السبت, نوفمبر 23, 2024
الرئيسيةأخبار لبنان الإقتصاديةأخطر ما في قرار دعم المحروقات على 3900 ليرة!

اضغط على الصورة لتحميل تطبيقنا للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

أخطر ما في قرار دعم المحروقات على 3900 ليرة!

انضم الى قناتنا على الواتساب للأخبار والوظائف على مدار الساعة 24/24

spot_img

انضم الى قناتنا على التلغرام

spot_img

انضم الى مجموعتنا على الفيس بوك

spot_img

بعد طول عناد، وافق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على أسوأ قرارٍ، لن يحلّ أزمة البنزين، ولن يحفظ الاحتياطات المتبقّية للأيام الأكثر سواداً الآتية.

تقزّمت أزمة نقص البنزين ليصبح موضوعها المساومة على أيّ سعرٍ يسلّم به البنك المركزي دولاراته للمستوردين، وكم تكون حصّة المهرّبين من دولارات المودعين المستخدمة للدعم.

وافق مصرف لبنان أخيراً على تسليم الدولارات إلى مستوردي المحروقات من احتياطاته بسعر 3900 ليرة للدولار، من الآن حتى نهاية أيلول. هذا السعر لا يساوي أكثر من 22% من سعر الصرف في السوق الموازية، أي أنّه سعر مدعوم بنسبة 78%. ولمّا كان مصرف لبنان يوفّر 85% من الدولارات المطلوبة لاعتمادات استيراد المحروقات، تكون المحصّلة النهائية لدعم أسعار المحروقات 66% تقريباً (85% X 78%). وستزداد نسبة الدعم أكثر مع كلّ تراجع إضافي لسعر صرف الليرة.

العجز التجاريّ لا يبرّر خسارة الليرة لـ 92% من قيمتها لولا سياسة مصرف لبنان التي شجّعت تهريب السلع المدعومة وعزّزت هروب الرساميل

يحتاج المعنيّون إلى درس بديهي في علم الاقتصاد يبيّن ما يخلّفه دعمٌ بنسبة 66% من أسعار مصطنعة وسوق سوداء وازدهار للتهريب إلى ما وراء الحدود، وفي داخل البلاد عبر الغالونات في صناديق السيارات.

ناهيك عن المشكلة الأخلاقية الكبرى في هذا الدعم، وهو أنّه ليس مموّلاً بالمال العام، بل بأموال المودعين الخاصّة التي لم يبقَ أكثر من 15% منها. وهذا يعزّز الانطباع بأنّ المودعين هم الحلقة الأضعف التي تتحمّل الجزء الأكبر من فاتورة الأزمة بحكم الأمر الواقع.

يتردّد أنّ الدعم “المخفّض” سيجعل سعر صفيحة البنزين قريباً أقلّ من 70 ألف ليرة لبنانية، أي ما يعادل 4 دولارات تقريباً وفق سعر السوق الموازية. وللمقارنة، يبلغ سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان في الإمارات، المنتِجة للنفط، 11 دولاراً تقريباً (يُتوقَّع ارتفاعه في تمّوز تِبْعاً لارتفاع سعر النفط في الأسواق الدولية الشهر الماضي). هذا يعني أنّ البنزين المستورد سيظلّ يباع في لبنان بأقلّ من 40% من سعره في إحدى أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم.

فبأيّ عقل يُخيَّل للمسؤولين أنّ التهريب إلى سوريا، أو التخزين في محطّات النافذين، سيتوقّفان بوجود هذا الدعم الهائل؟

عندما بدأت أزمة البنزين كان سعر الصرف في السوق الموازية يقلّ عن 15 ألف ليرة، وقد ارتفع منذ ذلك الحين بأكثر من 2400 ليرة سيزيدها مصرف لبنان على سعر الدولار المدعوم الذي سيسلّمه للمستوردين (من 1507 ليرات إلى 3900 ليرة). هذا يعني أنّ أثر هذا التعديل في سعر الدولار المدعوم انتهى وانقضى مفعوله قبل أن يبدأ.

