اذا كان البعض من المواطنين قد سارع الى التخلص من دولاراته تحسبا وتخوفا من خسائر جسيمة قد يتعرض لها بعد تشكيل الحكومة فأن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو:هل يتخلى المواطنون عن حوالي ٨مليارات دولار ما تزال موجودة في خزائنهم في منازلهم ويعيدونها الى المصارف ام يفضلون الانتظار لمعرفة الاتجاهات التي ستسلكها الحكومة خصوصا بالنسبة لتطبيق الاصلاحات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي مع العلم ان الحكومة والقطاع المصرفي سيصبان اهتمامهما على هذه الاموال الموضوعة في المنازل لان حجم هذه الاموال كبير جدا ويمكن اذا تمكنت الحكومة من استعادة الثقة المفقودة لدى المواطنين ان تكون هذه الاموال بتصرف الاستهلاك والاقتصاد الوطني.
ولكن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين : المرة الاولى عندما حجزت المصارف اموال المودعين دون وجه حق وتركتهم يشحذون اموالهم بالقطارة ومن تمكن من تسريب بعض امواله لن يفرط بها اليوم ولن يخرجها من خزائنه الا متى اطمئن الى وضع المسيرة الاصلاحية على السكة الحقيقية ،لان تشكيل الحكومة لا تعني ان الاوضاع الاقتصادية عادت الى دورتها المعتادة خصوصا عندما يكون هناك متربصون ينتظرون الانقضاض على فريستهم اي الذين ما يزالون يملكون الدولارات ويتحينون الفرص من خلال بعض الايجابيات السياسية كتشكيل الحكومة كي يستولواعلى دولاراتهم الموضوعة في منازلهم .
لا يمكن لهؤلاء الذين يملكون الدولارات في خزائنهم ان يتخلوا عنها بهذه السهولة خصوصا ان التجارب علمتهم «هين فلوسك ولا تهين نفوسك»عندما تركوا وحيدين لا حكومة تسأل عنهم ولا صوت يلبي استغاثاتهم في ظل الارتفاع الجنوني لاسعار السلع والمواد الغذائية والطوابير التي كانت تقف لساعات امام محطات البنزين الذي كان يهرّب او يحتكر او يخزن ،وبالتالي فأن اكثرية هؤلاء ما زالوا متمسكين بدولاراتهم بأنتظار جملة من المعطيات التي يجب ان تتكون لديهم لكي يتخلوا عن دولاراتهم وليس كما حصل امس عند اول هبة باردة ايجابية سارع البعض الى الصرافين الذين ما يزالون يمسكون جيدا لعبة السوق السوداء لذلك فهم اشتروا الدولارات من المواطنين لكنهم تريثوا في بيعها من اجل تحقيق الارباح عند اول سقطة لهذه الحكومة .