هل يمكن زيادة أجور العاملين في القطاع العام؟ مجلس الخدمة المدنية يرى أن الأمر متعذّر راهناً. ما البديل؟ يقترح المجلس أربعة بدائل: إفادة العاملين في القطاع العام من البطاقة التمويلية، خفض كلفة الانتقال من وإلى مركز العمل، الحفاظ على التقديمات الصحية والاجتماعية وتعزيزها قدر الإمكان، إعادة اعتماد العشرين عاماً من الخدمة الفعلية كحدّ أدنى لاستحقاق المعاش التقاعدي.
مقترحات كهذه، تأتي لأن العودة إلى الوضع السيئ هي الخيار الوحيد المتاح في مواجهة الأسوأ، أي البحث عن الحلول البديلة بدلاً من الحلول الجذريّة. فالعودة إلى الفساد والنهب يوم كان سعر الدولار بقيمة 1500 ليرة، هو أفضل من فوضى الانهيار التي قد تشتدّ قتامة. العودة إلى ترف استهلاك الدواء والمحروقات، والاعتماد جزئياً على مولّدات الأحياء لإنتاج الكهرباء… وكل ما يصنّف من مسببات الانهيار، تحوّل إلى «حلم» بفعل توزيع الخسائر اللاعادل واللاهادف. فإلى جانب تضخّم الأسعار لم تعد السلع متوافرة: طوابير للحصول على البنزين، انقطاع في مادة المازوت، إنتاج الكهرباء في أسوأ حالته لدى مؤسّسة كهرباء لبنان ولدى مولدات الأحياء، الأدوية مقطوعة، الرعاية الاستشفائية مُكلفة وبات مشكوكاً بجودتها، العنف الاجتماعي والسياسي يتصاعد.
دوناً عن كل هذه الموجبات، اختار مجلس الخدمة المدنية التذرّع بعجز الخزينة لتبرير موقفه ضدّ تصحيح أجور العاملين في القطاع العام واقتراح أربعة بدائل لتوسيع متممات الأجر وتقليص الأكلاف المترتبة عليه، ثم استعادة بعضاً مما يسمّيه «الولاء الوظيفي». هو يحاول الموازنة بين «عجز الخزينة» الذي يقع بيد السلطة، وبين «الانتماء الوظيفي» الذي يتضاءل أمام اعتراضات آلاف العاملين في القطاع العام. ففي مقابل انهيار القدرة الشرائية ومفاعيل الانهيار القاسية اقتصادياً واجتماعياً، يمكن تقديم تصحيح ما في التقديمات بعدما بات الدخل المتأتي من العمل في القطاع العام، والذي كان هدفاً بذاته في السنوات الماضية لأنه كان ينطوي على تقديمات سخية، لم يعد اليوم كافياً لتغطية حاجات أسر العاملين في هذا القطاع.
مقترحات مجلس الخدمة المدنية مبنية على انتصار النظام بعد انهياره
للمجلس دوافع خفية تكمن في معرفته بتفشّي رغبة الهروب من الوظيفة العامة. حالياً، هناك منحى هروب متسارع في الوظائف الأمنية والعسكرية، وهو أمر قد يمتدّ نحو القطاع الإداري الذي ما زال يصيغ موقفه بالامتناع عن العمل. لو أتيح لموظفي القطاع العام إنهاء خدماتهم وعقودهم، لكانت هناك آلاف الطلبات المكدسة أمام مجلس الخدمة. يمكن الاستدلال على حقيقة ما يحصل في الإدارة العامة، بما ورد في تقرير مجلس الخدمة لتبرير توسيع متممات الأجر. فهو قال عن ربط بين «تحفيز» العاملين في القطاع العام وبين «الاستمرار في العمل والإنتاج». ما لا يقوله المجلس أن ولاء العاملين في القطاع العام لوظيفتهم لم يعد متوافراً كما كان في السابق، وأنه إذا كان الأمر سابقاً مشوباً بالفساد، فإن ما يحصل اليوم سيعمّق هذه الهوّة ويطيح بما تبقى من المؤسسات المتهالكة أصلاً.
