لعل السؤال الاساسي الذي يطرح اليوم بالتوازي مع الحديث مع استقدام النفط الايراني الى لبنان، هو كيف سيدخل هذا النفط الى البلد؟ وما اذا كانت الشواطئ اللبنانية ستستقبل “قافلة السفن” الايرانية كما سماها الامين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله، ام ان الوجهة ستكون سوريا لينقل بعدها النفط بالبر عبر الصهاريج الى لبنان؟
قبل اسابيع، وبعد تأكيد السيد نصرالله ان الحزب سيستورد النفط من ايران، طرحت سيناريوات عدة داخل الحزب, احداها امكانية نقل النفط من سوريا الى لبنان برا وذلك لتجنب اي اشكالات سياسية في لبنان، ولتجنب اي عقوبات محتملة، لكن فكرة نقل كميات هائلة من المحروقات برا يحتاج الى قدرة لوجستية “استثنائية” وتقارب الخيال.
المشكلة في فكرة ادخال النفط برا، تكمن ايضا في التهديدات الاسرائيلية وفي صعوبة رسم معادلة ردع حاسمة في سوريا، اذ ان استهداف اي من الصهاريج داخل الاراضي السورية قد يكون خاضعا لقواعد الاشتباك المعمول بها بين الحزب واسرائيل خارج الحدود، ولعل تعديلها سيدخل الحزب وربما دمشق في تعقيدات لا يبدو وقتها مناسبا الآن.
وبحسب مصادر مطلعة فانه من شبه المحسوم، وصول سفن النفط الايراني الى شواطئ لبنان، ولعل الخطاب الاول للامين العام للحزب الذي هدد فيه بالاتيان بالنفط الايراني اكبر دليل على ذلك.
تقول المصادر ان “حزب الله” جهز كل التفاصيل اللوجستية لاستقبال بواخر النفط، من الخزانات الى الصهاريج، اذ ان اتفاقا حصل بينه وبين شركة كبرى لاستيراد المحروقات لاستخدام خزاناتها نظرا لكبرها ولسعتها، كما ان الحزب جهز او رمم بعض الخزانات الضخمة التابعة له في احدى المناطق اللبنانية الساحلية، تحضيراً لاستخدامها.
لكن المصادر ترى ان انتظار كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في هذا الخصوص هو افضل الممكن، اذ ان الظروف اللبنانية الداخلية قد تلعب دورا في تغيير وجهة السفينة، ولهذا رفض نصرالله الافصاح حتى اليوم عن وجهتها.
بالتوازي بدأ الحزب اتصالاته قبل اسابيع مع عدد من الشركات الكبرى التي تملك محطات محروقات حيث تم الاتفاق مع اربع شركات من ضمنهم شركة “الامانة” التابعة له على ان تكون جزءا من عملية التوزيع، لكن الحزب لم يكتف بهذا الامر، بل تواصل مع عدد لا بأس به من اصحاب المحطات في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية من غير التابعين للشركات الكبرى ليكونوا ايضا جزءا من هذه العملية.
كذلك يكاد الحزب ينهي احصاءاته لحاجة مناطقه لمادة المازوت لتشغيل المولدات ومضخات المياه، كما انه تواصل مع الغالبية العظمى من المستشفيات في لبنان لمعرفة حاجتها اضافة الى الافران ومصانع الادوات الطبية وغيرها.
وبحسب المصادر فإن توزيع المازوت للافران والمستشفيات سيكون مدعوما الى حد كبير، وليس وفق السعر الذي سيباع للمولدات الذي هو في الاصل اقل من سعر السوق اللبناني بنسبة كبيرة.
في الاصل يبدو التعاطي مع مادة المازوت اكثر سهولة بالنسبة للحزب، اولا لان الكمية التي استوردها اكبر من كمية البنزين، وثانيا لان حاجة السوق اليها واضحة ويمكن ضبطها ومراقبتها ومنع الاستفادة منها في تجارة السوق السوداء. اما البنزين فلديه ترتيب آخر غير واضح حتى الساعة، اذ تتحدث بعض التسريبات عن وجود بطاقات ذكية ستوزع على من يرغب، في حين ان تسريبات اخرى اكدت ان الاولية في المرحلة الاولى ستكون لسيارات النقل العام.
خلال ايام ستصل البواخر الايرانية الى لبنان، وسيكون الحزب امام تحد جدي في سبل انجاح هذه التجربة من الناحية اللوجستية، لان هذا النجاح سيعادل بأهميته الخطوة ذاتها، وسيفتح آفاقا جديدة للحزب وهو ما يحضر له بشكل واضح من خلال التمهيد لاستيراد مواد اخرى غير المواد النفطية الى لبنان.
لبنان 24