الحقيقي قد يكون أقل من ذلك بكثير.

مهما يكن، ففي بداية شهر أبريل/نيسان الماضي، تم تداول العملة في السوق السوداء بسعر 3700 ليرة للدولار بعد أن تجاوزت عتبة 4700 ليرة سورية مقابل الدولار في 17 مارس/آذار الماضي، أي أقل بـ4 مرات من عامين مضيا، واعتادت دوائر الأعمال السورية على تقلبات عملتها، مبررة ذلك بالتلاعبات.

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *