كتب كمال ذبيان في “الديار”:
قبل اشهر خمد الحراك الدولي باتجاه لبنان لمساعدته على حل ازمته السياسية وخروجه من مأزقه المالي والاقتصادي، ودفعه لاجراء اصلاحات في نظامه، على المستويين السياسي بانتاج سلطة جديدة، والاقتصادي برسم دور جديد له داخليا وفي المنطقة، فإن تحركا ظهر قبل اسبوعين للعودة الى لبنان، الذي طرحت ازمته على الطاولة بين وزراء خارجية اميركا انطوني بلينكن، وفرنسا جان ايف لودريان والسعودية فيصل بن فرحان حيث كان توجه لدى الوزراء الثلاثة، بأن يمنعوا استمرار الانهيار في لبنان الذي يقف على حافة انفجار اجتماعي، مع تردي الوضع المعيشي وفقدان مواد اساسية وضرورية كالدواء والمحروقات والقمح، وقد بدأت عملية ترشيد الانفاق، برفع الدعم تدريجيا.
وتحريك الملف اللبناني دوليا واقليميا، يعطي بعض التفاؤل بإمكان حصول اختراق في حائط الازمة، والتباين الذي ظهر حول من يتحمل المسؤولية في وصول الوضع في لبنان الى هذه الكارثة، اذ حمّل رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، بعض الدول، مسؤولية ما وصلت اليه الحالة في لبنان من وضع مأساوي لشعب يجوع ويفقر، وهذا ما دفع بالسفيرة الفرنسية في لبنان للرد عليه، وبأسلوب غير ديبلوماسي، بتوجيه الاتهام الى المسؤولين في لبنان، بتخليهم عن مهامهم المطلوبة منهم دستوريا وسياسيا واخلاقيا، وهم يقفون متفرجين على دولتهم تزول وشعبهم يموت وهو التوصيف الذي تتفق عليه غالبية الدول من ان اسباب الازمة هي في اداء الطبقة السياسية الحاكمة منذ عقود، وعدم القيام بما يطلبه منها الواجب الوطني حيث تشير مصادر ديبلوماسية شاركت في لقاء سفراء مع الرئيس دياب بأن الامتعاض كان عاما كل الحاضرين الذين لم يتوقعوا من الرئيس دياب مثل هذا الكلام الذي لا يعطي توصيفا حقيقيا للواقع وقد يكون هناك مصالح لدول في لبنان لكن ماذا فعل المسؤولين لتجنيب هذا الانهيار، الذي بدأ منذ عقود، وحصل تراكم اخطاء لسياسات خاطئة، ولانتشار الفساد.
والحراك الاميركي – الفرنسي – السعودي لا يبدو انه سيكون شكليا بل فاعلا، بعد ان استقرت الادارة الاميركية الجديدة برئاسة جو بايدن، الذي اتفق مع الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون قبل اشهر تفعيل مبادرته التي اطلقها قبل نحو عام لانها الممر الوحيد في هذه المرحلة، لخروج لبنان من ازمته، بتشكيل حكومة مهمة، التي لم تتفق القوى السياسية على شكلها وافرادها وتوزيع حقائبها، كما مهامها، فتعطلت عملية التشكيل وما زالت، اذ تحاول الدول الثلاث ان تعمل متضامنة لحل الازمة حيث السعي الى جذب السعودية الى اميركا وفرنسا لتكون شريكة فاعلة في الحل تقول المصادر التي تشير الى ان المملكة ابلغت من يعنيهم الامر بأن لبنان خارج اهتماماتها في هذه المرحلة، وهي كانت لها مساع سابقة اثناء الحرب الاهلية، اوصلت الى اتفاق الطائف الذي لا بديل عنه في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها لبنان.
لذلك تأتي زيارة السفيرتان الاميركية دورثي شيا والفرنسية آن غريو الى السعودية، لاستكمال ما بدأه الاجتماع الوزاري الثلاثي والاتفاق على عناوين المرحلة المقبلة واخذ جواب من الرياض حول موقف المسؤولين فيها من تكليف الرئيس سعد الحريري، الذي لم يزر المملكة منذ تسميته لرئاسة الحكومة في وقت زار دول اخرى لان كلام من واشنطن وباريس باتا على قناعة ان المشكلة موجودة في السعودية، وحسم موقفها من استمرار الحريري رئيسا مكلفا او الاعتذار والبحث عن البديل، اذ تكشف المصادر عن ان اميركا وفرنسا تؤيدان حكومة تشرف على الانتخابات النيابية التي يصران عليها كما الرئاسية وان التغيير قد يحصل في هذين الاستحقاقين، حيث تعوّل واشنطن وباريس على وصول قوى وتيارات وتجمعات من «الحراك الشعبي» الى مجلس النواب واحداث خرق فيه وقد بدأ الحديث في الصالونات السياسية عن رصد الادارة الاميركية لمبلغ مليار دولار للانتخابات، ستصرفها على ما يسمى «المجتمع المدني» وقد سبق لادارات سابقة ان صرفت اموالا في لبنان لمشاريعها السياسية كاعتراف السفير الاميركي الاسبق في لبنان جيفري فيلتمان بأن ادارته دفعت 500 مليون دولار لتشويه صورة المقاومة في لبنان وذهبت الى اطراف سياسية وحزبية في 14 آذار ومن يدور في فلكها.
وتريد واشنطن وباريس ان تكون الرياض شريكة معهما في ادارة الانتخابات النيابية كي لا تحصل ايران عبر «حزب الله» وحلفائه على الاكثرية النيابية.