أياً يكن الحال، يمكن تصنيف مقترحات المجلس بأنها محاولة ناقصة لأنها لا تدفع نحو تعديل بعض المسارات الضرورية في صلب النظام، بل هي مبنية على انتصار النظام بعد انهياره! انتصار لفكرة تجارة السيارات على مفهوم النقل المشترك، وانتصار لدكاكين الصناديق الضامنة على التغطية الصحية الشاملة، وانتصار لمنطق الزبائنية على منطق الدولة الراعية. ربما يمكن الاستفادة من هذه المقترحات لإثارة النقاش في مسألة تصحيح الأجور. هي مجرّد معضلة إضافية في سياق مسار خصصته قوى السلطة بقيادة حاكم مصرف لبنان لإطفاء الخسائر وتذويبها بتضخّم الأسعار. استمرار هذا المسار بات يهدّد وجود هذه القوى، لهذا قد نشهد بعض الهدوء على الطريق نحو جهنّم.
مقترحات مجلس الخدمة كانت موجّهة من رئيسة مجلس الخدمة المدنية نسرين مشموشي لرئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب. سنعرض أهم ما ورد في هذه المقترحات الأربعة، علماً بأن بعضها كان محور نقاش في اجتماعات عقدت في وزارة المال بحضور ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي أيضاً.
الإفادة من البطاقة التمويلية
ستشمل البطاقة التمويلية نحو 750 ألف عائلة لبنانية. أما العاملون في القطاع العام فقد أصبحوا من الفئة الأكثر حاجة للاستفادة منها بعدما خسروا خلال أقل من سنتين 90 في المئة من قيمة مداخيلهم الشهرية وتدهورت قدراتهم الشرائية إلى مستويات غير مسبوقة. الراتب أو التعويض الشهري لهذه الفئة لم يعد كافياً لسدّ أبسط احتياجاتهم الأساسية، بينما غالبية الشركات والمؤسسات الخاصة عمدت إلى تصحيح أجور إجرائها.
سيكون عدد العاملين في القطاع العام الذي يفترض إفادتهم من هذه البطاقة أقل من عدد العاملين في القطاع العام، إذ إن الأسرة الواحدة قد تضمّ شخصين من العاملين في القطاع العام وستخصّص لها بطاقة واحدة، أما التمويل فهو يأتي ضمن الآليات والأسس نفسها التي يقوم عليها تمويل البطاقة لمجمل المواطنين وفقاً لتوجهات وسياسة الحكومة في هذا المجال.
يمكن وضع ضوابط لحصول العاملين في القطاع العام على البطاقة التمويلية، وفي هذا السياق نقترح الآتي:
1. تحديد الأسرة للعاملين في القطاع العام ممن يسكنون في مسكن واحد وتربط بينهم ربطة زواج.
2 – استفادة جميع العاملين في القطاع العام من البطاقة التمويلية عندما يكون دخل الأسرة الشهري أقل من 22 ضعف الحد الأدنى للأجور (14.850.000 ل.ل) أو 24 ضعف الحد الأدنى للأجور (16.200.000 ل.ل).
3 – تقديم طلب الاستفادة من البطاقة التمويلية إلى الإدارة التي ينتمي إليها الموظف العمومي وفق نظام ممكنن يربط بالجهة التي ستتولى إدارة نظام تمكين المواطنين من الحصول على البطاقة، على أن يقدّم الطلب أحد العاملين في القطاع العام المنتمين إلى الأسرة الواحدة.
4 – استفادة المتقاعدين أو الذين أُنهيت خدماتهم في القطاع العام من البطاقة التمويلية كسائر المواطنين إذا توافرت فيهم الشروط العامة الموضوعة للاستفادة من البطاقة.
من الواضح أن التوجه إلى رفع الدعم عن المحروقات كلياً أو جزئياً، سيكبّد الموظف العمومي نفقات لا قدرة له على تحمّلها للانتقال من وإلى مركز عمله، لا سيما عندما يكون سكنه بعيداً من مركز عمله. حالياً تبلغ قيمة بدل النقل المؤقت عن كل يوم حضور فعلي نحو 8.000 ليرة فقط. وفي ظل غياب سياسة نقل عام رسمي حالياً، وعدم وضع منظومة متكاملة لتأمين خدمات النقل المشترك على الأراضي اللبناني بكلفة معقولة، وعدم وجود وسائل نقل عام يستفيد منها المواطنون، لا بد من وضع خطة شاملة لتفعيل قطاع النقل العام على مستوى الوطن وتنظيم هذا المرفق الحيوي ذي التأثير المباشر على مختلف القطاعات الاقتصادية والخدماتية. علماً بأنه توجد العديد من الخطط والدراسات الموضوعة بهذا الشأن منها مع منظّمات وجهات دولية لم يبتّ بها. ففي 9/7/2019 صدر القانون رقم 135 ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 11/7/2019 (عدد 34)، وبموجبه أعطيت الموافقة على إبرام اتفاقية القرض والاتفاقية التنفيذية لمشروع النقل العام لمنطقة بيروت الكبرى الموقعين بين الجمهورية اللبنانية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير. وقد وافق البنك الدولي على إقراض الدولة اللبنانية بموجب المهل والشروط المنصوص عليها في الاتفاقية قرضاً ميسراً بقيمة 295 مليون دولار للمساعدة في تمويل المشروع. من أهداف المشروع اقتناء وتشغيل أسطول من حافلات النقل العام على أساس تكنولوجيا البطاقة الذكية ونظام تحديد الموقع ونظام التحكم عن بعد من خلال شراكة بين القطاعين العام والخاص (يفترض الانتهاء من المشروع في شهر كانون الأول من العام 2023).
تمكين كل موظف عمومي من عدد محدّد من ليترات البنزين شهرياً بموجب بطاقة لتعبئة الوقود مجاناً
لكن في سبيل إيجاد حلول ملائمة وسريعة لتخفيف الأكلاف التي يتكبدها العاملون في القطاع العام عند انتقالهم من وإلى مركز عملهم، ومع الإبقاء على اعتماد نظام المداورة في العمل بنسبة حضور لا يقل عن 50 في المئة نعرض مجموعة اقتراحات للنظر في إمكانية اعتماد إحداها أو أكثر:
1 – زيادة بدل النقل المؤقّت عن كل يوم حضور فعلي والمحدّد بموجب المرسوم رقم 538 تاريخ 14/10/2008 بمبلغ 8000 ل.ل. بحيث يصبع 25.000 ل.ل آخذين في الاعتبار ما أعلنه مصرف لبنان بتاريخ 28/6/2021 لجهة بيع الدولار الأميركي للمصالح التي تقوم بفتح اعتمادات لاستيراد المحروقات كافة والتي تكون قد استحصلت بشأنها على موافقة مسبقة على سعر 3900 ل.ل من جهة، وزيادة سعر مادة البنزين من جهة أخرى.
2 – احتساب بدل النقل المؤقت اليومي على أساس المسافة التي يقطعها الموظف ذهاباً وإياباً من وإلى مكان عمله على أساس الكيلومتر، وأن يحدّد بدل الكيلومتر الواحد بمبلغ يتراوح بين 300 ل.ل و500 ل.ل على ألا يقل الحد الأدنى لبدل النقل اليومي عن 25.000 ل.ل ولا يزيد على 50.000 ل.ل مهما كانت المسافة المقطوعة.
إن هذا الطرح هو الأكثر عدالة، ويراعي التفاوت في الأكلاف تبعاً للمسافة المقطوعة للحضور إلى مركز العمل، إلا أنه يتطلب تدقيقاً ومتابعة للتثبت من مكان الإقامة.
3 – تمكين كل موظف عمومي من عدد محدّد من ليترات البنزين شهرياً بموجب بطاقة لتعبئة الوقود مجاناً، فيخصص له نصف صفيحة عن كل يوم حضور فعلي أي نحو 11 صفيحة شهرياً في ظل حضور كامل (22 يوم عمل)، وعلى أن يتم تحديد الآلية المناسبة لهذا الطرح من قبل كل من وزارتي الطاقة والمياه والمالية، ويؤمّن للموظف العمومي كمية الليترات المصروفة تبعاً لحضوره اليومي خلال الشهر السابق عبر تطبيق الأسس عينها المعتمد لتأدية بدل النقل الشهري المؤقت عن الحضور اليومي، وعلى أن يستفيد من لا يملك سيارة خاصة من بدل نقل مؤقت عن الحضور اليومي.
4 – تعاقد الدولة مع محطات المحروقات لتأمين كميات من البنزين للعاملين في القطاع العام أسوة بما يحصل مع الجيش وسائر القوى العسكرية وفق آلية يتم التوافق عليها بين وزارة الطاقة والمياه ووزارة المالية وتحدد كلفتها، وتخصص كمية محددة من ليترات البنزين إلى كل موظف عمومي بموجب بطاقات لهذه الغاية.
5 – تأمين وسائل نقل للعاملين في القطاع من خلال تحديد مسارات رئيسية تربط العاصمة بالمدن الرئيسية في الأقضية والمحافظات وبين المحافظات والأقضية بالتعاون مع البلديات التي يمكنها تخصيص محطات وقوف وتسهيلات لوجستية، تأخذ في الاعتبار مواقع المؤسسات الحكومية ومتطلبات المرافق العامة وذلك من خلال آليات أو مركبات يمكن تمويل جزء من كلفة شرائها من واردات تنتج من بيع الآليات والمركبات الحكومية المستهلكة وغير القابلة للسير والتي لا تكبد الخزينة العامة أكلافها تفوق قيمتها أو من خلال هبات كما يحصل مع أسلاك أخرى.
تقديمات صحية واجتماعية
يتبيّن من القوانين الصادر رقم 46 تاريخ 21/8/20217 ورقم 79 تاريخ 18/4/2018 ورقم 144 تاريخ 31/7/2019، أن نيّة المشترع اتجهت لوضع نظام موحّد للتقديمات الاجتماعية وإعادة النظر بسياسة الدعم في مختلف القطاعات.
لكن هناك جهات ومراجع مختلفة تتولى الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية ولكل منها تقديمات وخدمات ومنافع للعاملين في القطاع العام المنتسبين إليها، ومنها: وزارة الصحة العامة، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، صندوق تعاضد القضاة، تعاونية موظفي الدولة، صندوق تعاضد أفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية، المراجع المختصة لدى القوى العسكرية والأمنية، وغيرها من الجهات الضامنة والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة والمجالس والهيئات التي تتولى إفادة العاملين لديها ومن موازنتها الخاصة من فرق التقديمات المؤمّنة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومن تقديمات غير مؤمنة. بالإضافة إلى ذلك، إن بعض هذه الجهات تمنح العاملين لديها امتيازات في المنافع والخدمات، كما أن التغطية ونسبة الاستفادة من المنافع والتقديمات يختلفان عن الجهات الضامنة.
في الواقع، إن أحكام المادة السابعة من الدستور، تنصّ على أن كل اللبنانيين سواء لدى القانون وأنهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة من دون فرق بينهم. وبما أن وضع نظام موحّد للتقديمات الاجتماعية وأنواع المنافع والخدمات التي تخضع للتغطية التي يستفيد منها العاملون في القطاع العام، يسهم في تحقيق المساواة بين المواطنين الذين يخضعون للأعباء ذاتها، وفي تحسين الأوضاع الاجتماعية وتأمين الرعاية الصحية لجميع فئات المجتمع، لا سيما لفئات لم تكن مشمولة بالتغطية، مقابل تحديد معدلات الاشتراكات والمساهمات المتوجبة تبعاً للفئات. وهذا ما يشكّل انعكاساً لدور الدولة الرعائي وتكريساً لحق المواطن بتأمين بيئة اجتماعية وصحية لائقة.
من المفيد النظر في إمكانية تأمين موارد تسهّل على الموظفين استخدامها عند الدخول إلى الطوارئ او المستشفى لتغطية ثمن الأدوية والفحوصات المخبرية
أما إقرار النظام الموحّد، فهو يتطلب أن تضع كل جهة ضامنة على حدة بياناً يتضمن التقديمات الاجتماعية والخدمات والمنافع التي تغطيها وقيمة هذه التغطية أو نسبتها وأكلافها الناتجة من التغطية، ومقارنتها مع وارداتها والنسبة المئوية التي تشكلها من نفقاتها السنوية، إضافة إلى إجراء دراسة مقارنة بين المبالغ المدفوعة والجدوى الاقتصادية أو الاجتماعية الناتجة من التقديمات وفق ما يرد في المادة 33 من القانون رقم 46/2017. كذلك، يتطلب الموضوع دراسة التعريفات وإعادة تحديدها بالتعاون مع وزارة الصحة العامة وسائر الجهات الضامنة ونقابة الأطباء، والنظر في توحيد العقود مع المستشفيات واعتماد نظام البطاقة الصحية التي تتيح لحاملها الدخول إلى المستشفيات والمراكز الصحية المعتمدة والاستفادة ضمن حدود التغطية والنسبة التي يتيحها نظام الجهة المنتسب إليها. كما أنه يقتضي وضع نظام للرقابة الإدارية والفنية على الجهات الضامنة لضبط الاستفادة ضمن حدود الأنظمة التي ترعاها. (سبق لمجلس الخدمة المدنية أن أبدى ما تقدم بكتابه رقم 1358/2018 – 905 الموجّه إلى رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 30/3/2021).
