جاء في “الانباء الالكترونية”:
بينما يغرق بعض جهابذة القوم في لبنان بالتحليل يميناً ويساراً والتكهن حول ما إذا كانت المبادرة الفرنسية انتهت أم لا، تتداول الأوساط السياسية حديثاً عن سيناريوهات جديدة قد تحصل بعد عيد الفطر، وهذه السيناريوهات التي تلحظ تشكيل حكومة أمر واقع أو اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، أصبحت مشابهة للتنبؤات، في حين أن الثابت الوحيد هو وصول البلاد الى مرحلة الانهيار الكبير، ومن الصعب توقع مستقبل ما ستؤول إليه الأزمتان السياسية والاقتصادية في ظل التفاقم المطّرد للأمور.
وأمام كل هذا الانسداد، كان تأكيد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط أن الأولوية الحالية من أجل التقدم إلى الأمام هي إقناع الناس “بأن هناك نوايا فعلية للقيام بإصلاحات سياسية وإقتصادية. والأهم هو تشكيل حكومة تتناغم مع ما يطلبه المجتمع الدولي، وإجراء انتخابات على أساس قانون إنتخاب غير طائفي لإعطاء فرصة لكل أفرقاء المجتمع المدني والأجيال الشابة لدخول البرلمان وتحديد مستقبلها السياسي”.
وكان لافتاً أمس الموقف الذي اعلنه القيادي توفيق سلطان، مشيرا الى أنه “آن الأوان لأن نرتب شأننا الداخلي بأنفسنا، وعندما جاء الرئيس ماكرون رحّبنا به وقلنا شكرا فرنسا، لكن في الزيارة الأخيرة لوزير خارجية كانت أسوأ إدارة لأهم ملف”، معتبراً أن “فرنسا أشرفت على تأسيس لبنان الكبير، واليوم كأنها تريد تصفية الواقع اللبناني، وزيارة وزير الخارجية تركت أثراً سيئاً لدى الشعب اللبناني، ففرنسا خرجت من لبنان وهي دولة علمانية متطورة وتركت لنا نظاما طائفيا مذهبيا بغيضا، ما نزال نعاني منه إلى الآن”.
وفي التعليق على التوقعات المرتقبة للأيام المقبلة، رأى عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد خواجة أنه “بغض النظر عن السيناريوهات والتقديرات، المهم أن تتشكل الحكومة قبل او بعد عيد الفطر فلا فرق، فالبلد لا يمكن أن يكمل في هذه المراوحة القاتلة، هناك رئيس مكلّف ورئيس جمهورية، وهما معنيان بتشكيل حكومة منتجة وفاعلة لديها خطة عمل مدروسة وأمامها ورش عديدة يجب تنفيذها، فالبلد من دون حكومة ينحدر الى الفوضى والفوضى في الشارع ستقود الى انفجار اجتماعي”.
خواجة طالب في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية “بتشكيل حكومة مستقلة لا يكون فيها نفوذ لأي فريق سياسي، فالوقت اليوم ليس لجني الغنائم، نريد حكومة من خلالها يتم الانتقال الى مرحلة الاستقرار وصولا لمعالجة كل ملفاتنا بطريقة علمية”، مستطرداً بالقول أن “الجميع كان يقول إنه مع المبادرة الفرنسية ليتبين لاحقا أن البعض لديه حسابات خاصة يسعى لتحقيقها من خلال الحكومة”.
بدوره، اعتبر عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب وهبة قاطيشا ان ما يحكى عن سيناريوهات “لا يعدو كونه كلام جرائد وتحليلات اعلامية لا تمت الى الواقع بصلة”.
وأشار في حديث الى جريدة “الأنباء” الالكترونية الى “صعوبة الخروج من الأزمة التي لا أحد يعرف كيفية معالجتها”، ملقياً باللوم على “السلطة الحاكمة التي أوصلت البلد الى هذا المأزق”، مقدّراً أن الوضع يتجه نحو الفوضى.
وفي هذا السياق، كشف عضو كتلة المستقبل النائب عثمان علم الدين ان “الرئيس الحريري وضع خطة عمل متكاملة وفي نهاية الأمر يجب ان يتحمل العهد مسؤولية غرق البلد”.
علم الدين أشار عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية الى انهم “كفريق سياسي لن يبقوا متفرجين الى ما شاء الله، وأن كل الخيارات مفتوحة أمام الحريري وهو سيضع كل ما لديه من معلومات ومبادرات على الطاولة ليعرف اللبنانيون حقيقة ما جرى”، متوقعا في الوقت نفسه تحركًا لرئيس مجلس النواب نبيه بري بعد عيد الفطر باتجاه الإنقاذ “لأن البلد لا يجوز ان يبقى بحالة انهيار وبالأخص بعد توقف الدعم المالي للمؤسسات وإعلان مصرف لبنان رسميا عدم استعداده للتصرف بأموال الناس”، مضيفا “كيف سيعيش الناس؟ هذا ما يشغل بال الحريري وهذا همه الأول والأخير”.
في هذه الأثناء، يبدو أن منصة مصرف لبنان وصلت الى خواتيمها بعد طول تأجيل، ومن المتوقع اطلاقها خلال ساعات وذلك بعد توقيع وزير المال غازي وزني ليعلن من بعدها المصرف المركزي فوراً آلية العمل فيها.
وفيما لا يزال هاجس رفع الدعم يتقدم على كل الاستحقاقات الأخرى، رأى الباحث المالي والاقتصادي نسيب غبريل في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية ان موضوع رفع الدعم وترشيده دخل في خانة الشعبوية، متحدثا عن “خطة وُضعت بالتنسيق مع البنك الدولي في العام 2019 وهي حاضرة ويمكن تنفيذها على 3 مراحل، كان من المفترض ان تطبق المرحلة الأولى منها في أول شهر من العام 2019، والمرحلة الثانية في الشهر الأول من العام 2020 والثالثة في الشهر الأول من العام 2021، وهي تتم بشكل منظم وتدريجي ولكن من المؤسف لا أحد يريد التحدث عنها”، لافتا الى ان “الحديث عن رفع الدعم دفع بالتجار الى تخزين المواد المدعومة لبيعها بسعر مرتفع بعد رفع الدعم عنها، هذا عدا عن عمليات التهريب القائمة على عينك يا تاجر”.
وقال غبريل: “كي يُنفّذ رفع الدعم بطريقة منظمة ومدروسة يجب أن يكون لدينا حكومة فاعلة تعمل ضمن خطة اصلاحية شاملة تبدأ بمعالجة السياسية النقدية، فالمواطن اليوم بحالة هلع في ظل المزايدات القائمة”، لافتا الى أنه “من المؤسف لا أحد يريد أن يتحمل المسؤولية تماما كما حصل بعد عملية انفجار المرفأ”.