تثبيت سعر الصرف مع «رَشِّة» دولارات للمودعين

كتب أنطوان فرح في “الجمهورية”:

لا أحد يتحدث في العلن عن الرابط بين ملفات رفع الدعم والكابيتال كونترول وإطلاق العمل في المنصّة الالكترونية للتداول. لكن فكّ رموز التعاميم والقرارات التي يصدرها مصرف لبنان، بالإضافة الى طريقة تعاطي بعض السياسيين، يدفعان الى استنتاج وحيد، مفاده انّ البلد امام سلة جديدة من الإجراءات، هدفها المُعلن التعايش مع الأزمة بانتظار الحل، لكنها وصفة مفيدة أيضاً للانتخابات النيابية التي دخلت عامها الحاسم.

أعطى الكتاب الذي أرسله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى وزير المال غازي وزني أول اشارة رسمية الى وظيفة المنصّة الالكترونية لعمليّات الصرافة التي يُطلقها مصرف لبنان، والتي تبيّن انّها تهدف الى «تأمين ثبات القطع». هذه الوظيفة المُعلنة تدفع الى طرح علامات استفهام عدة منها:

 

أولاً- هل يمكن تثبيت سعر الصرف في هذا الوضع القائم، وهل هي سياسة نقدية ناجعة اليوم؟

ثانياً- هل يملك مصرف لبنان القدرة على ممارسة سياسة تثبيت سعر الصرف في ظل فقدان الثقة بالعملة الوطنية وبآفاق الحلول للأزمة؟

 

ثالثاً- هل المقصود بعبارة ثبات سعر الصرف تحديد سقف وقعر لسعر الليرة، ام انّه تثبيت متحرّك (floating)، يمكن ان يتماهى مع الوضع والضغوطات ضمن ضوابط مقدورعليها؟

رابعاً- ما هي مدة صلاحية مثل هذا الإجراء، والى متى قد يصمد ويستمر؟

خامساً- من هي الفئات التي ستستفيد من المنصّة، وهل سيلغي وجودها السوق السوداء القائمة حالياً؟

 

خارج اطار ملف المنصّة، والتي سيتحدّد فيها سعر صرف الدولار بحوالى الـ10 آلاف ليرة، لا تزال علامات الاستفهام مطروحة حول التعميم 939، والذي طلب فيه مصرف لبنان من المصارف تزويده بداتا مفصّلة، من دون اسماء، حول أرصدة الزبائن لديها بالليرة وبالعملات الاجنبية كما كانت في 13-10-2019، وكما أصبحت في 31-3- 2021. ولا تشمل المعلومات المطلوبة الحسابات المفتوحة بعد 31 تشرين الاول 2019.

 

أعطى البعض تفسيرات ملتبسة حول هدف هذا التعميم، منها انّ المركزي يريد معرفة التحويلات التي جرت الى الخارج، خصوصاً انّ الجزء الثاني من التعميم طلب معلومات عن أرصدة الودائع منذ 31-12-2015 وحتى 31-3-2021.

 

من خلال النموذج الذي أرفقه مصرف لبنان بالتعميم، يتضح انّ الهدف الرئيسي هو معرفة نوعية المودعين كما أصبحت اليوم. خصوصاً انّ هذه الوضعية التي كانت قائمة قبل ثورة تشرين 2019، قد تكون اختلفت كثيراً اليوم. في التقديرات، انّ عدداً كبيراً جداً ممن كانوا يُصنّفون صغار المودعين، (أقل من 5 ملايين ليرة، أو ما يوازيها بالدولار وفق السعر الرسمي) خرجوا من الجهاز المصرفي بعدما أغلقوا حساباتهم يوم قدّم لهم المركزي العرض (offer) بإمكانية تحويل أرصدتهم من الليرة الى الدولار ومن ثم سحبها على سعر مرتفع قياساً بالسعر الحقيقي الذي بلغته الليرة في تلك الحقبة، شرط اقفال الحساب. هذا الامر أدّى الى اقفال عشرات آلاف الحسابات في حينه. كذلك، واصل مودعون صغار لم يشملهم العرض، سحب ودائعهم بالدولار المُقنّن في البداية، ومن ثم بالليرة عندما توقف دفع الدولار. وبذلك سحب عدد كبير من هؤلاء كامل ارصدتهم.

 

من هنا، يسعى المركزي الى الحصول على المعلومات، في اطار إجراء حسابات دقيقة عن الرقم الذي يستطيع اعتماده في حال تقرّر السماح للمودعين بسحب كمية محدّدة من ودائعهم بالدولار وليس بالليرة، في اطار قانون الكابيتال كونترول. وستساعد دراسة وضعية الودائع وتوزعها على فئات (bracket) المودعين، في تحديد المبلغ الذي يمكن سحبه شهرياً بالدولار من قِبل المودع.

 

كل ذلك ينبغي ان يأتي في سلّة واحدة، ولو لم يتمّ الاعلان عن هذا الرابط. أي انّ الكابيتال كونترول سيسمح للمودعين بسحب دولارات حقيقية، والمنصّة ستحدّد سعر الصرف بـ10 آلاف ليرة، وسيتمّ استخدامها لتأمين دولارات الاستيراد، والبطاقة التمويلية ستغطي حاجات من لا يملك دولارات او أرصدة في المصارف ليسحب منها. وفي الموازاة، سيتمّ رفع الدعم الذي بدأ تطبيقه عملياً من دون اعلان رسمي.