لكن يجب تخفيف أعباء الأزمة الصحية عن كاهل العاملين في القطاع العام في هذه الظروف الصعبة والاستثنائية والحفاظ على التقديمات الصحية وتعزيزها قدر الإمكان وإشعارهم بالأمان الصحي والاجتماعي أصبح حاجة ضرورية وملحة، لا سيما في ظل واقع المؤسسات الاستشفائية والصحية في لبنان من جهة، وواقع الجهات الضامنة الرسمية من جهة أخرى الذي تأثر بالأزمة الاقتصادية والمالية.
وبما أن العاملين في القطاع العام الخاضعين لصلاحية مجلس الخدمة المدنية يستفيدون بشكل أساسي من تقديمات تعاونية موظفي الدولة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بينما تحصل حالياً مناقشات لتحسين التقديمات والتخفيف من كلفة الاستشفاء، إلا أنه ولكل غاية مفيدة وفي سبيل تعزيز وضع الموظف العمومي لناحية التقديمات الصحية والاجتماعية فإنه من المفيد النظر في إمكانية تأمين موارد لاعتماد بطاقة صحية من قبل تعاونية موظفي الدولة ومن قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تسهّل على المنتسبين استخدامها عند الدخول إلى الطوارئ أو إلى المستشفى ولتغطية ثمن الأدوية أو الفحوصات المخبرية وصور الأشعة ضمن آليات وضوابط تضعها الجهة الضامنة.
20 عاماً خدمة لاستحقاق المعاش التقاعدي
تحدّد المادة 90 من القانون رقم 144 تاريخ 31/7/2019 (الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2019) عدد سنوات الخدمة الفعلية التي تتيح الحق بالتقاعد بالنسبة للأسلاك الإدارية على أنه 25 عاماً بدلاً من 20 عاماً مع مراعاة الأحكام الخاصة بالمرأة وبموظفي الفئة الثالثة وما فوق الذين دخلوا الوظيفة العامة في سنّ لا تسمح لهم بالاستمرار بالخدمة مدة 25 سنة، الأمر الذي ينطوي على تعديل للمدة الدنيا لاستحقاق المعاش التقاعدي للموظفين في الملاك الإدارية العام بحيث أصبحت 24 سنة بعدما كانت 20 سنة.
وبما أن المادة 90 أوجدت تمايزاً بين الموظف الإداري والموظفين المنتمين إلى الأسلاك الأخرى (القضائي والتعليم الجامعي)، إذ بقيت المدّة الدنيا لاستحقاق المعاش التقاعدي من دون تعديل في بعض هذه الأسلاك وجرى خفضها إلى 15 سنة لأفراد الهيئة التعليمية في التعليم الجامعي. وبما أن النتائج المرتبة على إنهاء خدمة الموظفين العاملين في الإدارات العامة لجهة إفادتهم من معاش تقاعدي أو تعويض صرف لم تعد مكلفة على الخزينة العامة في ظل تدهور قيمة العملة اللبنانية… لذا، نرى إلغاء أحكام المادة 90 من القانون رقم 144/2019 لجهة المدة الدنيا لاستحقاق المعاش التقاعدي ليعاد العمل بالـ 20 سنة. هذا الإجراء سيتيح للموظفين الراغبين أو الذين تفرض عليهم ظروفهم بممارسة حقهم في طلب إنهاء خدمتهم من دون أن تتكبّد الخزينة العامة نفقات طائلة كون عدد الموظفين الذين تتراوح سنوات خدمتهم ما بين 20 و25 سنة لن يكون كبيراً، هذا فضلاً عن أن احتساب المعاش التقاعدي يتم على أساس 40 سنة خدمة فعلية وبنسبة 85 في المئة من الراتب الأساسي وبالتالي فان قيمة المعاش التقاعدي لمن ستنهى خدمته على أساس الـ 20 سنة سيكون أقل من نصف راتبه الحالي.