كتبت مايا دعيبس في “الأخبار”:
ما إن رُفع الدعم، حتى صار سعر حليب الأطفال أضعافاً وصار متوفّراً في معظم الصيدليات بقدرة… تاجر. غير أن ما تغيّر، مع عودة المنتج إلى رفوف الصيدليات، أن سعره فاق قدرات الناس الشرائية، وبات خارج متناول أيديهم، ما دفع بكثيرين إلى البحث عن منتجات بديلة. قد تكون تلك الخيارات قاسية بالنسبة إلى الأمهات، الجديدات منهن خصوصاً، إذ يجدن صعوبة في إبدال المنتج الأساسي في غذاء أولادهن بمنتجٍ آخر، إلا أنه «لا بد من المحاولة»، وفق إحدى الأمهات التي تجرّب اليوم إطعام طفلها «الحليب الطبيعي». تقول الشابة إنها تردّدت قبل التوجه نحو هذا الخيار، إلا أن الفارق بين سعر المنتج الاصطناعي والآخر الطبيعي دفعها الى اتخاذ القرار، كما غيرها كثيرات ممن وجدن في «الطبيعي» ملجأهن لعدم حرمان أطفالهن من الحليب. وغالباً ما يكون القرار مبنياً على «الأوفر»، إذ أن ٥ ليترات من الحليب البقري تُباع بـ30 ألف ليرة يمكن استخدامها على مدار أسبوعين إذا حُفظت بشكل جيد في البراد، فيما تُراوح أسعار حليب الأطفال الاصطناعي بين 60 ألف ليرة و260 ألفاً، حسب النوع والعمر.
ليس السعر هو فقط ما يغري، إذ ثمة وجهة نظرٍ أخرى تدعم اللجوء إلى الحليب الطبيعي. لا ينفك الدكتور عباس عطوي، الاختصاصي في طب الأطفال والحديثي الولادة، منذ بداية الأزمة، عن حث الأهل على استخدام حليب البقر الطبيعي أو حتى المعلّب للأطفال الذين يخطون السنة، لأن «الطفل في هذه السن يمكنه أخذ كل احتياجاته من الفيتامينات من الطعام المنزلي، فيما يبقى الكالسيوم الذي يمكن تعويضه من الحليب الطبيعي ومشتقاته، كاللبن والجبنة والبيض». كما ينصح بالتنويع في الغذاء المسنود إلى الحليب، كأن «تدخل الأم لطفلها في لائحة الأطعمة كاسة من الأرز بالحليب أو الكاسترد، ولا مانع من إعطائه أيضاً زجاجة حليب مما يتوفر في المنزل، مساءً، إذا ما كان معتاداً على روتين معين قبل النوم».
وعن كيفية تخزين واستهلاك الحليب البقري، يشير عطوي إلى ضرورة «وصول الحليب إلى درجة الغليان لقتل أي بكتيريا قد تسبّب السالمونيلا أو التيفوئيد، ويمكن حفظه في الفريزر لمدة ثلاثة أشهر، وعندما نريد استهلاكه نخرجه من الثلاجة ليذوب بحرارة الغرفة ومن ثم نعطيه للطفل فاتراً مع إضافة ملعقة من العسل لتحليته».
بعكس هذا «التيار»، سارت فاتن، إذ فضّلت اللجوء إلى الحليب المجفّف، بدلاً من حليب طفلها الاصطناعي و«الطبيعي» أيضاً. وقد سلكت هذا الخيار منذ بداية أزمة الحليب. غير أنها اليوم لا تعرف ما إذا كان خيارها صائباً، مع ارتفاع سعر الحليب المجفّف أيضاً وانقطاع الكثير من أنواعه. وتشير إلى أنه منذ 5 أشهرٍ إلى اليوم «غيّرت 4 أنواع من الحليب»، وهي مضطرّة في كل مرة لإيجاد أنواع جديدة لأن «طفلي ببساطة لا يتغذى إلا على الحليب، وشهيته مقطوعة تجاه كل ما نقدمه له من طعام».
تبقى المشكلة اليوم لدى الأطفال الذين يعانون من حساسية بسبب مادة اللاكتوز، اذ لا يمكنهم أخذ أي نوع من الحليب غير منزوع اللاكتوز، وهذا نوع خاص لا يباع إلا في الصيدليات أو في محالّ محددة. مشكلة هؤلاء اليوم ليست فقط في مرضهم، وإنما أيضاً في ارتفاع أسعار تلك الأصناف ضعفين وثلاثة وانقطاعها المتكرر. وهي مشكلة يبدو أنها طويلة الأمد ولا تُعوّض لا بـ«الطبيعي» ولا بـ«المجفّف».