باشرت شركة استشارات إعادة الهيكلة “ألفاريز آند مارسال” أمس رسمياً التدقيق الجنائي المالي في مصرف لبنان، وذلك تعقيباً على العقد الجديد الموقّع مع وزير المالية يوسف الخليل في 27 أيلول الماضي. ومن المتوقّع كما أعلنت الشركة أن تقدم التقرير المبدئي لخليل خلال 12 أسبوعاً من تاريخ مباشرة فريق عمل الشركة مهامه أي في 20 كانون الثاني. وفي الفترة التي تسبقها بقليل أي قبل رأس السنة توقّع صندوق النقد الدولي مباشرة المفاوضات رسمياً مع لبنان. ويتزامن ذلك مع خطّة الحكومة التي هي قيد الإنجاز. ما يطرح تساؤلات حول فعالية التدقيق اولاً وتداعياته المحتملة على المفاوضات وعلى خطة الحكومة؟
لا يعلّق الخبراء الماليون والإقتصاديون الآمال الكبيرة على النتيجة التي سيخرج بها فريق عمل شركة Alvarez & Marsal، لأنه لن يتبين للمحقّق آلية صرف الأموال ومن حصل على شحنة المازوت على سبيل المثال المستوردة، بل فقط سيقتصر عمله على التأكد من أن الأموال التي خرجت مطابقة للأوراق والفواتير.
فأبرز ما يجب التوصّل اليه في التدقيق الجنائي بحسب الخبراء الماليين، هو تبيان حسابات المصرف المركزي وودائع المصارف وقيمتها وقيمة الهندسات المالية التي جرت وعلى اي أساس تمّ احتسابها. فحتى التحويلات الخارجية لن يتمّ كشفها كونها لا تتم عبر مصرف لبنان. أما الحسابات التي تسلّم الى الوزارات فهي موجودة، لكن يجب اكتشاف كيف تمّ صرف وهدر تلك الأموال في الوزارات، هل وفق القاعدة الإثني عشرية للموازنة أو وفق التحويلات؟ الأمر الذي لن يحصل.
ويعتبر المستشار المالي والإقتصادي غسان شمّاس خلال حوار مع “نداء الوطن” حول نتائج التدقيق وتداعياته على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، أن “التدقيق الجنائي من حيث المبدأ موضوع داخلي، وصندوق النقد الدولي يمكنه الإعتماد على نتائجه لدفع الحكومة باتجاه ضرورة القيام بالإصلاحات فقط”، مؤكّداً في هذا السياق على أنه “لا توجد تداعيات مباشرة للتدقيق على المفاوضات مع صندوق النقد، اذ أنه لا علاقة لنتائج التدقيق الجنائي بالبدء بالمفاوضات، فالأخيرة بدأت اصلاً، والمفاوضات مشروطة بعرض الدولة اللبنانية للمعضلات التي لديها”.
لافتاً الى أن “تداعيات التدقيق قد تكون ايجابية لجهة مطابقة الأرقام الصادرة عن التدقيق الجنائي مع ارقام المصرف المركزي لناحية الحسابات الموجودة لديه والتي تعود للبنوك”، معتبراً أنه لغاية اليوم لا يوجد رجاء من فعالية التدقيق الجنائي”.
لا نتيجة فعلياً
بدوره رأى الخبير الإقتصادي والمالي مايك عازار خلال حديث مع “نداء الوطن” أن “كل المؤشرات تدلّ على أنه، لا نتيجة فعلية من هذا التدقيق الجنائي المالي الذي يحصل على مصرف لبنان. فالبنك المركزي يرسل المعلومات او الأوراق المطلوبة من شركة التدقيق الى وزارة المالية التي بدورها ترسلها الى فريق عمل شركة “الفاريز ومارسال”، الذي لديه مكتب في وزارة المالية حيث تتمّ دراسة الملف. وفضلاً عن ذلك إن من يدير العملية هو وزير المالية وكان مسؤولاً في مصرف لبنان وبالتالي تنطبق عليه مقولة تضارب المصالح”.
وبالنسبة الى خطة الحكومة التي ستنفذها، قال “ستتحول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. واذا لم تخرج الحكومة بخطة في كانون الثاني أو شباط من العام 2022 فذلك يعتبر مشكلة كبيرة على ابواب الإنتخابات النيابية في آذار، ما يعني أنه لن تكون هناك خطة”. لافتاً الى انه “إذا كانت ارقام التدقيق الجنائي متباينة عن تلك المقدمة من مصرف لبنان قد يعاد النظر بها في خطة الحكومة، عدا ذلك لا علاقة لخطة الحكومة بنتائج التدقيق وهي سارية”.
فليست المرة الأولى التي توقّع وزارة المالية عقداً مع “ألفاريز آند مارسال” للكشف على حسابات مصرف لبنان، بل سبق أن وقّعت عقداً مع وزير المال السابق غازي وزني، ما لبثت أن أنهته في تشرين الثاني الماضي بحجّة عدم تلقيها المستندات التي تحتاجها من مصرف لبنان بسبب معارضة ذلك لقانون السرية المصرفية. وبناءً على ذلك أقر مجلس النواب، قانوناً نص على تعليق العمل بالسرية المصرفية لمدة عام لفتح المجال أمام إعادة إطلاق التدقيق الجنائي.
المصدر: نداء الوطن – باتريسيا جلاد