السبت, نوفمبر 23, 2024
الرئيسيةأخبار لبنان الإقتصاديةبيفاني: كانت خطّة الحكومة خفض سعر الصرف إلى 4500 لكن خطّتهم سحبته...

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

بيفاني: كانت خطّة الحكومة خفض سعر الصرف إلى 4500 لكن خطّتهم سحبته نحو الـ15000 ليرة بلا سقف

انضم الى قناتنا على الواتساب للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

انضم الى قناتنا على التلغرام

spot_img

انضم الى مجموعتنا على الفيس بوك

spot_img

منذ أكثر من سنة ونصف سنة نحن عالقون في مسار لتوزيع الخسائر، رسمه ويديره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. عبره يتحكّم بكل نواحي الحياة؛ بالاستهلاك، بالمدّخرات، بالأجور، بكل أسعار الأصول وبالمخزون الاستراتيجي من الدولارات والذهب. حتى الآن، الكلفة الأكبر سُدّدت من الأجور والمدّخرات وانعدام الأمل بالمستقبل، لكن رقعة الخاسرين تتسع أكثر بحسب المدير العام السابق لوزارة المال ألان بيفاني، إذ باتت تشمل الذين كانوا يعتقدون أنهم محميّون أيضاً: «مسار الخسائر الكبيرة يلحق بالجميع ما عدا القلّة التي استفادت من أيام الحرب وعمليات النهب ما بعد الحرب». هو مسار مستمرّ بعدما صار الهدف واضحاً أكثر: تحويل كل الودائع إلى ليرة، أي أن الدولار اليوم يبلغ 15 ألف ليرة ولا ضمانة بأنه سيقف عند هذا الحدّ

بعد سقوط خطّة الحكومة للتعافي التي كنت تشرف على إعدادها، انطلق مسار توزيع الخسائر بطريقة مختلفة جداً وبقيادة مصرف لبنان. من يصاب بهذا المسار ومن يُعفى عنه؟ بأيّ غرض؟

يجب التذكير بعنوان نشره تقرير صادر عن البنك الدولي: الانهيار المبرمج. وعندما استقلت من وزارة المال، تحدثت عن الترجمة العملية لهذا المسار بهدف التحذير منه وإعلام الناس عن مخاطره. إليكم ما كان يفترض أن يحصل، وما حصل فعلياً:
ما كان يفترض أن يحصل بحسب خطّة الحكومة التي كانت أساساً للتفاوض مع الخارج وتأمين الدولارات للاقتصاد، هو الآتي:
– حماية المودعين المتوسطين والصغار (أقل من 500 ألف دولار) بشكل كامل.
– المودعون الذين لديهم ودائع تفوق 500 ألف دولار، سيساهمون في إعادة رسملة المصارف بنسبة تُراوح بين 30% و35%.
– يرتفع الدولار إلى 4500 ليرة.
– بنتيجة الخطة المتكاملة، يفترض أن تطوى صفحة الأزمة خلال سنتين، وفي هذه الفترة يتم تطهير القطاع المصرفي من خسائره على أن تعود الحياة إلى شكلها الطبيعي تدريجياً.
ما حصل فعلياً هو أن الخطة نُسفت لأن من كان سيتحمل تبعات التصحيح من جراء الخطّة هم أنفسهم المستفيدون من النظام، وليس الشعب. وبما أنهم هم المتسلّطون في هذا البلد كانت لديهم خطّة بديلة قائمة على القيام بلا شيء أبداً على الشكل الآتي:
– كل ودائع اللبنانيين لن يبقى منها شيء. حالياً هناك 70% هيركات على الصغار والمتوسطين وحتى الكبار يطاولهم هذا الأمر.
– الدولار فوق الـ15 ألف ليرة، ولا شيء يضمن أنه سيقف عند هذا الحدّ، ولا سيما أنه بات واضحاً أن الهدف المتّبع هو تحويل كل الودائع إلى ليرة.
– عوضاً من أن تكون الأزمة وراءنا خلال سنتين، تمترس المتسلّطون وراء مصالحهم وأصبحنا في أزمة مفتوحة لا نعلم أين تنتهي.
– ابتُلعت الثروات، وتآكل ما تبقّى من الاقتصاد المنتج. حتى القطاع المصرفي ابتُلع أيضاً. حتى المصرفيون إذا كانوا يفكرون بمؤسّساتهم، فلن يكون أحد منهم راضياً عما يحصل اليوم في القطاع. فقد وصلنا إلى حالة يكون فيها الجميع خاسراً حتى الشرائح الغنية التي لم تتمكن من التحايل على النظام (تهريب أموالها يعني)، بدلاً من أن يتم تحميل الأقل قدرة خسائر أقل أو حتى لا خسائر. مسار الخسائر الكبيرة يلحق بالجميع ما عدا القلّة التي استفادت من أيام الحرب وعمليات النهب ما بعد الحرب.

بعد نحو 15 شهراً على توقف لبنان عن الدفع في آذار 2020، هناك من يقول إن هذه الخطوة كانت أساس الانهيار وتبعاته التي وصلنا إليها اليوم. برأيك هل كان لبنان محكوماً بالتوقف عن الدفع أم كان يمكن تجنّب الانهيار كما يُزعم؟
من يقول إن قرار لبنان في آذار 2020 أسّس للانهيار، هو منفصل عن الواقع. فمنذ أسبوعين، استضفنا، كمؤسسة لبنانية للمواطنة، بيار دوكان الذي قالها بوضوح: التعثّر (التوقف عن الدفع) كان يجب أن يحدث منذ سنوات. لكن حتى لا نتمسّك بالرأي الخارجي فقط فلننظر إلى ما حصل؛ في عام 2015 أصبح واضحاً أن تدفق الدولارات لم يعد كافياً لتغطية حاجات ميزان المدفوعات، وهذا ما يفسّر لجوء حاكم مصرف لبنان إلى هندسات مالية لا مبرّر لتنفيذها إلا شحّ الدولارات، ثم تفاقم الوضع تدريجياً. وعندما احتاجت الدولة إلى الدولارات، كانت تحصل عليها من احتياط مصرف لبنان. صافي الاحتياط كان سلبياً كما يعلم الكل. وإذا عدنا بضعة أشهر قبل التوقف عن السداد، فإن العلامات بدأت تظهر على المصارف التي لم تستطع تلبية طلبات مودعيها اعتباراً من آذار 2019، إذ كانت تحاول التعامل مع شحّ الدولارات من خلال تأجيل طلبات المودعين. سلوكها كان دليلاً واضحاً على أنه لم تعد لديها دولارات. وعندما بلغنا لحظة تسديد اليوروبوندز، كان واضحاً أيضاً أنه لو لم تعلن الدولة التعثّر في آذار لكانت ستعلنه في نيسان أو في أيار.
ما يقال عن أن التوقف عن الدفع هو أساس الانهيار، هو ذرّ للرماد في العيون. فمن رَفَضَ التوقف عن الدفع، كان يطالب بتسديد 1.3 مليار دولار إلى الخارج. لكن للمفارقة، عَمَدَ مصرف لبنان إلى بيع سندات يوروبوندز للخارج، وأدّى هذا الأمر إلى عرقلة التوقف المنظّم عن الدفع الذي كان يتطلب الوصول إلى 75% من حاملي الأسهم. كانت أكثرية حاملي الأسهم في لبنان، لكن مع استمرار وتيرة بيع السندات إلى الخارج تبيّن أن التوصل إلى 75% صار صعباً، حتى إن مصرف لبنان بات يقول إنه ليس قادراً على معرفة هوية حاملي الأسهم. هذا معناه، أنهم فضّلوا إغراق البلد في تعثّر غير منظّم على إبقاء سندات اليوروبوندز بحوزتهم. وبالتالي فإن الخيارات كانت محصورة بالتوقف عن السداد. لم يكن لدينا خيار آخر. كانت مسألة وقت. واللبنانيون على اطّلاع، فالمتظاهرون في 17 تشرين الأول كانوا يطالبون بالتعثّر الفوري لأن خلاف ذلك هو تبديد للدولارات.

الأمر لا يتعلق بشحّ الدولارات فقط، فالمصارف تروّج بأن التوقف عن السداد مصدره تعثّر الدولة عن إيفاء سندات اليوروبوندز؟
حالياً تحمل المصارف نحو 8.5 مليارات دولار من سندات اليوروبوندز مقارنة بنحو 14 مليار دولار في نهاية تشرين الأول، في مقابل رؤوس أموال بقيمة 21 مليار دولار في ذلك الوقت، وبالتالي فإن التوقف عن الدفع لم يطيّر رساميلهم، بل في الحقيقة أن معظم أموال المصارف موظّفة لدى مصرف لبنان وهي المصدر الأكبر للخسارة تليها خسائر إقراض القطاع الخاص، وأصغر فئة في الخسائر هي تلك الخسائر المرتبطة بسندات اليوروبوندز. بمعنى آخر، لو الخسارة تتعلق بالسندات فقط لما كانت المصارف في حالتها الراهنة اليوم.
لنتذكر قليلاً ما حدّدته خطّة التعافي: لدى مصرف لبنان خسائر بقيمة تفوق 60 مليار دولار، وخسائر اليوروبوندز لا تفوق 11 مليار دولار، وهناك خسائر محفظة القروض المصرفية. لذا، لا داعي لاختراع القصص: لو بقي لدى المصارف أموال في الخارج، لكان لديها هامش من السيولة يتيح لها حريّة التحرّك، لكن بما أن كل الأموال وُظّفت لدى مصرف لبنان صار الوضع كارثياً. لو كانت المصارف تصرّفت في إطار سلوك يحدّد نسب مخاطر توظيفاتها لدى مصرف لبنان وانكشافها على خساراته لكانت خسارتها أقلّ بكثير، ولربما كانت لديها القدرة على التقليع مجدداً.
لو كان سلوك المصارف مبنياً على الحدّ من المخاطر لكانت قلّصت من انكشافها على خسائر مصرف لبنان

