كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”: صفحة جديدة من كتاب الإنهيار ستفتح ابتداء من مطلع هذا الأسبوع. عنوانها: “التضخم المفرط”، و”مذيّلة” بتوقيع التعميم 158، حيث “من الملاحظ أن سعر الصرف يرتفع بمعدلات كبيرة في المهلة الأخيرة لاستحقاق تعميم مصرف لبنان”، يقول رئيس مجموعة FFA Private Bank جان رياشي. فـ”فشل البنوك بالضغط على تعديل التعميم 158، واصرار “المركزي” على بدء كل المصارف من دون استثناء التسديد لغاية 400 دولار شهرياً للمودعين في الأول من تموز، قد يكون أدخل بعض المصارف طالباً جدياً على الدولار في السوق الموازية”. ما يعزز هذا الإنطباع، من وجهة نظر رياشي، هو “وجود مصارف لا تملك السيولة بالعملة الأجنبية، وانحصار همّ “المركزي” بتطبيق التعميمين 158، و154 اللذين يقضيان برفع السيولة بالعملة الأجنبية في المصارف الأجنبية بنسبة 3 في المئة، بعيداً من كل المعايير المحاسبية والمصرفية. مع العلم أن المصرف الذي يشتري الدولار بسعر السوق لتلبية متطلبات التعميمين أو واحد منهما، يحقق خسائر هائلة. ذلك أن الليرة بالنسبة له ما زالت تحتسب على 1515.
قبل نحو أربعة أشهر، ومع رفض مصرف لبنان تمديد المهلة أمام المصارف لتطبيق التعميم 154، كسر الدولار عتبة الـ8 آلاف ليرة التي استقر عليها منذ آب 2020، ووصل فجأة إلى 15 ألف ليرة. ولم يعد وينخفض إلى ما بين 12 و13 ألف ليرة إلا بعد هدوء “موجة” الرسملة. واليوم يتكرر الأمر نفسه مع التعميم 158 مع فارق أنه “من الصعب معرفة ما يحصل حقيقة في سوق القطع بسبب المضاربة القوية وفشل منصة صيرفة”، يقول رياشي. فـ”المنصة التي كان من المتفرض أن تكون شفافة وتمثل سعر السوق الحقيقي، بقيت مصطنعة كالقديمة، ولكن بسعر 12 ألف ليرة بدلاً من 3900 ليرة”..
كل التوقعات تشير إلى ان سعر الصرف مستمر في مساره التصاعدي في الأشهر القادمة. فعدا عن تلبد الاجواء السياسية وتناقص الإحتياطيات وفقدان الأمل بأي إصلاح، فان حاجة المصارف لتأمين ما يقارب 1.3 مليار دولار ستضغط بقوة على سعر الصرف. وبحسب رياشي فانه “من الممكن مع بدء تطبيق التعميم 158 أن يهدأ سعر الصرف قليلاً نتيجة زيادة عرض الدولار. إلا أنه في حال إدخار جزء من المودعين الدولارات المقبوضة، وتحويل مبالغ الليرة الموازية المقبوضة إلى الدولار بشكل مباشر أو غير مباشر، فان النتيجة ستكون كارثية على سعر الصرف. وبالإضافة إلى العوامل النقدية والتجارية التي تؤثر على سعر الصرف، فإن بعض الخبراء يذهبون باتجاه قيام بعض الجهات الحزبية التي ما زالت تسدد جزءاً من رواتب “أفرادها” بالدولار على “لمّه” من الأسواق، الأمر الذي يسبب المزيد من الضغط على سعر الصرف.
في المحصلة فأن ما سيناله جزء من المودعين بناء على التعميم 158، سيدفعونه أضعافاً مضاعفة، هم وعموم المواطنين، نتيجة التضخم وارتفاع الأسعار. وهذا ما يؤكد أن كل المحاولات الترقيعية تقود البلد إلى الخراب، ولا خلاص حقيقياً إلا بالحل الشامل تحت مظلة صندوق النقد الدولي والإصلاحات الحقيقية.
المصدر: نداء الوطن