 

يبقى السؤال الأهم في هذا المشروع: من وكيف سيموّل هذه السلّة، ومن اين ستأتي الدولارات لتثبيت سعر صرف المنصة، واعطاء دولارات للمودعين؟

 

الجواب، انّ مصرف لبنان، ومقابل وقف الدعم، سيخصّص مبلغاً للتمويل، وكذلك المصارف ستتولّى تمويل قسم من المشروع، لاسيما ما يتعلق بدفع دولارات حقيقية للمودعين.

 

هذه هي الوصفة السحرية المتوافق عليها ضمناً، وهي تحظى بموافقة قوى سياسية تريد بأي ثمن تقديم شيء ما للناخبين، بعدما دخلت البلد رسمياً في العام الانتخابي. لكن ضمان نجاح هذه السلّة الملتبسة في التوقيت والأهداف والنتائج، يدفع الى الذعر من احتمال الفشل، لأنّ فشلها سيؤدي الى انفجار اجتماعي غير مسبوق، وقد لا ينتظر الجائعون موعد الانتخابات للتغيير، فينزلون الى الشارع على غرار ما حصل في كانون الاول 2001 في بوينس ايرس، عندما نزل الارجنتينيون الى الشارع يهتفون بصوت واحد بالاسبانية Que se vayan todos وهي العبارة التي اقتبسها ابناء الثورة في لبنان (كلّن يعني كلّن). يومها أسقط الارجنتينيون رئيس الجمهورية والحكومة، وحصلوا على التغيير لكنهم لم يحصلوا على الحل لأزمتهم، لأنّ من جاء بعد ذلك لم يكن على مستوى التحدّي. انّه نموذج يؤكّد انّ المطلوب ليس مجرد التغيير، بل التغيير نحو الأفضل.

 

(ملاحظة: المقال حُرِّر قبل صدور بيان مصرف لبنان الأخير).

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Crisis، Currency، Currency Board، Currency Exchange Rate، Currency Exchange Rate In Lebanon، Dollars Currency، Economy، Economy Crisis، Economy News، Lebanese Crisis، Lebanese Currency Exchange Rate، Lebanese Economy، Lebanese Economy Crisis، Lebanese Economy News، Lebanon Economy، Lebanon Economy News، The Lebanese Economic Crisis، The Lebanese Economy، The Lebanon Economic Crisis، أخبار إقتصادية، أخبار إقتصادية لبنانية، أخبار إقتصادية لبنانية محلية، أخبار إقتصادية محلية، أخبار إقتصادية محلية لبنانية، أخبار اقتصادية و سياسية في لبنان، إقتصاد، الأزمة الإقتصادية، الأزمة الإقتصادية اللبنانية، الأزمة الإقتصادية المحلية، الأزمة الإقتصادية في لبنان، الإقتصاد اللبناني، الإقتصاد في لبنان، تحديث سعر صرف الدولار الآن، سعر صرف الدولار، سعر صرف الدولار اليوم، سعر صرف الدولار اليوم السوق السوداء لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم في السوق السوداء، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان، سعر صرف الدولار اليوم في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار اليوم لبنان، سعر صرف الدولار اليوم لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم، سعر صرف الدولار في لبنان اليوم عند الصرافين، سعر صرف الدولار في لبنان لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة في لبنان، سعر صرف الدولار لحظة بلحظة… إليكم كم التسعيرة الحالية، تحليل الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأسباب الكامنة وراء تدهور الاقتصاد اللبناني، أثر الأزمة الاقتصادية على حياة اللبنانيين، السياسات الاقتصادية في لبنان وتأثيرها على العملة، الدولار في السوق السوداء اللبنانية، أسعار الصرف الرسمية مقابل السوق السوداء في لبنان، التوقعات المستقبلية لسعر صرف الدولار في لبنان، تاريخ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، استراتيجيات التكيف مع الأزمة الاقتصادية في لبنان، الدولار الأمريكي وتأثيره على الاقتصاد اللبناني، تحليل اقتصادي للوضع في لبنان، البنوك اللبنانية وأسعار صرف الدولار، التحديات الاقتصادية في لبنان، أحدث الأخبار الاقتصادية اللبنانية، التوقعات الاقتصادية للبنان، التحليلات الاقتصادية اليومية في لبنان، مستقبل الاقتصاد اللبناني، أخبار الدولار في لبنان، سعر صرف الدولار الرسمي اليوم في لبنان، أزمة الدولار في لبنان، التحديثات اليومية لسعر الدولار في لبنان، التحليل المالي للأزمة اللبنانية، أخبار السوق السوداء اللبنانية، أزمة العملة في لبنان، أثر الأزمة الاقتصادية على الليرة اللبنانية، التحليلات الاقتصادية عن لبنان، أخبار الدولار لحظة بلحظة في لبنان، مقارنة سعر الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء، أهم الأخبار الاقتصادية في لبنان، أزمة السيولة المالية في لبنان، أخبار السوق المالية اللبنانية، تحليل سياسي اقتصادي للأزمة اللبنانية، الدولار في البنوك اللبنانية والسوق السوداء، التوجهات الاقتصادية في لبنان، سعر صرف الدولار في السوق السوداء اللبنانية، الوضع الاقتصادي الراهن في لبنان، تحليل سعر صرف الليرة اللبنانية، استراتيجيات الاستقرار الاقتصادي في لبنان، الأزمة المالية اللبنانية وأثرها على العملة، الاقتصاد العالمي وتأثيره على سعر صرف الدولار في لبنان، التحولات الاقتصادية في لبنان، تطور الأزمة الاقتصادية اللبنانية

تحديث سعر صرف الدولار اليوم ↑↓

سعر صرف الدولار الآن أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للدولار في السوق السوداء لمتابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *