“بالدعم ومن دونه: سعر البنزين سيكون ناراً”، تحت هذا العنوان نشرت عزة الحاج حسن في موقع المدن:
يواجه اللبنانيون سلة من الأزمات المعيشية والاقتصادية والمالية، وغيرها من التحديات الناجمة عنها والمترابطة معها. لكن تبقى أم الأزمات هي تلك التي تتأثر بعوامل خارجية، كأسعار المحروقات المرتبطة بشكل مباشر بسعر النفط العالمي. فلا تقتصر مفاعيل ارتفاع او انخفاض أسعار النفط العالمي على أسعار المحروقات في لبنان وحسب، بل تنعكس مباشرة على كافة مناحي الحياة، لاسيما الكهرباء والمنتجات المستوردة التي تتأثر بدورها بأسعار النفط.
ينصب تركيز اللبنانيين على مسألة الدعم على المحروقات وما اذا كانت ستنخفض أم ستتوقف كلياً، على اعتبار أن مصير الدعم وسعر صرف الدولار سيرسم مستقبل أسعار البنزين والمازوت والغاز في لبنان، وكل ما يرتبط بهذه المواد الحيوية من كهرباء ومصانع ومولدات ومواصلات وغير ذلك. لكن بعد دخول عوامل دولية مستجدة على خط سوق النفط العالمي واتجاه التوقعات لارتفاع سعر برميل النفط إلى 80 دولاراً، وعدم استبعاد بلوغه 100 دولار، باتت المخاوف في لبنان مضاعفة من ارتفاع أسعار المحروقات حتى في ظل استمرار الدعم. فكم سيبلغ سعر صفيحة البنزين فيما لو استمر سعر برميل النفط بالارتفاع؟
عوامل ارتفاع المحروقات
عوامل عدة تدخل بشكل مباشر في عملية تسعير المحروقات في لبنان، منها دعم مصرف لبنان للاستيراد، والبالغ حالياً 90 في المئة من قيمة المحروقات المستوردة، وفق سعر صرف 1515 ليرة للدولار، و10 في المئة من قيمة المستوردات وفق سعر الصرف الحالي في السوق السوداء، أي قرابة 13000 ليرة للدولار. إضافة إلى عامل ثالث، هو سعر برميل النفط عالمياً، والذي يسجّل ارتفاعات متتالية في الفترة الأخيرة، ويقارب حالياً 65 دولاراً للبرميل الواحد.
وفي حال تغيّر أي من العوامل الثلاث، فذلك سينعكس مباشرة على أسعار المحروقات في لبنان. وقد شهدنا منذ أشهر التلويح برفع الدعم أو خفضه تدريجياً بأحسن الحالات. ومن شأن ذلك أن يرفع أسعارالمحروقات بشكل كبير جداً، مع افتراض استقرار سعر صرف الدولار عند 13000 ليرة (رغم استبعاد هذا الأمر) واستقرار سعر برميل النفط عند 65000 ليرة (رغم استبعاده أيضاً).
وحسب دراسة سابقة لـ”الدولية للمعلومات” فإنه في حال استقرار سعر برميل النفط بمحيط 65 دولاراً، واستقرار الدولار في لبنان عند 13000 ليرة، من المتوقع أن يرتفع سعر صفيحة البنزين إلى 150800 ليرة، في حال رفع الدعم عن استيراد المحروقات.
النفط العالمي إلى ارتفاع
ما لم يكن في حسبان اللبنانيين هو احتمال ارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير، في المرحلة المقبلة، حتى في ظل أفضل السيناريوهات، أي في حال استمرار الدعم بنسبة 90 في المئة واستقرار سعر صرف الدولار في محيط 13000 ليرة. وإليكم السبب: يبلغ متوسط سعر برميل النفط حالياً نحو 65 دولاراً، ووفق أحدث التوقعات تتجه الأسعار إلى الإرتفاع، ويتوقع غولدمان ساكس Goldman Sachs وصول سعر برميل النفط إلى 80 دولاراً للبرميل خلال الربع الرابع من العام الجاري.
توقَّع غولدمان ساكس أن ترتفع أسعار النفط إلى 80 دولاراً للبرميل في الربع الرابع من العام الجاري، معللاً ذلك بالارتفاع الكبير في الطلب، مع توسع نطاق التحصين من كوفيد-19 في مواجهة إمدادات لا تتسم بالمرونة. ورأى في تقرير صدر عنه اليوم أن تعافي الطلب في أسواق الدول المتقدمة، سيعادل أثر الضربة التي تلقاها الاستهلاك مؤخراً بسبب الجائحة، وما استتبعه ذلك من بطء محتمل في التعافي في جنوب آسيا وأميركا اللاتينية.
وتوقع البنك أن الطلب سيزيد بنحو 4.6 مليون برميل يومياً حتى نهاية العام، مشيراً إلى أن أغلب الزيادة مرجحة في الأشهر الثلاثة المقبلة.
وفي حال صدقت ترجيحات غولدمان ساكس ببلوغ سعر برميل النفط 80 دولاراً خلال الأشهر المقبلة، فإن أسعار المحروقات سترتفع في لبنان. وإذا استندنا إلى سيناريو ارتفاع سعر برميل النفط مقابل استقرار سعر صرف الدولار والإبقاء على الدعم على ما هو عليه اليوم، على الرغم من استحالة الأمر، تكون النتيجة كسر سعر صفيحة البنزين عتبة الـ50 ألف ليرة. وهو ما ينعكس ارتفاعاً على أسعار كافة المنتجات والخدمات.
البنزين إلى أين؟
بالأرقام، واستناداً إلى فرضية استقرار الدعم عند 90 في المئة من المحروقات المستوردة واستقرار سعر صرف الدولار في السوق السوداء عند 13000 ليرة، ومع الأخذ بتوقعات ارتفاع سعر برميل النفط وفق غولدمان ساكس إلى 80 دولاراً، من المتوقع أن يرتفع سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان من 40900 ليرة إلى 50000 ليرة، وصفيحة البنزين 98 أوكتان سترتفع من 42100 ليرة حالياً إلى 52000 ليرة، خلال الأشهر القليلة المقبلة.
لكن من المؤسف أن الأمور تتجه إلى تغيّر العوامل الثلاث في الفترة المقبلة، إن لجهة خفض الدعم على المحروقات، أو لجهة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، أو ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً.