كتب موريس متى في “النهار”:
خرج وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن في مؤتمر صحافي امس خُصص لملف دعم الدواء معلنا ان لائحة الادوية التي سيتم الابقاء على دعمها تشمل أدوية الامراض المزمنة والمستعصية وحليب الاطفال واللقاحات والامراض النفسية والعصبية، وأشار الى ان الادوية غير المدعومة تشمل ادوية سعرها اقل من 12 الف ليرة وما يمكن تأمينه عبر مراكز الرعاية الصحية الاولية.
وبحسب المعلومات ان ما قدمته وزارة الصحة بالنسبة الى الأدوية غير المدعومة يعني تسعيرها على سعر 12 الف ليرة للدولار الواحد. وفي هذا السياق، تؤكد مصادر متابعة للملف ان هذه الخطة تخفض نسب أرباح المستوردين من 11% الى 6% اضافة الى تخفيض هامش ربح الصيادلة من 22% الى 17%.
في التفاصيل، شدد الوزير حسن على أن الخطة التي تتضمن لائحتين واحدة بالأدوية المدعومة والثانية بالأدوية غير المدعومة، تهدف إلى تأمين حيز من الأمان الدوائي وفق النسبة المعلنة للدعم من قِبل مصرف لبنان والتي تدفع بوزارة الصحة إلى تحديد الأولويات. ضمن الخطة التي أعلنها وزير الصحة فان غالبية الأدوية التي اعتمدت في اللوائح غير المدعومة يمكن أن يلجأ المواطن إلى أكثر من مصدر لتأمينها عبر مراكز الرعاية الصحية الأولية حيث يتم العمل مع الشركاء الدوليين والمنظمات لتوسيع هذه الشريحة، ومع المصنّعين المحليين لإنتاج هذه الأدوية بأسعار مقبولة، أو من خلال الإعتماد على الجينيريك المدعوم. أما الدعم فيطاول الجينيريك حيث اعتمدت وزارة الصحة السعر الأدنى مع الجودة الأعلى، وثمة تعويل في هذا المجال على أن تستفيد شركات الـBrand من هذا الدعم للبقاء في السوق اللبنانية من خلال مقاربة أسعارها لأسعار الجينيريك ولأسعار تكون من ضمن قدرة المواطن، مع فتح باب المنافسة والسماح بالإستيراد والتسجيل السريع لبعض الأدوية الشحيحة في السوق.
أما المناقصة الموحدة للجهات الضامنة فستؤمن بحسب الخطة السعر الأدنى بناء على الكمية الأكبر المشتراة. وهذه المناقصة ستغطي المرضى المسجلين في الصناديق الرسمية الضامنة ما سيخفض الفاتورة الدوائية التي ستدخل في الدعم، خصوصا في فئة أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة والحافظة للحياة، متناولا الأرقام بالتفصيل وفق الجدول الذي أصدره مصرف لبنان، قابلها الوزير حسن بأرقام تم التدقيق فيها مع نقابة الصيادلة حيث يجري توثيق وجدولة كل الفواتير المستوردة لما يترتب على ذلك من ضرائب ومتابعة للدواء في السوق.
وتشير أرقام مصرف لبنان الى ان فاتورة الدواء والمستلزمات الطبية للنصف الأول من سنة 2021 تتعدى كامل فاتورة العام 2020، كما أظهرت ارقام “المركزي” ان:
قيمة الفواتير المسددة لغاية 30/6/2021 بلغت حوالى 536 مليون دولار.
قيمة الفواتير العالقة لغاية 30/6/2021 بلغت حوالى 445 مليون دولار.
قيمة الفواتير المقدمة للموافقة المسبقة عليها بلغت حوالى 460 مليون دولار.
كما بلغت قيمة الفواتير المسددة لاستيراد حليب الرضع لغاية 30 حزيران 2021 بحسب مصرف لبنان، نحو 20 مليون دولار مقابل 17 مليون دولار لكامل العام 2020. وبناء على ما تقدم، يصل المجموع لغاية 30 حزيران من العام 2021 الى حوالى 1.5 مليار دولار. ومع ذلك، فإن الأدوية مفقودة، في حين أن الكلفة السنوية للمبالغ التي سددت من قِبل مصرف لبنان لدعم استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية عن كامل عام 2020 بلغت حوالى 1.173 مليار دولار. وردا على هذه الارقام، يؤكد انه مع الاعتبار وسطيا أن الدعم بدأ في 1/7/2019 حتى تاريخه، يكون حجم الفواتير المقدمة للمصرف من 1/7/2019 حتى نهاية الـ2019 قد بلغ نحو 490 مليون دولار سدد منها في 2019 ما مجموعه 90 مليون دولار، وهذا يعني بقاء 400 مليون دولار تم ترحيلها للدعم في 2020.