أنت تشير إلى خسائر مصرف لبنان، لكن هل أقرّ الحاكم رياض سلامة بهذه الخسائر قبل أن يُعاد النظر فيها في مجلس النواب؟
في ظل الأرقام لا داعي للاعتراف أو الإنكار. لو كانت الخسائر غير موجودة، وبهذه الكثافة، لكان القطاع المصرفي يعمل بطريقة طبيعية ولكان الناس يحصلون على أموالهم. والواقع، أن الجميع أقرّ بأن أرقام خطّة الحكومة التي تحدّد الخسائر، هي أرقام صحيحة. هذا الإقرار تكرر في أكثر من مناسبة. فقد عُقد اجتماع في القصر الجمهوري بوجود الحاكم وعدد من الوزراء، والحاكم هو من تلا البيان الختامي الذي يشير بوضوح إلى إقرار من الجميع بوجود هذه الخسائر. لعلّ صندوق النقد يحتسب الخسائر أعلى قليلاً مما احتسبته خطّة الحكومة، لكنّ القطاع الخاص، وتحديداً بنك عوده، أصدر تقريراً في أيار الماضي يشير إلى صعوبة الأوضاع لدى مصرف لبنان في عام 2019. حتى إن المصارف اللبنانية التي وقفت ضدّ الخطة وساهمت في إسقاطها، تقرّ اليوم بهذه الخسائر. حماية القطاع المصرفي تتطلب توزيع الخسائر بأسرع وقت لنعيد إطلاقه. لقد كان هدف خطّة الحكومة إطلاق القطاع، وتحريك النمو الاقتصادي وإعادة استعمال ما تبقّى من الأموال بشكل مجدٍ… وأي مسار معاكس يعني إبقاء القطاع المصرفي في حال موت سريري. وبمقدار ما تطول هذه الحالة، يتم إفقار الناس بوتيرة متسارعة ومخيفة.

هل تعتقد أنه من الصائب أن يبقى مسار توزيع الخسائر بقيادة السياسات النقدية (مصرف لبنان يعني)؟
أساساً، إن توزيع الخسائر لا يمكن أن يكون بيد شخص واحد أو طرف واحد، بل يجب أن يكون ضمن خطّة متكاملة للدولة، كما حضّرناها وكما أُقرّت في حينه رغم أنها لم تُقرّ عن قناعة كاملة في مجلس الوزراء. في الأصل، إن أي خطة غير متكاملة لا يمكن أن توازن بين توزيع الخسائر وبين العملية الإصلاحية التي تعوّض الخسائر. ليس المهم أن يُحمّل البعض الخسائر، بل المهم، أنه بعد توزيع وتطهير الخسائر، أن يتأمن للنظام إعادة إطلاق جديّة.

مصرف لبنان والمصارف باعت سندات الدين للخارج لإغراق البلد في تعثّر غير منظّم

إذاً، هل تعتقد أن النظام – النموذج الذي نعرفه في لبنان انتهى، وبتنا في حاجة إلى بديل؟
النظام السياسي والاقتصادي والمالي، انتهى حتماً. لكن من واجبنا أن يستمر وجود البنى المؤسساتية. والنظام السياسي ميت بدليل أنه منذ خروج السوريين لم يتمكن من تسوية أي استحقاق عبر احترام الدستور والمهل بل بالتسويات وبالتدخل الخارجي. النظام الاقتصادي (النموذج) إذا افترضنا وجوده، فهو حتماً مات في الانهيار الذي نراه في كل المؤسّسات والقطاعات الاقتصادية. كما أنه ليس هناك بلد في العام يعيش الواقع المتطرف الحاصل في لبنان (خسائر بحجم مرتين أو ثلاث مرات الناتج القومي). قد نفهم أن تكون المصارف خاسرة، لكن أن يكون المصرف المركزي مكسوراً بهذه الخسائر الهائلة؟ هم يعلمون أن النظام ميت، لكنهم يحوّلون الأمر إلى معارك طواحين الهواء وتمرير الوقت.

Ads Here

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة