مرّ قرابة الاسبوع على قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفع الدعم كليّاً عن المحروقات. وأمام تشبث الحاكم بموقفه، وإشارته إلى ضرورة تشريع مجلس النواب لقانون يجيز الانفاق من اموال الاحتياطي الالزامي للاستمرار في الدعم، أرسل رئيس الجمهورية ميشال عون رسالة إلى البرلمان يشرح فيها التداعيات السلبية لقرار سلامة، طالباً من المجلس مناقشتها واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب حولها. توازيا، أوصت لجنة الاشغال النيابية أن يُرفع الدعم عن المحروقات تدريجياً خلال 10 أيام يرافقها بدء العمل بالبطاقة التمويلية. أمام هذين السيناريوين، لا يزال اللبنانيون الغاضبون ينتظرون أمام محطات المحروقات ما ستؤول إليه الامور في مجلس النواب والحكومة لايجاد المخرج المناسب، إن لعدم الصرف من الاحتياطي الالزامي لمصرف لبنان وتفعيل البطاقة التمويلية، أو التخفيف من الدعم تدريجيا.
في السياق، يتمنى رئيس لجنة الاشغال البرلمانية، النائب نزيه نجم في حديثٍ لـ”لبنان24″ الذهاب نحو تأجيل رفع الدعم عن المحروقات لـ10 أيام، وأن يأخذ رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وحاكم مصرف لبنان القرار المناسب”.
ويرى نجم أن الدعم لم يُرفع بعد، لان وزارة الطاقة لم تضع تركيب جداول أسعار المحروقات على سعر صرف السوق، وهو لا يزال على أساس 3900 ليرة. ويُشدد على أنه يجب رفع الدعم كلياً، عندما تبدأ الدولة بتوزيع المساعدات على المستفيدين من البطاقة التمويلية.
ويدعو نجم للاسراع في تشكيل الحكومة لينخفض الدولار إلى 12000 ليرة. حينها، يمكن رفع الدعم عن المحروقات. وكشف أنه لم يتلق بعد اي إيجابة حول التوصية التي طرحتها لجنة الاشغال، وهي لا تزال قيد الدراسة.
ويُشير مراقبون لأزمة المحروقات أن على مجلس النواب اتخاذ قرار سريع يوم الجمعة، إن لجهة رفع الدعم والاستيراد وفق سعر الصرف في السوق الموازية، أو الاستمرار بسياسة الدعم جزئياً واستخدام أموال الاحتياطي الالزامي لمصرف لبنان، ريثما تُصبح البطاقة التمويلية جاهزة، لان لبنان أمام سيناريو خطير بدأ يتجلى في الاشهر القليلة الماضية. ففقدان المازوت يهدد مستقبل المستشفيات والافران والصيدليات والمطاعم والمزارع والسوبرماركت والمتاجر والسياحة بشكل غير مسبوق. ويُضيف المراقبون أن الوضع الامني بدأ يخرج عن السيطرة أمام محطات الوقود، وخير دليل ما حصل منذ يومين في منطقة الكفاءات بسبب البنزين، بالاضافة إلى انفجار التليل في عكار، وتخزين المحروقات في الابنية السكنية وتعريض سلامة المواطنين للخطر.
ولعلّ سياسة “الترقيع” في لبنان بهذا الملف الاقتصادي والحيوي والمعيشي لن تحل مشكلة طوابير البنزين والعتمة الشاملة. وتلفت مصادر لـ”لبنان24″ أن موافقة مصرف لبنان على فتح إعتمادات لباخرتين محملتين بمادة المازوت لشركتي “ليكوي غاز” و”يوني تيرمينالز” على سعر 3900، وتحتويان على 80 مليون ليتر، تكفيان السوق لـ6 أيام على أبعد تقدير، ومشكلة المولدات الخاصة والمستشفيات والافران والصناعات الغذائية وغير الغذائية ستبقى على حالها. وتجدر الاشارة إلى أنه على الرغم من نفاد كميات البنزين من الشركات المستوردة للنفط، فإن “المركزي” لم يوافق على فتح اعتماد لشحنة البنزين التي تُقدر بـ40 مليون ليتر. وتقول المصادر إن مصرف لبنان ينتظر في ما يخص باخرة البنزين موقف المجلس النيابي يوم غد، لتغطية فتح إعتماد إضافي من أموال الاحتياطي الالزامي والمسّ بما تبقى من دولارات.
في هذا الاطار، يقول الخبير الاقتصادي لويس حبيقة لـ”لبنان24″ إن مصرف لبنان لا يمكنه الاستمرار بالدعم في ظل عدم توفر الاموال لديه، ويرى أن حاكم مصرف لبنان رمى الكرة في ملعب المجلس النيابي لتشريع قانون يسمح له بدعم المحروقات عبر استخدام أموال المواطنين. هنا، يوضح حبيقة أن البرلمان لا يمكنه التشريع ضدّ الملكية الخاصة، بحسب ما ينصّ الدستور في بنده الاول، أي أن لبنان يحترم الملكية الخاصة الفردية. ويضيف أن أموال الاحتياطي المخصصة للدعم تعود للناس، ويجب توجيه الرسالة لهم بدلا من النواب، وليس مسموحا بتاتا التشريع لاستعمال أموال الناس، وإلا سيقوم بعض النواب بالطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري لاسقاطه.
ويُشير حبيقة إلى أن الحل الوحيد لمشكلة الدعم والمحروقات هو تشكيل حكومة، يليها رفع الدعم، وبدء العمل بالبطاقة التمويلية. ويتابع: إن أتت بعض المساعدات بعد ولادة الحكومة من الخارج، يمكن زيادة المساعدات الاجتماعية، وحتى إعادة الدعم بشكل جزئي في حال وُجدت أموال جديدة.
ويؤكد حبيقة أن موضوع الدعم ليس مسألة مع أو ضد، وإنما في القدرة على الاستمرارية في الدعم، ويسأل: إذا تم صرف أموال الاحتياطي الالزامي كلها، ماذا نفعل بعد سنة؟ ويتابع أن لا أفق واضحا عند المسؤولين حول الدعم. ويلفت إلى أنه يمكن المماطلة لاسبوع أو أسبوعين لرفع الدعم وصرف مليار دولار من الاحتياطي، ولكن الاهم خلال هذه الفترة إيجاد حلّ.
وتتجه الانظار إلى جلسة الاونيسكو غداً، حيث من المتوقع أن يربط النواب بين رفع الدعم والبطاقة التمويلية، إذ أن رفع الدعم أصبح ضرورة للمحافظة على ما تبقى من أموال المودعين، ووضع حدٍّ للاحتكار والتخزين والتهريب وبيع المحروقات في السوق الموازية.
لبنان 24