البطاقة التمويلية تتمايز عن “البطاقة الأكثر فقرا” ولا تلغيها …مشروعان منفصلان

ليس اكثر من المشاريع التي تنتجها هذه السلطة وتبقى عناوين على أوراق، بلا تطبيق او مفاعيل. هي كمن تطبع أفكارا لا قيمة تنفيذية لها، تماما كما تطبع ليرات لبنانية لا قيمة نقدية لها.

والأخطر في هذه المعادلة ان ترجمة هذه القرارات تبقى بيد السلطة نفسها، اذ هي تختار توقيت وضعها موضع التنفيذ، بما يتلاءم وظروفها، او بالأحرى لتحسين ظروفها الشعبية امام تهاوي الثقة العامة بها.

من هنا، لا يعود عجيبا ان تصبح البطاقة التمويلية “بطاقة انتخابية” تصرف في زمن الانتخابات على قاعدة شعبية محتاجة، لا بل اكثر من جائعة.

قبل شهرين، اقر مجلس النواب البطاقة التمويلية ضمن قانون واضح، وحتى الساعة، لم تطبق هذه البطاقة، بانتظار عمل يفترض ان يأتي من الحكومة وتحديدا من لجنة وزارية تشكّلت لهذه الغاية برئاسة الرئيس حسان دياب.

 

وبدل ان تسأل الحكومة عن عملها في هذا المجال، سئل مجلس النواب، من خلال رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الأخيرة اليه، عما ينبغي فعله نتيجة تردي الأوضاع المعيشية ورفع الدعم عن سلع أساسية.

انه امتياز تضييع الوقت الذي يجيد الجميع اختباره على حساب المواطن وصحته وعيشه. والسؤال: ما هي هذه البطاقة التمويلية ومن سيستفيد منها، والاهم هل تتعارض مع البطاقة الأكثر فقرا المعمول بها سابقا؟ وهل نحتاج بعد الى بطاقات مماثلة تبقى بلا تطبيق؟

مشروعان منفصلان
حين اقر مجلس النواب البطاقة التمويلية، حرصت غالبية النواب على التمييز بينها وبين البطاقة الأكثر فقرا التي يصدرها برنامج مكافحة الفقر في وزارة الشؤون الاجتماعية.

ويشرح النائب محمد الحجار لـ”النهار” ان “البطاقة التمويلية اقرت بشكل منفصل عن برنامج البنك الدولي للاسر الأكثر فقرا”.

الحجار الذي شارك في مختلف النقاشات التي سبقت إقرار البطاقة التمويلية، يقول: “رصد لها مبلغ 550 مليون دولار، ويمكن القول ان هذه البطاقة والبطاقة الأكثر فقرا هما مشروعان منفصلان وفق القانون ووفق التطبيق”.

يورد الحجار ملاحظتين: “الأولى ان اللجنة الوزارية المكلفة تطبيق البطاقة التمويلية تقول انها انتهت من وضع المعايير والمقاييس التي يفترض على أساسها تطبيق البطاقة التمويلية وتوزيعها على الناس، الا انه حتى اللحظة لم نرَ شيئا من هذا العمل. كنا ككتلة نواب المستقبل، مصرين خلال النقاشات على ضرورة اعتماد المعايير التي سبق واعتمدت في البطاقة الأكثر فقرا من جانب البنك الدولي، وذلك من اجل ضمان تمويل البطاقة التمويلية واحترام الشفافية والتوزيع العادل. الا ان غالبية النواب رفضت هذا الاقتراح، واكتفت بوضع عبارة “بالتشاور مع البنك الدولي” في نص قانون البطاقة التمويلية، وترك امر وضع المقاييس للجنة الوزارية برئاسة دياب، وفق المادة 5 من قانون البطاقة”.

هكذا فتح امر تمويل البطاقة من باب الاستدانة من مصرف لبنان، بانتظار ما سيأتي من أموال ومساعدات من صندوق النقد. وتُرك امر المعايير والتوزيع بيد السلطة التي تجوّع الناس!

اما الملاحظة الثانية التي يوردها الحجار فهي التأخير غير المبرر لاعتماد البطاقة التمويلية. يعلّق: “لا نفهم المبرر الا انه من باب ترك الامر مفتوحا الى ما قبل فترة الانتخابات النيابية، لتتحول معها البطاقة التمويلية بطاقة انتخابية توزع بلا معايير او مقاييس عادلة، لا سيما اننا لم نلمس شيئا بعد من هذه المعايير، على رغم ازدياد الأوضاع المعيشية سوءا. وقد يكون السبب الآخر أيضا والذي لا يقل خطورة هو استنزاف آخر قرش من المصرف المركزي قبل الوصول الى البطاقة. وفي الحالتين، الامر اكثر من خطر وموجع”.

