لم تصمد منصة صيرفة لأكثر من نحو شهرين بعد إطلاقها في منتصف شهر أيار الماضي. حين بدا واضحًا تراجع حجم تداول الدولار عبرها، بالتوازي مع ارتفاع أسعاره من نحو 12 ألف ليرة إلى نحو 15 ليرة. فضلًا عن انحسار الفئات المستفيدة من الدولار. فبعد أن كان التداول مفتوحًا في مرحلته الأولى لجميع التجّار، على أن يُفتَح للأفراد، تقلَّصت الدائرة لتقتصر على مستوردي الأدوية وحليب الأطفال. فيما لم يعلن مصرف لبنان صراحةً عدم نيته التوقف عن دعم باقي المستوردين، لكن التأخير المتعمّد في قبول طلبات الاستيراد، يوضح الهدف المطلوب.
كما أن المركزي أبلغ المصارف بوجوب وضع المستوردين في صورة عدم توفير الدولارات، وبالتالي ضرورة سحبهم المبالغ الموضوعة بالليرة والمطلوبة كتغطية للحصول على الدولار. ما دفع التجار للتوجه نحو السوق السوداء لتأمين الدولار للاستيراد، فارتفع الدولار في السوق السوداء إلى حدود الـ19500 ليرة، فيما مستوى أسعار السلع فاق الـ20 ألف ليرة.
وهذا التراجع في دعم تأمين الدولار التُمِسَ من خلال الأرقام التي اعلنها المركزي حول حجم التداول. إذ فاقت الدولارات المؤمّنة في الفترة الأولى لاطلاق المنصة، الـ30 مليون دولار أسبوعيًا، لتسلك درب الانحدار نحو الـ20 مليون دولار مطلع شهر تموز الجاري، بسعر تدخّل بلغ 12 ألف ليرة للدولار، وصولًا إلى 5 مليون دولار يوم الجمعة 9 تموز، بسعر تدخّل بلغ 15200 ليرة. وبمعنى آخر، فإن حصول المستوردين على الدولار بسعر 12 ألف ليرة، قابله ارتفاع الدولار في السوق السوداء إلى ما يزيد عن 15 ألف ليرة، فيما وصول دولار المنصة إلى 15 ألف ليرة، رافقه قفز الدولار فوق الـ19 ألف ليرة. وبما أن سعر التداول بالمنصة متحرّك، فإن ارتفاع السعر سيترافق مع تحليق للدولار في السوق السوداء، بمعزل عن حجم التداول والفئات المستفيدة من الدولار.
لم يبقَ أمام سلامة سوى الإعلان الرسمي عن موت المنصة والتوقف عن استعمالها. وهو ما لن يحصل لسببين أساسيين. أولًا، عدم القدرة على الاعتراف بالفشل. وثانيًا، لما لذلك من تأثير سلبي على سعر الصرف. وبالتالي، أحيلت المنصة للتقاعد الهادىء على غرار منصة الصرافين التي يفترض نظريًا انها تشتري الدولار على سعر 3850 ليرة وتبيعه على سعر 3900 ليرة، وهو أمر غير موجود واقعيًا.