كتبت روزيت فاضل في ” النهار”:
لنتصارح مع ذاتنا والآخرين: القطاع التربوي مأزوم ومنهار كلياً، وهذا ما برز من خلال دراسة كمية وبحثية عن تحديات السنة الدراسية 2021-2022 أجراها مركز الدراسات اللبنانية على عيّنة من 3261 مشاركاً بمن فيهم 2442 من الأهل و819 معلماً ومعلمة في المحافظات الثماني كلها.
في نتائج هذا الإستطلاع لدراسة بعنوان: “تحديات العودة إلى المدارس وآفاقها: آراء الأهل والمعلمين والمعلمات والمديرين والمديرات في لبنان”، بعض المعلومات الصادمة جداً المستخرجة من هذه العينة، ومنها أنه:
– لم يتلقَّ سوى 2% من التلامذة و60% من المعلمين والمعلمات لقاح كورونا.
– تمثل الفواتير الآن، ولاسيما مع الارتفاع الهائل في فواتير الكهرباء والإنترنت في العام 2021 بسبب التدهور المستمر لقيمة العملة ورفع الدعم عن الوقود، الجزء الأكبر من معدل دخل الأسرة، أي 125% من دخل الأهالي و97% من دخل المعلمين.
في ظل استشراف عام دراسي “مضطرب” جداً – إذا صحّ الوصف، إلتقت “النهار” أحد أعضاء فريق هذه الدراسة الجديدة عن العودة الى المدرسة والتلامذة، وقياس مدى جهوزية هؤلاء والمعلمين والأهل لاستقبال السنة الدراسية، هو الباحث ومدير المشروع محمود حمود، الذي أعدها مع مديرة مركز الدراسات اللبنانية الدكتورة مهى شعيب والباحثة في المركز علا السمهوري.
عنصر مفاجأة
في مقاربة أولية للدراسة، أكد حمود أن “الدراسة غطت في استطلاعها واقع الإستحقاق التربوي في القطاعين الخاص والرسمي”، مشيراً الى أن “النتائج التي حصلنا عليها، أشارت الى تفضيل ملحوظ للتعليم وجها لوجه، إذ أظهر ثلاثة أرباع الأهالي، أي 75%، وثلثا المعلّمين، أي 62% تفضيلهم لهذا النوع من التعليم”، لافتاً الى ان “هذه النتائج أرفقت بعنصر مفاجأة فرضت تساؤلات عدة تُطرح من دون شك حول إمكانية العودة إلى التعليم وجها لوجه وسط أزمة الوقود، إذ يواجه 97% من الأهالي و99% من المعلّمين الذين يلجأون إلى وسائل النقل الخاصة للذهاب إلى المدرسة صعوبات في ملء سياراتهم بالوقود، في حين أن استخدام وسائل النقل العام والمشترك يشكل تحديًا أيضًا، إذ أفاد 91% من الأهالي و94% من المعلمين أنهم باتوا غير قادرين على تحمل تكاليف استخدام وسائل النقل العام”.
وشدد حمود على ان “الأزمة المالية وتدهور قيمة العملة أسفرا عن انخفاض كبير في القوة الشرائية للأهالي والمعلمين”، مشيراً الى أن متوسط دخل الأسرة الشهري الخاص بالأهالي والمعلمين انخفض من 1300-1600 دولار أميركي في العام 2018 إلى 130-160 دولارا أميركيا، ما تسبب بعجز عدد كبير من الأهالي، أي 22%، عن تغطية نفقات أولادهم المدرسية، بما في ذلك الأقساط المدرسية والكتب والقرطاسية، وتالياً، أُجبر عدد كبير من الأهالي على نقل أولادهم من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية نتيجة عجزهم عن تسديد الأقساط المدرسية”.
وذكر أن “النتائج التي استخلصناها أيضًا، أشارت إلى أن التلامذة والمعلمين غير مجهزين للتعلم عبر الإنترنت، وفي هذا الإطار، يعاني تقريبًا كل فرد في لبنان من انقطاع طويل للتيار الكهربائي، إذ صرح أكثر من نصف المجيبين عن انقطاع التيار في منازلهم من 9 ساعات إلى 20 ساعة يوميًا”.
وقال: “أشار الإستطلاع الى أن ثلثي أهالي تلامذة المدارس الرسمية (أي 66%) وأكثر من نصف المعلمين في هذه المدارس (أي 51%) إلى صعوبة في اتصالهم بالإنترنت. ومع أن الوضع أفضل قليلاً في المدارس الخاصة، فإن عددًا كبيرًا من تلامذة المدارس الخاصة والمعلمين فيها يعانون أيضًا من اتصال ضعيف بالإنترنت، ما يجعل العودة إلى التعلم عبر الإنترنت شبه مستحيلة”.
وأبدى حمود استغرابه “لتركيز وزارة التربية والمسؤولين على توفير حلول للمعلمين، ولاسيما من ناحية تصويب رواتبهم، متناسين العوائق الأساسية التي يواجهها الأهالي في تعبئة سياراتهم بالوقود من أجل إيصال أولادهم الى المدرسة”… وطرح على المسؤولين أيضاً ما إذا كانوا قادرين على تأمين الإنترنت والكهرباء واللابتوب للتلميذ في اليوم المخصص للتعليم عبر الإنترنت.
وخلص الى اعتبار “أننا نواجه عاماً دراسياً مضطرباً، ولاسيما من خلال عوامل عدة منها جائحة كورونا التي فرضت إقفال بعض الأقسام هذه السنة بسبب رصد بعض الإصابات عند التلامذة، ما يفرض إتخاذ إجراءات تجنبنا أي كارثة صحية، وفرض إجراءات صارمة ووقائية في المدارس وباصاتها ومجمل المجتمع”…
وعدد جملة توصيات تتزامن مع قرار العودة الى المدرسة من خلال التعليم الحضوري، أبرزها التعاون بين الوزارات المعنية ومنها الطاقة، الاتصالات، الصحة والأشغال العامة لضمان نجاح هذا التعليم، إضافة الى السعي لضمان المقومات المطلوبة لنجاح التعليم عبر الإنترنت، ومنها تضافر الجهود بين الوزارات المعنية لتوفير الكهرباء والإنترنت في أوقات التعليم مع ضرورة تعديل المناهج للتأقلم مع النظام التعليمي الجديد.
وختم بأن “إنقاذ العام الدراسي من خلال خطة عمل مدتها أسبوعان أمرٌ مبالغ فيه، أو حتى شبه مستحيل، فالتعاون الوزاري لا يحدث بين ليلة وضحاها”، مشيراً الى أن “إنقاذ العام الدراسي يتطلب وضع خطة كان ينبغي تنفيذها منذ أشهر. ويبقى مصير التلامذة، في ظل تشكيل حكومة جديدة بعد فراغ دام ثلاثة عشر شهرًا، في أيدي الوزراء الجدد الطموحين الذين يدعمهم النظام السياسي الفاسد عينه”.