كتبت باولا عطية في “الديار”:
تشهد أسواق الخضار والفاكهة في لبنان «مجزرة» أسعار، بعد ارتفاع هذه الأخيرة بنسب خيالية تزامنا مع ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية! أسعار لم يعد للبناني قدرة على التأقلم معها، فبعد أن اضطر إلى الاستغناء عن الدجاج واللحوم والبيض والحليب، ها هو مجبر أيضا على الانكفاء عن الخضار والفاكهة ليصبح «اكل الهواء» الحلّ الأوفر والأنسب لجيبه!
أسعار الفاكهة من الـ 12 ألف ليرة
وشدّ طلوع!
وفي جولة قامت بها صحيفة «الديار» على محلات الخضار والفاكهة لمعرفة مستويات أسعارها، فكيلو الكرز بـ 25 ألف ليرة، وكيلو العنب (أي عنقودي عنب) بـ 25 ألف ليرة، أما كيلو الدراق فوصل إلى الـ 20 ألف ليرة (ما هو مجموع 5 حبات)، أمّا سعر البطيخة الواحدة فـ30 ألف ليرة، وبعض المحلات أصبحت تبيع نصف بطيخة بـ 15 ألف ليرة، فيما وصل كيلو الاناناس الى الـ 40000 ليرة وكيلو المشمش إلى الـ 20 ألف ليرة والتفاح إلى الـ 16 ألف ليرة أما اللوز فـ17 ألف ليرة، فيما وصل سعر كيلو الموز البلدي إلى الـ 12 ألف ليرة.
أما عن أسعار الفاكهة الاستيوائية فحدث ولا حرج، القشطة بـ 29 ألف ليرة والموز الصومالي 20 ألف ليرة وتخطى سعر الاناناس الـ 40 ألف ليرة أما الأفوكادو فتخطى الـ 50 ألف ليرة!
لا «فتوش» بعد اليوم!
وفي الوقت الذي يعتبر فيه طبق الفتوش من الاطباق الشعبية التي لا تفارق مائدة اللبناني ولا يمكن الاستغناء عنها، تخطت تكلفته سقف الـ 50 ألف ليرة مع ارتفاع سعر كيلو الحامض إلى 5000 ليرة، والبندورة بين الـ 9 والـ 13 ألف ليرة، الخيار 7000 ليرة، الخس 4000 ليرة، البقلة 1500 ليرة، الفليفلة 8000 ليرة، البقدونس 1500 ليرة، النعنع 1500 ليرة، البصل 4000 ليرة، الفجل 2000 ليرة… فيما تستبدل العديد من العائلات زيت الزيتون بزيت القلي بعد أن تخطى سعر الأوّل حاجز الـ 700 ألف ليرة لبنانية للتنكة الواحدة.
أمّا أسعار الخضار لتحضير اليخنات فليست أفضل، حيث وصل سعر حبة الارضي شوكي إلى الـ 5000 ليرة وكيلو الكوسا إلى الـ 7000 ليرة والباذنجان 9000 ليرة (أي حبتان) أمّا الجزر فـ6000 ليرة وكيلو البطاطا 7000 ليرة، واللوبية 15 ألف ليرة!
أمّا الرب فيصل سعر مرطبان الكيلو منه إلى الـ 23 ألف ليرة لتتراوح كلفة طبخة يخنة خضار بين الـ 30 والـ 50 ألف ليرة!
3 أسباب تبرر الارتفاع الجنوني للأسعار
وفي حديث مع رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويّك، لـصحيفة «الديار» يوضّح أنّ «هناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء الارتفاع الكارثي لأسعار الفاكهة والخضار: السبب الأوّل يعود إلى محدودية الانتاج حيث أنّ المواسم الزراعية كانت خفيفة هذا العام (فعندما يرتفع الطلب وينخفض العرض ترتفع أسعار السلع تلقائيا) أمّا السبب الثاني فهو تأثّر أسعار السوق الداخلي بالاسعار الخارجية حيث أنّ ما يحدد أسعار الفاكهة في السوق اللبناني هو الخارج في حال كانت هذه السلع تصدّر»، مستشهدا بما حصل في دول الخليج حيث كان بياع الرمان اللبناني بـ 2000 ليرة بينما الرمان المصري بـ 5000 ليرة ما فرض رفع سعر الرمان اللبناني ليوازي السعر المستورد.
ما ينقلنا إلى السبب الثالث وهو أنّ «هناك قسما من الفاكهة مستورد وبالتالي يسعّر وفق دولار السوق الموازية ما يبرر ارتفاعه الجنوني»، بحسب الحويّك، الذي لفت إلى أنّ «الارتفاع بالاسعار لم يطال جميع الفاكهة والخضار، فأسعار الحمضيات مثلا بقيت على حالها، وأيّ فرق أو ارتفاع في أسعارها سببه أنّ كلّ متجر يسعّر وفق مزاجه، حيث كيلو الحامض بالجملة يباع بـ 2500 ليرة»، وهو ما يبرر وصول سعر كيلو الحامض إلى 5000 ليرة ويفرض تفعيل دور الأجهزة الرقابية الخاصة بوزارة الاقتصاد وجمعية حماية المستهلك، لضبط الاسعار وتوحيدها.
مطلوب دعم بقيمة 150 مليون دولار!
وعن فرضية ارتفاع الاسعار بسبب ارتفاع كلفة الانتاج على المزارعين نتيجة استيراد الأدوية والأسمدة والمعدات الزراعية من الخارج يجيب الحويّك بأنّ «ليست كلفة الانتاج التي تحدد السعر انما العرض والطلب، فسعر الملفوف بالجملة اليوم هو 500 ليرة في حين كلفة إنتاجه أعلى بكثير، حيث سجّل المزارعون اللبنانيون اعتراضهم ورفعوا صرختهم لكونهم يخسرون!». إذا المتحكم الأول والأخير في السوق وأسعار السلع هو قاعدة العرض والطلب.
وعن الحلول يلفت إلى أنه «ليس هناك خطة زراعية لدعم المزارعين ومساعدتهم على تطوير وتحسين جودة انتاجهم وتأمين تصريفه»، والحل الوحيد برأيه يكمن في «دعم الدولة للمستلزمات الزراعية على سعر الـ 1500 ليرة بمبلغ قيمته 150 مليون دولار كحدّ أقصى، حيث تصبح كلفة الانتاج والاسعار محمولة وتعود بالمنفعة على المزارع والمستهلك في آن معا، وعلى مقلب آخر يمكن للدولة الحدّ من التصدير».
ها هي الدولة اللبنانية تدفع المواطن اللبناني من جديد، ثمن سوء إدارتها للقطاعات الإنتاجية وإهمالها للقطاع الزراعي الذي ترك دون خطط لترشيده وتنظيمه لأكثر من 30 عاما، واليوم بدأت الازمة الاقتصادية تهدد أمن المواطن الغذائي ولقمة عيشه، وتخلق شرخا حقيقيا بين طبقات المجتمع، ليصبح ممنوعا على الفقير سوى أكل الخبز الحاف وبدون زيت زيتون أو زعتر حتى، لغلاء أسعارها!