لا خيمةَ فوق رأس أحدٍ. يصحُّ هذا المثل الشّائع في كلّ مفاصل الحياة في لبنان. في الامن، في القضاء، في الاقتصاد، في المأكل والمشرب، والمسكن أيضاً.
فات قطار الإسكان والقروض المُيسّرة الكثير من العائلات والشبّان الذين وجدوا أنفسهم، وفي خضمّ الازمات المُدمّرة، من دون بيتٍ وسقفٍ يأويهم.
من حالفه الحظّ في الماضي، يُسدّد اليوم قروضه على سعر صرف الـ1500 ليرة، والأكثر حظاً هو الذي يتقاضى راتبه بالعملة الصّعبة، وبفضل لعبة الدولار، قد أنهى أقساطه كلّها واختصر سنوات طويلة ببضعة أشهر فقط. أمّا من لا حظَّ ولا إرثَ لديهم من أسلافهم، وهم كثرٌ، فقد باتوا يحلمون بامتلاك منزل في لبنان، ولم يبقَ أمام هؤلاءسوى خيارات قليلة: الايجار، العيش مع الاهل، أو النزوح الى “ّالضّيعة”. قد يكون استئجار منزل هو الأكثر واقعيّة والأقرب الى المنطق، ولكن ما يحصل في عالم الإيجارات يتخطّى الجنون!
يبحث سامر، متزوّجٌ، وأبٌ لولدين عن منزل للإيجار منذُ 6 أشهر بعدما اضطرّ الى نقل ولديه الى مدرسة أقساطها “أكثر رحمة” كما يقول، ممّا حتّم عليه أن ينتقل الى منزلٍ جديد أقرب الى المدرسة الجديدة ليوفّر البنزين ومشقّة التنقّل. تزوّج سامر منذ 7 سنوات، لكنّه كان يرجئ شراء منزل من سنة الى أخرى خصوصاً بعد إنجاب طفلين، على اعتبار أنّ الايجار بسيط و”الله بِدبّر”.
ويؤكّد لموقع mtv: “الإيجارات نار، من المستحيل العثور على منزلٍ في لبنان على سعر غير الدّولار الأسود. تبدأ الأسعار بـ200 دولار وهي مقابل “إستديو صغير” لا يصلح ليكون منزل عائلة، وتصل الى حوالي الـ800 دولار، والشّقق المُناسبة والمتوسطّة الحجم إيجاراتها تفوق الـ6 ملايين ليرة، هذا من دون احتساب الفواتير الشهريّة، كالكهرباء والمولّد والانترنت، والمياه، وغيرها، والمالكون يُريدون دفعات شهريّة مُسبقة، أي مبالغ ضخمة جدّاً… كيف يُمكن لمواطن مثلي يتقاضى راتب 4 ملايين ليرة أن يستأجر منزلاً ليعيش فيه مع عائلته بكرامة؟”. ويضيف متأثراً: “قريباً، يتوجّب علينا تسليم المنزل الذي نعيش فيه حاليّاً، ولا أعرف ماذا سيحلُّ بنا، قد أنتقل للعيش مع أهل زوجتي لفترة حتّى أتدبّر أموري”.
حالة سامر تُشبه حالة كثرٍ من العائلات في لبنان التي باتت مُشرّدة تحلم بجدرانٍ تعيش في كنفها بعزّة نفس ريثما تمرّ عاصفة الازمات وينتهي الكابوس.
المالكون يستفيدون من عقاراتهم ليعيشوا، الكلُّ يُسعّر بالدولار، ولا يتنازل أو يساوم على قرشٍ واحد… ولكن من أين الدّولار؟ يسأل سامر، وكم من سامر في لبنان ينظر الى السّماء، سقفه الوحيد المُتبقي، ويقول: “الله يلعن هالبلد وياخدنا”…
المصدر: mtv – جيسيكا حبشي