وبحسب وزارة الصحة، انه في عام 2020، تم تقديم فواتير للمصرف المركزي بقيمة مليار و182 مليونا، سدد المصرف منها عام 2020 ما مجموعه مليار و172 مليونا؛ ومع احتساب كسر الـ400 مليون دولار التي لم يتم دفعها في العام 2019، سيكون ما تم تسديده بقيمة 772 مليون دولار. وهذا العام وحتى 30/6/2021، تم تسديد 538 مليونا فيما الفواتير المقدمة للمصرف تبلغ 520 مليونا، ما يعني بحسب وزير الصحة تسديد حوالى 400 مليون دولار عن عام 2020 ويبقى 128 مليونا لم يتم تسديدها من فواتير مقدمة في عام 2021. وإضافة إلى ذلك، هناك فواتير تم تقديمها بعد قرار الموافقة المسبقة الصادر في 7 أيار وقيمتها تراوح ما بين 150 مليونا و180 مليونا، وفواتير مقدمة من الشركات لتحصيل الدعم بقيمة 486 مليونا. في ملخص وزارة الصحة، وعلى مدى 24 شهرا من تموز 2019 إلى تموز 2021 يكون المصرف المركزي قد دفع مليارا و800 مليون ويبقى عليه تسديد 600 مليون، ما يشكل مجموعا عاما قيمته ملياران و400 مليون دولار، وهذا يعني أن الدعم خلال سنتين لم يتعد الـ100 مليون دولار شهريا.
وأصدر وزير الصحة قرارا يتعلق بالادوية المستوردة والمصنعة محليا بإجازة وغير المدعومة من مصرف لبنان مرفقا بلائحة الادوية غير المدعومة من قِبل المصرف المركزي. وحدد قرار حسن آلية تسعير هذه الادوية إنطلاقا من تسعير التصدير CFI للأدوية المستوردة والسعر المجاز على باب المصنع للأدوية المصنعة بإجازة وتحويل عملات التصدير وعملات الاسعار المجازة على باب المصنع بالدولار، على ان تضاف نسبة مصاريف التخليص ورسوم الجمارك في حال وُجدت بنسبة 10% (رسم جمركي عادي) و5% (دون رسم جمركي) ويكون هامش ربح المستورد والموزع المحلي 6% كحد أقصى بالمقارنة مع هامش ربح حاليا عند 11% وهامش ربح الصيدلي 20% كحد أقصى وصولا الى سعر المبيع المدعوم وفق سعر صرف الدولار في السوق، والمعتمد من قبل وزارة الصحة العامة كل شهر او كلما دعت الحاجة. كما أصدر وزير الصحة قرارا يتعلق بتسعير الادوية المصنعة محليا بالكامل والامصال.
فقد حدد القرار تسعيرة الادوية المصنعة محلياً بالكامل إنطلاقاً من السعر المجاز على باب المصنع من قِبل وزارة الصحة (Ex-Factory Price) – وفق المنصة الدولار الاميركي عند 3900 ليرة، يضاف اليها كحد أقصى نسبة 6% كهامش ربح موزع المصنع المحلي و 20% كهامش ربح الصيدلي كحد أقصى. يضاف الى الحاصل نسبة 30% محتسبة على اساس سعر باب المصنع وفق سعر صرف الدولار في الاسواق والمعتمد من قِبل وزارة الصحة العامة كل شهر وكلما دعت الحاجة وصولا الى سعر المبيع للعموم. أمام بالنسبة الى تسعيرة الامصال، فتتم إنطلاقاً من السعر المجاز على باب المصنع من قِبل وزارة الصحة يضاف اليه كحد أقصى نسبة 7% كهامش موزع المصنع المحلي ويكون هامش ربح الصيدلي داخل المستشفى وفي الصيدليات 20% كحد أقصى وصولا الى السعر المطروح وفق 80% من سعر صرف الدولار في الاسواق والمعتمد من وزارة الصحة كل شهر وكلما دعت الحاجة.
نشرت وزارة الصحة لوائح الادوية التي تقرر الابقاء على دعمها على اساس سعر الصرف الرسمي الحالي عند 1500 ليرة اضافة الى لائحة الادوية التي تقرر رفع الدعم عنها، مع الاخذ في الاعتبار ما أبلغه مصرف لبنان لوزارة الصحة لناحية قدرته على تأمين العملات الاجنبية الصعبة لتمويل دعم هذه الادوية. فالمجلس المركزي لمصرف لبنان أعلم وزارة الصحة انه يمكن ان يؤمن شهريا نحو 40 مليون دولار لتمويل دعم الدواء فقط لا غير، فما كان على الوزارة الا ان إنكبت على وضع لوائح بالادوية التي يجب الابقاء على دعمها بحسب الاولويات. ويعتبر نقيب مستوردي الادوية كريم جبارة ان ما قدمه وزير الصحة يستحيل على المستوردين الالتزام به، فكيف يمكن الطلب من المستوردين إستيراد الدواء وتسعيره على اساس سعر دولار عند 12 الف ليرة فيما دولار السوق يتخطى 21 الف ليرة، ما يعني ان هؤلاء المستوردين عليهم اللجوء الى السوق مرة جديدة لشراء الدولار وتمويل الاستيراد، مستبعدا ان تؤمن وزارة الصحة شراء الدولار عبر منصة معينة على سعر 12 الف ليرة للدولار.
كما يعتبر جبارة ان ما قدمته وزارة الصحة يدفع العديد من المستوردين لوقف الاستيراد نهائيا، مؤكدا ان تحرير الاسعار لوقف الدعم على الدواء يعني حكما تسعيره على اساس سعر دولار السوق وليس فرض تسعيره على اساس سعر صرف أدنى بكثير من سعر دولار السوق السوداء. أما بالنسبة الى الفواتير التي ما زالت عالقة في مصرف لبنان وقيمتها تقارب 600 مليون دولار، فيطالب جبارة مجددا بضرورة تمريرها وصرف اموالها اي دعمها على اساس سعر 1500 ليرة للدولار، فهذه الفواتير تعود لأدوية تم بيعها على اساس انها مدعومة على سعر الصرف الرسمي الحالي.