كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”:
وسط تغييب تصحيح الأجور لموظفي القطاع العام على قاعدة «لا نفقة دائمة من دون إيراد دائم»، تطل بين فينة وأخرى مبادرات تحت عنوان «مساعدة اجتماعية» لا تسمن ولا تغني. آخر الاقتراحات مشروع مرسوم أرسله، أمس، وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزنة إلى رئاسة مجلس الوزراء للحصول على موافقة استثنائية لإعطاء سلفة خزينة بقيمة 600 مليار ليرة تساوي أساس راتب شهري واحد، وتدفع على دفعتين متساويتين وتسدد من اعتمادات وزارة المال لعام 2022، لموظفي وأجراء الإدارات العامة والأجهزة العسكرية والأمنية والقضاة والقطاع التعليمي بكل فئاته: الأساسي والثانوي والمهني، إضافة إلى المتقاعدين ومن يستفيدون من معاش تقاعدي.
وفي التفاصيل التي يرويها النقابي الموظف في وزارة المال وليد الشعار عن ظروف «المساعدة الجديدة» أنه وعدداً من زملائه الناشطين في الوزارة اقترحوا تصوراً لإعطاء جميع موظفي القطاع العام مبلغاً مقطوعاً، على غرار المساعدة التي حصل عليها موظفو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يراوح بين 8 و10 ملايين ليرة، استناداً إلى الإيراد المؤقت الذي تجمع نتيجة ضخ الأموال في الخزينة العامة بعد هجمة المواطنين اللبنانيين على التسجيلات العقارية من جهة، وبيع اللوحات المميزة للسيارات من جهة ثانية، على أن تقدر الكلفة الإجمالية للمساعدة بنحو 1600 مليار ليرة.
إلا أن فريق الوزير عدّل التصور لجهة استبدال المبلغ المقطوع بمساعدة توازي أساس الراتب الشهري، «ما يُلحق ظلماً بذوي الرواتب المتدنية، فهناك موظف في القطاع العام يتقاضى مليون ليرة وآخر يقبض 10 ملايين، والأول على الأرجح قد يكون مستحقاً للمساعدة أكثر من الثاني. كذلك فإن المساعدة ستقسم إلى دفعتين متساويتين من دون أن يعرف متى تقبض الدفعة الثانية، إذ ليس بالضرورة أن تستحق في الشهر الذي يلي الشهر الذي تدفع فيه الدفعة الأولى بعد صدور المرسوم». علماً أن المرسوم استثنائي ما يعني أنه يحتاج إلى توقيع كل من رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير المال.
استبدل فريق الوزير اقتراح المبلغ المقطوع بمساعدة توازي أساس الراتب
في كل الأحوال، لم يسلم الاقتراح من سخرية الموظفين على مواقع التواصل والذين وضعوه في خانة «الفقاعات الانتخابية»، إذ إنه ليس سوى «رشوة»، بحسب القيادي في التيار النقابي المستقل جورج سعادة. «فالدفعتان معاً لا تكفيان الموظف أكثر من 15 يوماً فقط، في وقت يدفع هذا الموظف بالدولار لحيتان المستشفيات والمحروقات وأصحاب المصالح الحرة مثل السنكري والكهربجي وغيرهما». وسأل: «كيف للموظف أن يستمر في ظل تعديل التعرفة في كل القطاعات باستثناء راتبه؟»، مشدداً على أن «لا بديل عن سلفة غلاء معيشة تقدم وفق المؤشر الحالي للتضخم»، مذكراً بمبلغ الـ 200 ألف ليرة التي أعطيت للموظفين أيام الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة والتي عرفت بـ «سندويش فلافل»، في حين أنه في العام 1987 عندما انخفض سعر صرف الليرة مقابل الدولار انتزعت الحركة النقابية تصحيح الأجور في العام نفسه مرتين: الأولى في بداية السنة والثانية في شهر تموز. ورأى سعادة أن مثل هذه المساعدة تحمي أحزاب السلطة في النقابات بهدف تنفيس غضب قواعد الروابط من أساتذة وموظفين.
أمس، لم تصدر النقابات والروابط التعليمية أي موقف في انتظار جلاء الصورة ومعرفة ما إذا كان المشروع حقيقياً أم لا، كما قالت رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر. وبدا في المقابل أن قواعد الأساتذة لم تعد تثق بأن هذه الأدوات النقابية تمثل مصالحها. مع ذلك، صدرت مواقف منفردة لبعض أعضاء الروابط، منها ما قاله عضو رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي فؤاد إبراهيم، إذ وصف المساعدة بـ«المكرمة، فيما المرتجى إقرار سريع لسلفة غلاء معيشة كمدخل لتصحيح الرواتب»، رافضاً الصيغة والآلية المطروحة.