تضغط إيران من أجل منح قطاعها المصرفي تخفيف مضمون شامل للعقوبات في مفاوضات استعادة الاتفاق النووي مع القوى العالمية.
وقال محافظ البنك المركزي الإيراني، عبدالناصر همَّتي، ردَّاً على أسئلة مكتوبة، مشيراً إلى القيود على وصول إيران لنظام المدفوعات العالمي الذي يقع مركزه في بلجيكا: “ينبغي التصديق على إزالة العقوبات ضد البنك المركزي، والبنوك الإيرانية، والسويفت، وأي تحويلات مالية بينها وبين البنوك النظيرة الأجنبية”.
“المركزي” منخرط بشكل مباشر في المفاوضات
وقال همَّتي، إنَّ المسؤولين في البنك المركزي منخرطون بشكل مباشر في المفاوضات لضمان أن تكون هناك نتائج ملموسة لإزالة العقوبات الأمريكية. واستُؤنِفَت المفاوضات في فيينا يوم الجمعة الماضي، في محاولة لإعادة إحياء اتفاق 2015 الذي وقَّعته إيران، ومجموعة مكوَّنة من 6 دول رئيسية.
ولم يكن هذا الاتفاق كافياً لإقناع البنوك الأوروبية بالعمل مع إيران حتى قبل أن تنسحب حكومة ترمب منه في 2018، وبموجبه، رفعت أغلب العقوبات المفروضة على البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية، لكن ظلَّت العقوبات الأمريكية المرتبطة بالقضايا العالقة، طويلة الأجل مثل روابط طهران مع جماعات مصنَّفة على أنَّها إرهابية.
في ذلك الوقت، خشيت البنوك العالمية من مخالفة التنظيمات، والمخاطرة بالخضوع لغرامات بملايين الدولارات، مثلما حدث مع البنوك في كوريا الجنوبية وبريطانيا، وسرعان ما اشتكى المسؤولون الإيرانيون من أنَّ العقوبات الأمريكية المتبقية
ما تزال تضرُّ بقدرتها على إجراء معاملات مصرفية مع العالم.
إزالة حقيقة للعقوبات
وفي فبراير، قال المرشد الأعلى، علي خامنئي، صراحة للدبلوماسيين الإيرانيين إنَّه يتعيَّن عليهم تجنُّب الوقوع في فخٍّ مشابه هذه المرة، وينبغي أن ترفع الولايات المتحدة عقوباتها “فعلياً، وليس فقط شفهياً أو على الورق”.
وقال همَّتي: “سنتحقق من الأمر بطريقتنا الخاصة.. وبشكل شخصي، أشعر بالتفاؤل من اتجاه المفاوضات”.
وتقول إيران، إنَّ العقوبات الأمريكية دمَّرت قدرتها على استيراد البضائع غير الخاضعة لعقوبات، مثل الطعام والأدوية، وعلى التعامل بفاعلية مع تفشي فيروس كورونا، كما وقفت واشنطن في طريق طلب إيران قرضاً من صندوق النقد الدولي بقيمة 5 مليار دولار.
وكان النظام المصرفي الإيراني لعقود منعزلاً إلى حدٍّ كبير عن التمويل العالمي بسبب العقوبات، وأيضاً لفشله في استيفاء المعايير الخاصة بالحدِّ من غسيل الأموال، وتمويل الإرهاب، وهو أمر قال عنه شركاؤها الاستراتيجيون أيضاً، الصين وروسيا، إنَّه يمنعهم من العمل مع بنوكها.
وفي السنوات الماضية، عارض المحافظون المتشددون في بعض الأحيان مجهودات الرئيس حسن روحاني لضمان التزام البنوك الإيرانية بالمعايير الموضوعة من قبل مجموعة العمل المالي، وهي منظمة رقابية مقرّها باريس.
اتفاقات مهجورة
بعدما أدى اتفاق 2015 إلى رفع حزمة من العقوبات المفروضة من قبل الدول القلقة من تطلُّع إيران لتطوير أسلحة نووية، تمكَّنت آلاف الشركات الإيرانية من فتح خطوط ائتمان مع البنوك المحلية للاستيراد، وكانت عملاقة الطاقة الفرنسية “توتال”، وصانعة السيارات الألمانية “فولكس واجن” من بين الشركات الأجنبية التي أعلنت عن اتفاقات لضخِّ الأموال في الجمهورية الإسلامية.
ومع ذلك، حافظت البنوك الدولية على ابتعادها، حتى تلك الواقعة في أوروبا، مع استهداف العقوبات الأمريكية مواطنين غير أمريكيين من الذين عملوا مع الكيانات الإيرانية الخاضعة لقيود، فيما أطلق عليه عقوبات ثانوية.
أما الصفقات مع الشركات الأمريكية التي كانت مسموحة من الناحية الفنية، مثل خطط شراء عشرات الطائرات من “بوينغ”، فهي إما تقدَّمت ببطء شديد، أو كان من المستحيل استكمالها.
وفرضت حكومة ترمب مئات العقوبات الأخرى على البنوك الإيرانية، بما في ذلك البنك المركزي، أثناء محاولاتها زيادة الضغوط على طهران، كما أنَّها استخدمت تصنيفات الإرهاب لضمان أنَّ إزالة تلك القيود سيكون صعباً ومشحوناً سياسياً.
عقبات خارجية
يقول مسعود غولامبور، محلل في بنك الاستثمار “نوفين” ، الذي يقع مقرّه في طهران: “عندما حاولت البنوك الإيرانية فتح فروع في دول أخرى، وجدت أنَّ العمل ليس سهلاً على الإطلاق”.
من جانبها، تتعرَّض واشنطن للضغط أيضاً، وحثت شركات “وول ستريت” حكومة بايدن، يوم الخميس، على تخفيف عبء الامتثال مع فيضان العقوبات الذي فرضه ترمب على الخصوم مثل إيران.
وتقدِّر “ليكسيس نيكسيس ريسك سولوشنز” (LexisNexis Risk Solutions) أنَّ المؤسسات المالية في الولايات المتحدة وكندا أنفقت 42 مليار دولار في 2020 للتماشي مع قواعد الجريمة المالية التي تتضمَّن عقوبات ومجهودات لمكافحة غسيل الأموال.
وقال إسفانديار باتمانجليج، الزميل الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “اعتمدت إدارة أوباما كلياً على برنامج توعية عالمي بشأن البنوك والشركات لتوضيح طبيعة تخفيف العقوبات، وطمأنتهم بشأن الانخراط في تجارة متوافقة مع إيران”.
لكنَّه قال، إنَّ هذه الجهود “باءت بالفشل”، ويجب على الدبلوماسيين العمل على أدوات جديدة “لتوفير أنواع التراخيص والتوجيهات التي تحتاجها الشركات للعمل بثقة في بيئات ما بعد العقوبات”.
المصدر: 24 – بلومبيرغ