كتبت ماجدة عازار في “نداء الوطن”:
التقرير القاتم الصادر اخيراً عن البنك الدولي حول أوضاع لبنان الاقتصادية والمالية ووصفها بأنها ثالث أكبر أزمة عالمياً منذ منتصف القرن التاسع عشر، وتحذيره من “تأثير كارثي وشيك”، جاء ليؤكد المؤكد بحسب وزير الاقتصاد السابق رائد خوري الذي استحضر مجدداً خطة ماكينزي أمس داعياً الى ضرورة تطبيقها بصفتها إحدى طرق الخروج من الأزمة الراهنة، بالتوازي مع السير بتطبيق الاصلاحات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي والدائنين، بغية تحفيز القطاعات الإنتاجية، والتشجيع على التصدير، والعمل على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتنمية السياحة، اما الهدف الاول والأساس من كل ذلك فهو إدخال العملة الصعبة إلى لبنان.
خوري الذي تحدث الى “نداء الوطن” أعلن بداية التزام مصرف “سيدروس بنك” بالقرار الصادر عن مجلس شورى الدولة والذي أوقف تنفيذ التعميم الصادر عن مصرف لبنان والقاضي بالسماح للبنوك بالتسديد البدلي بالليرة على 3900 ليرة للحساب المفتوح بالدولار، وذلك احتراماً للقرار اولاً، والى حين ان تتظهّر خطوة المصارف مع المصرف المركزي ثانياً، علماً ان قرار الشورى لا يعنينا بالمباشر كمصارف بل يعني المركزي، مشيراً الى انه اذا التزمت المصارف به لا نستطيع التغريد خارج السرب، علماً ان المصارف لا تملك دولارات وهي لا تجبر المودع على ان يسحب ودائعه بالعملة الصعبة على سعر 3900، بل هذا خيار.
وقال خوري: القرار غير واضح بعد ولا نعرف كيف ستدفع اموال المودعين، هل بواسطة شيكات ام تدفع “كاش”؟ فاذا تقرر الدفع “كاش” اي “فريش دولار” فهذا يعني اعلان إفلاس كل القطاع المصرفي والأهم إعلان إفلاس جميع المودعين.
وحول إثارته خطة ماكينزي مجدداً أوضح خوري أن الخطة وضعت بعد عمل مضنٍ تداخلت فيه الخبرات المحلية والدولية وهدفها تمتين الاقتصاد وإدخال الفريش دولار الى لبنان بطريقة منتظمة ودائمة، مذكراً بانه الوحيد من حذر سابقاً في جلسات مجلس الوزراء لدى توزيع الخطة على الوزراء، من امكانية انهيار البلد في العام 2019ـ 2020 اذا واصلنا اتباع المسار نفسه، وهو ما وصلنا اليه بفعل صمّ الجميع آذانهم، ثم اقترحنا العمل جدّياً على قطاعات منتجة وليس بالشعارات، ولو فعلنا في حينه لكان “الفريش دولار” بدأ الدخول الى الاسواق، وفي اعتقادي ان خطة ماكينزي لا تزال صالحة اليوم اكثر من اي وقت مضى ، اولاً لأن اليد العاملة اصبحت رخيصة وبالتالي، الانتاج سواء في القطاع الصناعي او السياحي صار منافساً اكثر، بالرغم من الازمة القائمة، ولبنان الاقتصادي الجديد لا يمكن الا ان يشهد قطاعات منتجة، ليبدأوا اذاً بتطبيق هذه الخطة، واتخاذ اجراءات داخلية، سواء في حكومة تصريف الاعمال ام في الحكومة الجديدة، علماً انه لم يبد تفاؤلاً كبيراً في تجاوب المسؤولين مع دعوته للسير في هذه الخطة الا انه رأى ان من واجبه تحفيزهم.
اما بطاقة الدعم ففي نظره ستفقد قيمتها اذا كانت مصادر تمويلها من احتياطي مصرف لبنان، او عبر فتح اعتمادات مالية لها ما يعني المزيد من التضخم، لكنها تبقى مفيدة في أمر واحد وهو انها ستحدّ من التهريب.
ويكشف خوري انه وفقاً للمعلومات التي يزودنا بها مصرف لبنان فان الاحتياطي الالزامي يبلغ نحو 15 مليار دولار، لكن هذا الاحتياطي سيتناقص اذا واصلوا على نفس المنوال. واكد ان العلاجات يجب الّا تعتمد بعد الآن على المصرف المركزي كما اعتمدوا منذ ثلاثين سنة حتى اليوم، بل حان الوقت لكي تتحمل الدولة مسؤولياتها وتأمين شبكة امان اجتماعي والكف عن مد يدها الى اموال المودعين لدعم البطاقة التمويلية. يحمّلون المصرف المركزي اليوم ما لا طاقة له على تحمّله، فذخيرته نفدت، وبالرغم من ذلك لا يزال الحديث حول استخدام الاحتياطي وترشيد الدعم والبطاقة التموينية بدل ان يكون الحديث حول ضرورة تأليف الحكومة ووضع خطة اقتصادية وتطبيق “ماكينزي” والتفاوض مع صندوق النقد الدولي.