نشرت الدولية للمعلومات ارقاماً اظهرت تراجع عجز الموازنة العامة من 4 مليارات و23 مليون دولار الى مليارين و802 مليون دولار، الامر الذي فتح باب التساؤل عن اهمية هذا التراجع وأسبابه الحقيقية في ظل الانهيار الاقتصادي والتراجع الكبير في سعر صرف الليرة، والاقفال المتكرر للبلاد جراء جائحة كورونا.
في هذا الإطار، أوضح كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس نسيب غبريل في حديث لـ “Leb Economy Files”أن هذه الأرقام التي جرى الاعلان عنها وتظهر تراجع في ارقام عجز الموازنة تعود إلى أول 10 أشهر من العام 2020 فقط، في حين ان وزارة المال لا تزال تماطل في إصدار ارقام 2020 كاملة”.
وأوضح غبريل ان “ما تظهره هذه الارقام من تراجع لم يتحقق بجهد من الحكومة، فالعجز بلغ مليارين و800 مليون دولار اذا ما احتسب على السعر الرسمي في تلك الفترة، منخفضاً بنسبة 30 % مقارنة مع عجز بلغ حوالي 4 مليارات دولار في أول 10 أشهر من 2019، أي ما نسبته 26 % من النفقات العامة.
وأكد غبريل أن تراجع النفقات الحكومية بنسبة 20 % في أول 10 أشهر من 2020، ليس بسبب قيام الحكومة بتطبيق الإصلاحات، بل لأنها اتخذت قراراً في آذار 2020 بالتعثّر عن تسديد مستحقاتها الخارجية العائدة لسندات اليوروبوندز، ما أدى الى هبوط بند خدمة الدين بنسبة 61 % في تلك الفترة مقارنة مع أول 10 أشهر من العام 2019”.
وشدد غبريل على “أن الضرر الناتج عن عدم تسديد سندات اليوروبوندز يفوق بمرات عدة أهمية التراجع الحاصل بالنفقات العامة، مشيراً الى ان قرار التعثر انعكس سلباً على مختلف الامور في لبنان وأدى إلى عزله عن النظام المصرفي والمالي في العالم. كما أدى إلى تراجع سعر صرف الليرة في السوق الموازية بشكل واضح، وإلى تخفيض تصنيفات لبنان الإئتمانية إلى أدنى مستوى على سلّم التصنيفات الإئتمانية، بحيث لم يعد هناك من يقرض الدولة اللبنانية”.
ولفت غبريل إلى “أن تحويلات الخزينة لمؤسسة كهرباء لبنان تراجعت في تلك الفترة من العام الماضي ايضاً، وذلك بعد هبوط أسعار النفط عالمياً بسبب جائحة كورونا”، علماً ان الحكومة لم تقم بأي إصلاحات في قطاع الكهرباء، بل هناك نهديد بالعتمة التامة بعد هدر 21 مليار و500 مليون دولار في القطاع بين 2005 و 2019”.
تقصير الدولة حاضر ايضاً في “الايرادات”
وفي اطار حديثه عن الايرادات التي تراجعت بنسبة 15 %، اعتبر غبريل أن “الحكومة لم تقم بإعفاء القطاع الخاص من الضرائب اسوة بباقي دول العالم التي شهدت انتشاراً للجائحة، كما لم تقم بضخ السيولة، إنما قامت بتأجيل المهل الضريبية”.
واعتبر غبريل انه لو “ارادت الدولة تحسين ايراداتها لكانت قامت بجباية الكهرباء ومكافحة التهرّب الضريبي والتهريب عبر الحدود والتهرّب الجمركي والاقتصاد غير الشرعي الذي كان يبلغ حجمه قبل الأزمة بنسبة 30 %”.
وأوضح غبريل “أن الصادم في الارقام هو هبوط إيرادات قطاع الإتصالات 24 % في العشرة اشهر الاولى من العام 2020، علماً ان الناس استخدمت الإتصالات والإنترنت بشكل كبير خلال فترة كورونا وفي الإقفال وبالتالي كان من المفروض ارتفاع هذه الايرادات وليس انخفاضها. الامر الذي يجعلنا نتساءل عما اذا كان لهذا الهبوط علاقة بالتوظيف العشوائي في القطاع، فأين يا ترى تذهب هذه الإيرادات؟ “.
وقال غبريل “أما بالنسبة لإيرادات القطاع العقاري، فإرتفعت 110% تقريباً، وهذا لا علاقة له بإجراءات اصلاحية للحكومة بل يرتبط بالأزمة المصرفية التي دفعت الناس إلى شراء عقارات عندما لم تكن قادرة على سحب وتحويل أموالها”.
وختم :”الحكومة لا علاقة لها بتراجع عجز الموازنة، وعليها أن توضح كيف تراجعت إيرادات الإتصالات، وان كان التعثر بتسديد سندات اليوروبوندز هو الذي أدى الى تخفيض النفقات والعجز؟”.