كتبت كارين اليان في “النهار”:
أرخت أزمة الدواء بثقلها على القطاع الصحي، وفرضت تحديات كبيرة لا يستهان بها. فرض شحّ الأدوية إلى ظهور أدوية منتهية الصلاحية إلى الواجهة. تخزين الأدوية لوقت طويل وبيع بعضها من دون الانتباه إلى مدة الصلاحية باتت واقعة خطيرة. وقد يقع الواطن ضحية انقطاع الادوية او شرائها برغم من انتهاء صلاحيتها. وبين حاجته إليها ومنفعة الدواء تصبح المعادلة صعبة.
مع أزمة الدواء، يبدو وكأن المعايير المعتمدة وشروط تناول الدواء قد تبدّلت. ففيما يكافح المواطن لتأمين الأدوية التي انقطعت بمعظمها، يجد نفسه مرغماً على التغاضي عن تاريخ انتهاء مدة الصلاحية أحياناً لعدم توافر الدواء أصلاً في #الصيدليات. فإما أن يتناول الدواء المنتهي الصلاحية أو عدم تلقي أي دواء، مع ما في ذلك من انعكاسات على صحته.
في هذا الإطار تحدثت رئيسة قسم طب العائلة في مركز بلفو الطبي الدكتورة غريس أبي رزق عن الشروط والمعايير لتناول أدوية معينة منتهية الصلاحية وما إذا كان ذلك ممكناً لمختلف أنواع الأدوية؟
هل يمكن تناول أدوية منتهية الصلاحية من مدة معينة؟
حكماً، ما من توصية بتناول دواء منتهي الصلاحية. بشكل عام لا يمكن تناول دواء انتهت مدة صلاحيته لأن فاعلية الأدوية ترتبط بذلك. وتوضح أبي رزق أن مدة صلاحية الأدوية عامةً تتراوح بين 3 سنوات و5 ولا ينصح بتناولها بعد هذه المدة.
لكن يبدو واضحاً أن أزمة الدواء في لبنان، فتحت المجال للتهاون في المعايير العلمية المتعارف عليها. ولا تنكر أبي رزق أن قسماً كبيراً من الأدوية المتوافرة تبقى فاعلة بعد انتهاء مدة الصلاحية شرط عدم تخطي مدة الـ3 أشهر إلى 6. حتى إن ثمة دراسات تشير إلى أن هناك أدوية تبقى فاعلة إلى ما بعد هذه المدة.
لكن يبقى من الأفضل التقيد بمدة الصلاحية قدر الإمكان. أما في ظل الأزمة، فبات معروفاً أن المواطن اللبناني قد يتناول مرغماً دواء انتهت مدة صلاحيته من شهر أو أكثر لعدم توافره في الصيدليات. قد يبقى الدواء فعالاً ولا مشكلة في ذلك بحسب أبي رزق بسبب الظروف الراهنة، لكن لا ننصح بتخطي مدة الشهرين أو 3 بعد انتهاء مدة الصلاحية.
هل ينطبق ذلك على كافة أنواع الأدوية؟
لا تشمل هذه القاعدة أبداً على كافة أنواع الأدوية، فمنها ما لا يمكن أبداً تناوله بعد انتهاء مدة صلاحيته كالأنسولين مثلاً، فلا بد من التقيد بمدة الصلاحية دون تهاون في مثل هذه الحالة، لأنه يفقد من فاعليته حكماً. أما بالنسبة إلى المضادات الحيوية فتبقى في معظمها فاعلة إجمالاً.
في الواقع، يرتبط ذلك بالهدف من الدواء. فإذا كان الدواء مثلاً لتنظيم ضربات القلب، لا يمكن التهاون إذا كان هناك شك في فاعلية الدواء بعد انتهاء مدة صلاحيته، لأن ذلك يمكن أن يهدد حياة المريض. أما بالنسبة إلى دواء الضغط فيُعرف أن مستوى ضغط الدم لا يرتفع بين ليلة وضحاها، وبالتالي ما من مشكلة في تناول دواء الضغط بعد انتهاء مدة صلاحيته بفترة قصيرة، خصوصاً إذا لم يكن متوافراً. وينطبق ذلك مثلاً على المراهم المعتمدة لمشكلات جلدية فيمكن اعتمادها بعد 3 أو 6 أشهر من انتهاء مدة صلاحيتها.
في المقابل، تشدد أبي رزق هنا على طريقة حفظ الدواء التي تعتبر أحد المعايير الأساسية لفاعليته. فيجب أن يُحفظ الدواء في حرارة معتدلة بعيداً عن أية مصادر للتدفئة أو للحرارة المرتفعة لأنها تؤثر سلباً على فاعليته ويمكن أن تسبب مشاكل. وبشكل خاص فإن أدوية الأطفال هي الأكثر تأثراً بالحرارة، كما أن الأدوية الخاصة بالسعال فطريقة حفظها دقيقة أكثر .
وتوضح أبي رزق أن انتهاء مدة صلاحية الدواء يؤثر في فاعليته أكثر مما يتسبب بمشاكل صحية. في الوقت نفسه تدعو اللبنانيين إلى الحد من تناول الأدوية تلقائياً، وتدعو إلى الحد من تناول الأدوية سريعاً دون وصفة طبيب. فللمبالغة في تناول الأدوية أضرار أكثر من الفوائد التي يمكن أن تنتج عن ذلك.