كتبت باولا عطية في “نداء الوطن” اعتدنا في السنوات الأخيرة على مشاهد “الهلع” في السوبرماركت والتقاتل على لقمة العيش والتهافت لشراء المواد الغذائية خوفاً من انقطاعها، لا سيما الأساسية منها كالحبوب والخبز والحليب. مشهدية قابلها زحمة مطاعم، ومقاهٍ امتلأت بالناس الساعين للتمويه عن أنفسهم بغية فك طوق “الخنقة” التي تسببت بها جائحة كورونا بعد حبسهم لشهور في المنازل وتقييد حركتهم اليومية جراء قرارات التعبئة العامة. هذان المشهدان المتناقضان يدفعاننا للتساؤل عن سلوكيات الافراد في الازمات، فالهلع الذي يصيب الفرد ويدفعه الى تخزين الادوية والمحروقات، أو المواد الغذائية لمواجهة أي أزمة طارئة مثل أزمة فايروس كورونا الحالية أو أي حدث موسمي مثل بداية شهر رمضان أو عاصفة جوية متوقعة قد تتطلب منه الجلوس في المنزل والترقب لفترة غير معلومة والمترافق مع تطمينات تطل بها الحكومات بين الحين والآخر لتذكرنا بأن “لا داعي للهلع” محددة الفترة الزمنية المتوفرة لاحتياط المخزون، يتبعه بعد فترة قصيرة عودة الى الحياة الطبيعية بشكل مفاجئ لا بل صادم ولا كأن هناك أزمة!
والمؤكد أنّ مسألة التهافت على تخزين السلع بالرغم من التطمينات الحكومية لا علاقة لها بأزمة الثقة بين الشعب والحكومة بقدر ما هي نابعة عن دوافع نفسية مردودها مفهوم الخوف والقلق من المجهول القادم. أما “محاولة” العودة الى الحياة الطبيعية فقد تنبع عن حالة ملل أو تعب نفسي وحاجة ملحة للتمويه أو قد تكون ناتجة عن حالة تأقلم مع الأزمة وتقبل للأمر الواقع.
ومن بوادر التأقلم مع الأزمة تبرز قاعدة “اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب” التي أصبحت الشعار الأوّل الذي يتبناه اللبنانيون الذين يصرفون مداخيلهم حتى الفلس الأخير بما أنّ عادة الادخار أصبحت بلا جدوى مع فقدان العملة الوطنية قيمتها الشرائية التي انخفضت بنسبة فاقت الـ70%.
وتابعت: في المحصلة يصعب فهم سلوك الفرد الاقتصادي في الازمات، حيث تختلف ردة فعل كل شخص وطريقة تفاعله مع الازمة، ففي الوقت الذي تكمل فيه الطبقة الغنية (ونسبتها 5%) حياتها بشكل طبيعي، لا بل تحسنت أوضاعها بفعل الازمة وحققت أرباحاً مع فارق سعر الصرف بين الدولار والليرة، يعتمد البعض الآخر سياسة التقشف وخصوصاً الطبقة الفقيرة والتي تخطت نسبتها الـ55% (بعد ان كانت 25 % أي ارتفعت الى الضعف) بحسب الدولية للمعلومات، ونسبة الفقراء تتوزّع على فئتين، الاولى نسبتها 25 بالمئة تحت خط الفقر بما يوازي حوالى مليون ومئة الف لبناني لا يتجاوز دخل الفرد فيها 8 آلاف ليرة لبنانية، وهي فئة غير قادرة على تأمين الغذاء السليم، والثانية تضم حوالى مليونين و300 ألف لبناني من الفقراء لكن الذين يُعتبرون من فئة فوق خط الاكثر فقراً، من أصل 4 ملايين و300 ألف نسمة في لبنان. فيما يقوم القسم الثالث بردة فعل عكسية تدفعه الى الصرف غير المبرر بمحاولة للتمويه والخروج من واقعه القاتم وإقناع نفسه بأنه لا يزال قادراً على عيش حياته بشكل طبيعي وبأن الأزمة لم تؤثر عليه، معظم هؤلاء من الطبقة الوسطى أو “الفقراء الجدد” الذين انخفضت نسبتهم من 70% الى 40%. ولكي تعي هذه الطبقات مصيرها تحتاج الى حملة توعية يقودها خبراء اقتصاديون لإرشاد الناس وتوعيتهم على السبل الأمثل لاجتياز هذه الازمة بأقل خسائر ممكنة.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا
المصدر: لبنان 24