تزامن حصول لبنان على مليار و135 مليون دولار بدل حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي مع تأليف الحكومة، ما يحمّل الأخيرة أقصى درجات المسؤولية لعدم تبذير “الهدية” شبه المجانية، والتصرف بها على قاعدة الشفافية المطلقة. ليس لان المبلغ النقدي بالعملة الصعبة قد يكون الأخير الذي سيحصل عليه لبنان في ضوء ما يرشح من توقعات بعجز الحكومة عن الخروج بخطة اقتصادية تلاقي اجماعاً وطنياً فحسب، إنما لفتحه شهية مختلف الاطراف على “نتش” قضمات كبيرة منه، للخلاص بنفسها من الأزمة مرحلياً.
“المخاوف بتبديد المبلغ مشروعة”، بحسب احد الخبراء، “ذلك أن السلطات التنفيذية والتشريعية لم تتوصل بعد إلى رفع الدعم المباشر عن السلع الذي كان السبب في تبديد ما لا يقل عن 13 مليار دولار منذ بدء الأزمة. كما انها لم تتوافق لغاية اللحظة على إقرار قانون “الكابيتال كونترول” الذي يعيق خروج الودائع لبعض النافذين والمتنفذين من الشباك بعدما تدخل مساعدة الصندوق من الباب”.
احسن ما تستطيع هذه الحكومة فعله بآخر التدفقات النقدية الخارجية بالعملة الاجنبية المتأتية بشكل أساسي من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.135 مليار دولار، ومن البنك الدولي بقيمة 550 مليون دولار، هو تهدئة الاوضاع ومنع الانهيار إلى حين الوصول إلى الانتخابات النيابية في ربيع العام القادم. وهذا يتطلب بطبيعة الحال فرملة الانحدار السريع نحو الفقر ولجم تقلبات سعر الصرف الحادة، وتأمين الحد الأدنى من الطاقة الكهربائية. ما يعني بحسب الخبراء تدعيم البطاقة التمويلية بشكل أساسي ودعم الكهرباء، إنما ليس بالسلف لشراء المحروقات و”حرقها”، بل بالاصلاح وزيادة الانتاج وخلق قيمة مضافة توفر على لبنان في السنوات المقبلة معالجة واحدة من أكبر المشاكل وأكثرها تسبباً بالعجز المالي… ومن بعد الوصول إلى الانتخابات يبنى على ما ستفرزه من نخب جديدة متطلبات ومقتضيات المرحلة المقبلة.