واذا كانت مبررات التأخير لا يمكن فهمها الا انطلاقا من معايير وأسباب سياسية بحتة، فان اوجاع الشعب اللبناني تزداد يوميا، ويصبح الموت البطيء محتما.

من يستفيد؟
… وبعد، في انتظار تطبيق البطاقة التمويلية، ماذا عن البطاقة الأكثر فقرا التي تصدرها وزارة الشؤون الاجتماعية، وهل يمكن للبناني الاستفادة من البطاقتين؟
وفق القانون، ان الجهة المستفيدة ليست هي ذاتها، ومن يستفيد من البطاقة الأكثر فقرا لن يحصل على البطاقة التمويلية.

يشرح المشرف العام على “خطة لبنان من الاستجابة للازمة” الدكتور عاصم ابي علي مشروع البطاقة الأكثر فقرا من برنامج مكافحة الفقر في وزارة الشؤون، ويلفت الى ان “ثمة بروتوكولا متكاملا في هذا الاطار، يتضمن ثلاث مراحل: مشروع الفقر، مشروع القرض ومشروع البطاقة”.

 

يؤكد ابي علي لـ”النهار” ان “البطاقة الأكثر فقرا لا تزال مستمرة، وهي لا تتعارض مع البطاقة التمويلية، لانه وفق القانون لا يمكن ان يكون اللبناني مستفيدا من برنامجين”.

بالأرقام، يبلغ عدد المستفيدين حاليا من البطاقة الأكثر فقرا نحو 45 الف اسرة، بمبلغ قدره 200 الف ليرة شهريا، وبمعدل 100 الف عن كل فرد من الاسرة الى حد 6 افراد. ويشير ابي علي الى ان “ثمة توجها الى دفع المبلغ بالدولار، نظرا الى ازدياد الأوضاع المعيشية سوءا وتقلّص القدرة الشرائية عند المواطن، ليصبح المبلغ 25 دولارا ، وبمعدل 15 دولارا لكل فرد”.

 

وفي التطبيق والمعايير، يقوم العمال الاجتماعيون بزيارات منزلية لتعبئة استمارة من 50 سؤالا. ويتم ارسال الاستمارة الى رئاسة مجلس الوزراء حيث تجمع الأسئلة ويتم توزيع البطاقات للاسر الحاصلة على مجموع يرشحها للاستفادة.

ويقوم برنامج الأغذية العالمي بتوزيع البطاقة على المستفيد عبر مراكز الخدمات الإنمائية، على ان يستطيع حامل البطاقة الشراء من نحو 520 متجرا متعاقدا مع برنامج الأغذية العالمي. ومعلوم ان تمويل البطاقة هو من الاتحاد الأوروبي، المانيا، نروج وكندا وغيرها من الدول، ويكفي افادة نحو 70 الف اسرة لبنانية.

حتى الساعة، “البطاقة الأكثر فقرا” مؤمنة وهي تتمايز عن البطاقة التمويلية التي ينتظر ان تفرج عنها الحكومة … اقلّه قبل الانتخابات! بالفعل، انه زمن البطاقات في زمن الجوع … وفي زمن سلطة لم تشبع بعد من المزايدات… والصفقات وأدعية الناس ضدها!

Ads Here

عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

Economy، economy in lebanon، economy of lebanon، economy of lebanon now، economy scopes، latest news of lebanon، lebanon، Lebanon Economy، Lebanon News، lebanon news now، middle east news، News، news in lebanon، news in lebanon now، news of lebanon، scopes،Economic News Updates, Stock Market Analysis, Investment Opportunities, Economic Forecasts, Financial Market Trends, Global Economic Reports, Business News Today, Economic Impact Assessments, Market Research Reports, Economic Indicators، أخبار، أخبار لبنان، أقتصاد، أقتصاد لبنان، أقتصادية، اخبار، اخبار لبنان، اقتصاد، اقتصاد لبنان، اقتصادية، سكوبات، سكوبات أقتصادية، سكوبات اقتصادية، لبنان

كيف يقود مصرف لبنان معركة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب؟

كيف يقود مصرف لبنان معركة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب؟ يشير التعميمان الأساسيان 165 و …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *