وأمام هذه التطورات الدراماتيكية التي قد تتعرض لأعباء إضافية وكلها عالية الاحتمال بعوامل عدة منها إمكانية إرتفاع الدولار والأسعار العالمية للنفط والمواد المعيشية، قد ترتفع فاتورة الـ١١ مليون ليرة الى أرقام جديدة، كيف يمكن أن يكفيها قرار وزير المال قبل أيام من رحيل الحكومة السابقة تخصيص ٥٠% زيادة على الرواتب الحالية في موازنة العام ٢٠٢٢، هي عبارة عن رفع المعدل الوسطي للرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص (البالغ بين مليون ومليون ونصف المليون ليرة) الى ٢ مليون و٣ ملايين ليرة لبنانية لن يخفف من هزالة حجمها بالمقارنة مع أسعار المعيشة بدل نقل بـ٢٤ ألف ليرة يوميا لم يدفعه حتى الآن أو عجز عن دفعه عدد كبير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تشكّل أكثر من ٩٠% من مجموع عدد المؤسسات العاملة في لبنان.
وفي حين ان زيادة الـ٥٠% على الرواتب «هدية» الوزير السابق للقوى العاملة، لاقت معارضة شديدة لجهة تأثيرها على حجم النقد المتداول وزيادة التضخم، فان الحاجة الى زيادة الرواتب بما نسبته ١٠ الى ١١ ضعفا لتغطية الـ١١ مليون ليرة لبنانية فاتورة الميزانية الشهرية الجديدة لمعيشة الأسرة اللبنانية ستؤدي الى مأزق يهدّد بـ٣ انفجارات متلازمة: انطلاق جموح التضخم عبر ارتفاع النقد المتداول. والازدياد الكبير في عجز موازنة الدولة التي تبلغ فيها الآن رواتب وأجور الـ٤٤٠ ألف موظف وعامل نحو ١٢ ألف مليار ليرة سنويا وبما يتناقض في الوقت نفسه مع شروط صندوق النقد الدولي الداعية الى إيجاد توازن بين النفقات والواردات و«تشحيل» ما بين ٢٠ و٢٥% من موظفي وعمال القطاع العام بما سيتسبب في ارتفاع البطالة والفقر الى معدلات قياسية جديدة. ومعارضة الهيئات الاقتصادية حتى رفع الحد الأدنى للأجر بضعف واحد فقط، فكيف بالزيادة الضرورية المطلوبة بـ١٠ أضعاف ورفض العودة الى «لجنة المؤشر» التي ترى فيها الهيئات الاقتصادية «قنبلة موقوتة» في ركود كبير يتحوّل سريعا الى كساد أكبر يجتاح حياة ومعيشة ٥ ملايين لبناني ٤ ملايين منهم، حسب تقديرات الأسكوا، باتوا على خط الفقر أمام المفترق الخطير باتجاه الفقر المدقع.