كتبت رجاء الخطيب في “الديار”:
في الفترة الأخيرة بلغ السعر المتوسط للبنزين عالميا حوالي ١٫١٧ دولاراميركي مقابل كل لتر واحد ولكن رغم ذلك توجد فروق ملحوظة ما بين الدول. حيث تكون الأسعار في الدول الغنية مرتفعة بالمقارنة مع الدول الفقيرة، أما الدول المنتجة والمصدرة للبترول فتكون الأسعار أقل منها بكثير. تعود الفروق في أسعار البنزين في الدول المختلفة إلى الدعم الحكومي للبنزين وحجم الضرائب، فتشتري جميع الدول في العالم النفط بذات الأسعار ولكنها فيما بعد تفرض ضرائب مختلفة أو دعم من خلال آليات معينة مما يؤدي إلى اختلاف أسعار التجزئة للبنزين.
وفي نظرة سريعة على الأسعار في لبنان، فمنذ ١٥ آذار ٢٠٢١ إلى ٢١ حزيران سنة ٢٠٢١ بلغ السعر المتوسط للتر في هذه الفترة إلى ١,٩٧٧.٦٧ ليرة لبنانية حيث بلغ السعر المتوسط للبنزين في هذه الفترة عالميا إلى ٢,٣٢.١٤ ليرة لبنانية. بمعنى آخر كانت الدولة تدعم شراء البنزين بما يعادل ٤٠٠ ليرة مقابل كل لتر واحد على سعر دعم يوازي ١٥٠٠ ليرة لبنانية، أي ٠٫٣٠ دولار أمريكي دعم للتر الواحد.
نهار الإثنين أعطى رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، حسان دياب، موافقة استثنائية على تمويل استيراد المحروقات على أساس تسعيرة ٣٩٠٠ ليرة لبنانية، بدلا من ١٥٠٠ ليرة لبنانية للدولار الواحد.
مع العلم أن القرار الجديد لن يحد من حركة التهريب إلى سوريا لأنه على الرغم من ارتفاع سعر صفيحة البنزين فإن الفوارق بين لبنان وسوريا لا تزال كبيرة حيث تباع صفيحة البنزين في سوريا بما يوازي ٢٥٠ ألف ليرة لبنانية.
اليوم ومع إقتراب نفاد مخزون المصرف المركزي من العملات الصعبة وعدم قدرته على الإستمرار في دعم لا يستفيد منه السوق اللبناني أصلاً وعدم قدرته على المس بالإحتياطي الإلزامي – قانوناً- إلى متى سوف يستمر الدعم على هذا السعر؟ وهل سوف يحد هذا الإرتفاع من التهريب ويتسبب بالحد من الضغط الهائل على محطات الوقود؟
لهذه الغاية قامت الديار بالإتصال بعضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان السيد جورج البراكس الذي إعتبر أن البيان الصادر أعلن أن رفع الدعم الجزئي هذا سوف يغطي مدة ثلاثة أشهر، أي لمرحلة الصيف، وتمنى البراكس أن يكون حاكم مصرف لبنان قد إتخذ كافة الإحتياطات اللازمة لتغطية هذه المرحلة ولتفادي الدخول في تقنين الاعتمادات والمشاكل نفسها مجدداً.
وعما إذا كانت هذه الخطوة قد تؤثر على آفتي التهريب والتخزين، رأى البراكس أنها لن تؤثر بالمطلق وأن محاربتهم هي واجبة على الدولة باجهزتها الرقابية لكي تتأكد أن البضاعة التي تدخل إلى السوق المحلي تصل إلى المحطات بشكل كامل، وبالتالي أي قرار أو تعميم في هذا الشأن لن يحد من التهريب والتخزين.
البراكس الذي نفى أن يكون مصرف لبنان قد أعلن عن المبالغ التي سوف يتم رصدها، توقع أن تتراوح بين ٧٠٠ و٨٠٠ مليون دولار في حساب بسيط يكفي لتغطية هذه الأشهر الثلاث. البراكس الذي إعتبر أن سياسات الحكومة ضبابية، أكد عدم معرفته عن توقيت أي رفع إضافي للدعم، ولكنه أكد أن الحديث الدائر حالياً في أروقة الحكومة يربط أي رفع دعم مستقبلي بتوفير بديل كالبطاقة التمويلية.
البراكس رأى أن أي حل لا يمكن أي يحصل دون رفع كلي للدعم متزامناً مع توفير بديل للمواطن لمساعدته في التعويض عن غلاء الأسعار الذي سوف يتفاقم.
في بلد يدار من مجموعة من الفاشلين، لا يمكن توقع حل مختلف. بالأصل لم ينعم اللبناني طول حياته بأن يستمع إلى خطة متكاملة متماسكة لإدارة أي أزمة تحل بنا، وما أكثرها! ألم يكن من المجدي وضع خطة تشمل عدم رفع الدعم عن صناعات وخدمات محددة كيلا يزداد الفقير فقراً والغني غنًى؟! لم يعد المواطن يعول على شيء، وفوضى «الحلول» العشوائية تستفز عقله دون أن يكون قادراً على فعل أي شيء الأن البلد بات مخطوفاً بشكل كامل من عصابات التجار وازلام السلطة المستفيدين بشكل أو بأخر من المصائب التي تعصف بالوطن.