أخطر ما في القرار الذي تواطأت عليه السلطة السياسية أنّه يُبقي مصرف لبنان مموِّلاً وحيداً لاستيراد المحروقات في غياب البنوك

على أنّ أخطر ما في القرار، الذي تواطأت عليه السلطة السياسية مع البنك المركزي، أنّه يُبقي مصرف لبنان مموِّلاً وحيداً لاستيراد المحروقات، وهنا تكمن العلّة الكبرى في سوق الصرف، وفي التجارة الخارجية، منذ 17 تشرين الأول 2019 حتى اليوم. يمكن للمتابع أن يستذكر كم مرّةٍ وضع رياض سلامة مواعيد لاستنفاد الأموال التي يمكن استخدامها للدعم، بدءاً من الخريف الماضي، ثمّ في نهاية العام، ثمّ في آذار الماضي، ثمّ في حزيران. والآن يضرب موعداً جديداً في أيلول. وربّما يرضخ مجدّداً تحت ضغط السياسيين والشارع وأشياء أخرى.

والواقع يشير إلى أنّه ما دام مصرف لبنان مستمرّاً بنظام أسعار الصرف المتعدّدة (الرسمي 1507، والرسمي الرديف 3900، والرسمي الرديف الثاني 12000)، فإنّ البنوك لن تشارك بدولارٍ واحد في تمويل الاستيراد، وسيبقى العبء كلّه على مصرف لبنان، فيما تنعم سوق الصرّافين السوداء بمكاسب المتاجرة بالدولارات التي يحجم البنك المركزي عن توفيرها.

القاعدة بسيطة، ولا تحتاج إلى جهبذ في الاقتصاد لفهمها: ما دام مصرف لبنان يفرض على البنوك التعامل بسعر صرف يقلّ عن سعر السوق، فلن يقدّم أيّ بنك دولاراً واحداً لتمويل الاستيراد، وسيكون ساذجاً إن فعل. وهكذا، إذا لم يسمح مصرف لبنان للبنوك ببيع الدولار للتجّار بسعر السوق الحقيقي، فلن تنفع أيّ من ألاعيب السَحَرَة التي يبتدعها، مهما أطلق على منصّاته الخائبة من مسمّيات، وأعاد تلميعها المرّة بعد المرّة.

بدأ الخطأ حين أخذ مصرف لبنان على عاتقه توفير الدولارات بالسعر الرسمي لدعم الاستيراد، وازداد الخطأ فداحةً كلّما كان البون يتّسع بين السعر الرسمي وسعر السوق، فازدهر التهريب وخرجت البنوك تماماً من تمويل الاستيراد، وتفاقم هروب الأموال من النظام المالي.

ويمكن القول إنّه لولا هذا الخطأ لم تكن الليرة لِتفقدَ 92% من قيمتها، خصوصاً أنّ تحويلات المغتربين استمرّت بالتدفّق خلال الأزمة، لتناهز سبعة مليارات دولار خلال العام الماضي، وكان يمكن لها أن تعوّض كامل العجز التجاري بعدما تقلّصت فاتورة الاستيراد إلى أقلّ من النصف بفعل الأزمة.

غير أنّ انهيار الليرة إلى هذا الحدّ لا يعود إلى فاتورة الاستيراد، ولا إلى عجز الحساب الجاري، بل إلى سياسة مصرف لبنان التي شجّعت تهريب السلع المدعومة، وعزّزت هروب الرساميل.

ويشير استمرار الدعم إلى رضوخ رياض سلامة مجدّداً لإملاءات السياسيين وإلى عجزه عن حماية الاحتياطات وأموال المودعين من تغوّل النظام السياسي المُحجِم عن أيّ مبادرة لحلّ الأزمة. وهو عجز يمكن أن يُعزى إلى ما نال موقع الرجل وهيبته واستقلاله من تهشيم نتيجة اتّهامات الفساد والتحقيقات القضائية في سويسرا وفرنسا.

محصّلة عجز السياسيين وضعف مصرف لبنان وحاكمه ليست إلا الاستمرار بسياسات العبث حتى يُستنفَد آخر دولار من احتياطات البنك المركزي وأموال المودعين، ليُستنفَدَ بعد ذلك أيّ أمل مستقبلي بإعادة هيكلة القطاع المالي والمالية العامّة. إنّه ليس لعباً على حافّة الهاوية، بل في قعرها.

Ads Here

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة