ما زال الأمريكيون ينفقون أموالهم بلهف شديد برغم ارتفاع الأسعار، وهذا ما تظهره أحدث مجموعة من تقارير أرباح الشركات- سواء كانت صادرة عن متاجر البقالة أو أماكن تقديم الطعام بالخارج- أنَّ المتسوقين يرفعون مبيعات الشركات إلى مستويات عالية جديدة.
أعلنت شركات “يام! برابدز” (Yum! Brands Inc.)، و”ألتريا غروب” (Altria Group Inc.)، و”ألبرتسونز” (Albertsons Cos.)، و” تيمبور سيلي انترناشيونال” (Tempur Sealy International Inc.)، و”كريغ دكتور بيبر” (Keurig Dr Pepper Inc.) جميعها عن إيرادات تتفوَّق على توقُّعات “وول ستريت”، صباح الخميس الماضي، مما يدل على أنَّ النوبة التضخمية لا تخيف المستهلكين، على الأقل في الوقت الحالي. بل وأثبتوا استعدادهم في الواقع لشراء المنتجات الأكثر رقياً.
ليس هناك أيضاً ما يشير إلى أنَّ حالة الفيروس المتفاقمة بشكل مطَّرد تلقي بظلالها على النظرة المستقبلية لصانعي المنتجات الاستهلاكية.
استفاد الربع الأخير من المقارنات مع ذروة جائحة كوفيد- 19 العام الماضي، لكنَّ الشركات أبلغت إلى حدٍّ كبير عن نتائج تتفوَّق على نظيرتها التي كانت موجودة قبل عام 2019 أيضاً. ويتوقَّعون أن تستمر الأوقات الجيدة مع زيادة العديد منهم لتوجيهاتهم لبقية عام 2021.
أفضل النتائج
قال جافين هاترسلي، الرئيس التنفيذي لشركة “مولسون كورز” (Molson Coors)، في بيان: “يمثِّل هذا الربع أفضل النتائج التي حقَّقناها منذ تنفيذ خطتنا لإعادة التنشيط منذ ما يقرب من عامين، كما تحقق فيه أكبر نمو صاعد مقارنة بأيِّ ربع وقع خلال أكثر من عقد من الزمان”.
لفتت شركة البيرة العملاقة إلى أنَّ إيراداتها في الربع الثاني ارتفعت بنسبة 14٪ على أساس سعر صرف العملة الثابت، مشيرةً إلى إعادة فتح الحانات والمطاعم، وزيادة مبيعات العلامات التجارية الراقية.
قال هاترسلي في مؤتمر عبر الهاتف: “الاتجاه نحو المنتجات الراقية سيستمر”. مضيفاً أنَّ الشركة ستسعى لزيادة جاذبية منتجاتها على أساس الجودة وليس السعر. وهي تخطط للاستثمار في خط إنتاجها من المشروبات الكربونية المنكَّهة و”بقوة”، وذلك بهدف توسيع محفظتها الاستثمارية من المنتجات عالية الجودة.
في الوقت نفسه، قال بوب غامبوغورت، الرئيس التنفيذي لـ “كريغ دكتور بيبر”، في بيان: إنَّ شركته “نجحت في اجتياز بيئة من السوق الكلي المليء بالتحديات، كما تتسم بالتضخم، واضطرابات سلسلة التوريد، وسوق العمل الضيق”، إذ صعدت المبيعات بنسبة 9.6٪ في الربع، كما رفعت شركة صناعة المشروبات توجيهها بشأن نمو صافي المبيعات، وفقاً لسعر صرف العملة الثابت، ليصل إلى نطاق يتراوح من 6٪ إلى 7٪، مقارنة بـ 4٪ إلى 6٪ في السابق.
أيضاً، قالت شركة تيمبور سيلي، المتخصصة في تصنيع المراتب، إنَّ المبيعات قفزت بنسبة 76٪ في الربع مقارنة بالعام الماضي، وارتفعت بنسبة 62٪ مقارنة بفترة 2019. ورفعت الشركة توجيه ربحية السهم للعام بأكمله.
الاستهلاك الشخصي
ظهرت قوة المستهلك في التقرير الذي صدر للتوِّ عن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة للربع الثاني، وأوضح وجود زيادة سنوية بنسبة 11.8٪ في الاستهلاك الشخصي، ليتغلَّب بذلك على العوامل الأخرى التي أدت إلى ارتفاع إجمالي الناتج المحلي إلى 6.5٪.
لم تكن الأخبار كلها وردية؛ فقد أشارت شركة كريغ إلى أنَّ عودة موظفي المكاتب
ماتزال بطيئة، مما يضر بأعمال كبسولات القهوة.
قالت ديانا روزيرو بينا، المحللة في بلومبرغ إنتليجنس، إنَّ قوة التسعير يمكن أن تتعرَّض لاختبار حدودها. مضيفةً: “ما يقلقني هو أنَّ المستهلكين قد يقبلون هذه الموجات الأولى من الزيادات في الأسعار، لكن قد يكون من الصعب التفاوض على الموجات المستقبلية في فترة زمنية قصيرة نسبياً”.
مع ذلك؛ ماتزال الشركات في الوقت الحالي متفائلة. وقامت “هيرشي” (Hershey) برفع أسعار منتجات الحلويات الموجودة ضمن محفظتها الاستثمارية، وتشهد الآن ارتفاعاً في المبيعات بنسبة 6٪ إلى 8٪ للعام بأكمله، وهو ما يشكِّل زيادة بنقطتين مئويتين عن النطاق السابق.
وأضاف: “المستهلكون لديهم الكثير من المال، لكنَّنا نراه في سلوكهم بالتسوُّق بمتاجرنا، فهم لم يقللوا من إقبالهم على الشراء”، واختتم بقوله: “إنَّهم يشترون أشياء أكثر ترفاً. وما زلت أرى أنَّ المستهلكين يستمتعون بالطعام في المنزل. أما زهور الأوركيد فهي ليست رخيصة، ولا يمكننا الاحتفاظ بها في مخزوننا”.