«ثَبِّتْ إجْرَك عالأرض قبل ما تثبّت الدولار!»، بهذه العبارات تمّ التعليق على مواقع التواصل الاجتماعي، على تصريح وزير الاقتصاد أمين سلام، عن «أنّ الحكومة ستعمل على ضبط تفلّت الدولار واستقراره على سعر 12 ألف ليرة في الأشهر المقبلة»، مناشدينه عدم «الضحك» على المواطنين بعد اليوم، وإطلاق وعود غير قابلة للتطبيق.
إذا كان وزير الاقتصاد يتحدث عن مرحلة توحيد أسعار الصرف المتعددة كما سيشترط أي برنامج إنقاذ قد يتمّ التوصل اليه مع صندوق النقد الدولي، وبالتالي يرجح سلام ان يُثبّت سعر الصرف عند 12 الف ليرة، فإنّ هذا الامر لن يحصل بالقريب العاجل، لأنّ الحكومة تعمل حالياً على التوصل إلى «مذكرة تفاهم» مع صندوق النقد الدولي قبل نهاية العام. في حين انّها لن تستطيع لأسباب عدة التوصّل الى هذا الاتفاق قبل الانتخابات النيابية، وبالتالي لن يتمّ، قبل وضع برنامج إنقاذ، أي قبل صيف 2022، تطبيق أية إصلاحات، ومنها توحيد اسعار الصرف، لأنّ هذا الإجراء لا يمكن فرضه او إقراره منفرداً، بل يجب ان يتوازى مع إصلاحات مالية واقتصادية اخرى لكي يصبح قابلاً للتطبيق. مما يجعل تصريح وزير الاقتصاد في شأن تثبيت سعر الصرف عند 12 الف ليرة، بمثابة وعود واهية.
وأوضح سلام، «أنّ الصندوق طلب من الحكومة «ترتيب البيت الداخلي» لجهة الاتّفاق على خطة اقتصادية واضحة مع أرقام موّحدة، وهذا ما سيحصل. إذ لا يُمكن أن نذهب إلى المفاوضات على وقع خلافات داخلية حول توزيع الأرقام والإصلاحات». معلناً «أنّ أولوية صندوق النقد معالجة مسألة تخلّف لبنان عن تسديد الديون، وحماية حقوق المودعين، خصوصاً الصغار منهم، بالإضافة إلى وضع خطة إقتصادية شاملة، تتضمّن أرقاماً جديدة تُحدّد حجم الخسائر». علماً انّ المفاوضات الفنية بين لبنان والصندوق هي التي بدأت، وليس المفاوضات حول خطة التعافي، حيث ينتظر صندوق النقد من الحكومة اللبنانية، في هذه المرحلة، ان تقدّم له أرقاماً موّحدة حول حجم الخسائر في النظام المالي، وهذا ما اعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عنه، لافتاً الى انّ حكومته تعمل لتقديم الأرقام المالية اللازمة إلى الصندوق في الأيام المقبلة.
ونظراً لتجربة التفاوض السابقة مع صندوق النقد الدولي، يتبيّن انّ الارقام او الخطة ليست هي أساس نجاح المفاوضات بالنسبة للجانب اللبناني، بل توافق الأطراف المعنيّة محلياً (الدولة، مصرف لبنان والمصارف) على توزيع الخسائر في ما بينها، وعدم نقل خلافاتها الى الاجتماعات المقبلة مع صندوق النقد الدولي.
في هذا الإطار، إعتبر الخبير الاقتصادي مايك عازار، انّ تحديد سعر الصرف عند توحيد أسعار الصرف يعتمد على حجم الدعم المالي المقدّر الحصول عليه من خلال برنامج صندوق النقد الدولي، والذي سيتمّ استخدام جزء منه للتدخّل في سوق الصرف وضخ السيولة، من أجل تثبيت سعر الصرف عند السعر المحدّد (12 الفاً او 15 الفاً…)، على ان يتمّ رفع سعر الصرف تدريجياً بشكل سنوي وفقاً لحجم السيولة المتوفرة بالعملة الأجنبية، بالتوازي مع إجراءات اخرى، كخفض حجم الاستيراد وزيادة الصادرات، بالإضافة ايضاً الى الإصلاحات المالية والاقتصادية الاخرى المطلوبة لتحفيز النمو الاقتصادي.
واكّد عازار لـ«الجمهورية»، انّ توحيد اسعار الصرف لا يمكن ان يحصل قبل إعادة هيكلة المصارف ومصرف لبنان، وقبل البدء بتطبيق برنامج صندوق النقد الدولي الذي يشمل توحيد اسعار الصرف،
«وبالتالي من المبكر جدّاً الحديث عن تثبيت سعر الصرف وتوحيد الأسعار عند سعر محدّد، قبل وضع خطة للتعافي الاقتصادي تحدّد الإصلاحات المنوي تطبيقها والارقام المالية للخسائر، والتي على أساسها سيحدّد صندوق النقد الدولي حجم الدعم المالي الذي سيحصل عليه لبنان، والذي على أساسه أيضاً، يمكن تقدير رقم معيّن لسعر الصرف».
واشار عازار، الى انّه لغاية الآن لم يحصل صندوق النقد الدولي او شركة «لازارد» على المعلومات والارقام المحدّثة، لا من قِبل وزارة المال حول المالية العامة، ولا من قِبل مصرف لبنان حول ميزانيته.
المصدر: الجمهورية – رنى سعرتي