أزمة الانخفاض الشديد في التغذية بالتيار الكهربائي صارت على نهايتها. مصرف لبنان حصل على التغطية القانونية للصرف من الاحتياطي الإلزامي من خلال دفعه الحكومة إلى «الاستقراض» من المصرف المركزي، فلم يتأخر في فتح الاعتمادات لشحنتي فيول. وبالتوازي، وصلت الأخبار السارة من العراق بالموافقة على تزويد لبنان بمليون طن من النفط الخام بدلاً من 500 ألف طن.
صار يمكن للناس أن يتنفسوا الصعداء ولو مؤقتاً. العتمة التي حذّرت منها كهرباء لبنان بسبب النقص الحاد في الفيول لتشغيل المعامل لن تحلّ مع نهاية الأسبوع. وبدلاً من أن يكون السبت يوم إطفاء أغلب المعامل، يفترض أن يكون موعداً لعودتها إلى العمل بطاقة أكبر. وبعدما كان مصرف لبنان يرفض فتح اعتمادات لاستيراد الفيول، ما تسبب بالأزمة الراهنة، وافق أمس على فتح اعتمادين لشحنتي «غاز أويل» و«فيول أويل» (Grade A)، بعدما حصل على التغطية القانونية التي طلبها. وإذا لم تتأخر البنوك المراسلة في تحويل الأموال للشركات المعنية، فإن شحنة «الغاز أويل» سيتم تفريغها خلال يومين، فيما تحتاج شحنة «الفيول أويل» لوقت أطول، بسبب الحاجة إلى إرسال عينات منها إلى دبي لفحصها، قبل استعمالها. وهذا يعني أن معملي دير عمار والزهراني سيعودان إلى العمل أولاً على أن يليهما معملا الزوق والجية الجديدان.
مهما كان القرار، فإن الأزمة ستتجدد بعد صرف كامل السلفة، إلا في حالتين: إذا سارع المجلس النيابي، كما فعل في آذار، إلى إقرار سلفة جديدة، على أن لا يتأخر مصرف لبنان في تحويلها إلى دولار، أو إذا نفذ الاتفاق مع العراق للحصول على النفط الخام، علماً أن يوم أمس شهد تقدماً لافتاً في المسألة. فالحكومة العراقية صادقت على دعم لبنان بالنفط الخام وزيادة هذا الدعم من 500 ألف طن إلى مليون طن.
إلى ذلك الوقت، بدا وضحاً أن مصرف لبنان لم يتراجع عن رفضه فتح الاعتمادات الخاصة بالفيول، إلا بعدما حصل على تغطية قانونية من رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء لمسألة الصرف من الاحتياطي، والتي تمثلت بالقرار الاستثنائي الذي يجيز تغطية سلفة الخزينة التي أقرها مجلس النواب بالعملة الأجنبية. فقد علمت «الأخبار» أن سلامة أبلغ «المالية» رفضه فتح اعتمادات دولارية من دون تغطية قانونية تبعد عنه مسؤولية المس بالاحتياطي الإلزامي. خاصة أنه اعتبر أن إقرار مجلس النواب قانون إعطاء كهرباء لبنان سلفة خزينة بـ«حد أقسى 300 مليار ليرة لتسديد عجز شراء المحروقات» لا يعطيه التغطية التي يطلبها. فالقانون، على ما جرت العادة، نص على أن تُسدّد السلفة نقداً «بأمر من محتسب المالية المركزي بعد موافقة وزير المالية»، على اعتبار أن القوانين المالية لا تصدر إلا بالليرة، وعلى اعتبار أن مصرف لبنان، بصفته مصرف الدولة، ملزم بتأمين حاجة الإدارات والمؤسسات العامة إلى الدولارات، متى فتحت الاعتمادات بالليرة.