كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
يؤكد سماسرة ووسطاء ان كثيراً من الشقق في صيدا باتت فارغة من قاطنيها ولكنها مقفلة، لان اصحابها قرروا بيعها، او لانهم رفعوا بدل ايجارها اضعافاً مضاعفة بالليرة اللبنانية او أصروا على تأجيرها بالدولار الاميركي مهما بلغ سعر صرفه في السوق السوداء، بينما المستأجرون لا قدرة لديهم على الدفع بالعملة الخضراء، وخاصة الموظفين واولئك الذين يعملون ويقبضون بالليرة اللبنانية ولا يتلقون اي مساعدة مالية من الخارج.
مشكلة ظلم فيها المالك والمستأجر معاً، ويقول الاربعيني ابو نبيل مستو لـ”نداء الوطن”: “أجبرت على ترك منزلي بعد انتهاء عقد الاستثمار مع المالك، طلب مني الدفع بالدولار الاميركي ولم استطع، بحثت عن منزل متواضع يأويني مع عائلتي المؤلفة من الزوجة وثلاثة أولاد ولم أجد بما يتلاءم مع قدراتي المادية، فعدت الى منزل والدي في التعمير موقتاً ريثما تتبدل الاوضاع”، غامزاً بنوع من التهكّم “في المفهوم اللبناني كل موقّت دائم، هل سيعود الدولار الى ما كان عليه؟ هل سترخص الشقق وبدل ايجارها؟”.
خسارة المعارض
وتداعيات الازمة لم تقتصر على ايجار الشقق، بل انعكست مع طول أمدها على عمل بعض القطاعات التي كانت تعتبر حيوية وتدرّ الارباح الوفيرة. فعلى طول الاوتوستراد الشرقي تنتشر عشرات معارض السيارات على المسربين، بعضها اقفل، البعض الآخر لم يعد يستورد السيارات بانتظار بيع ما لديه، هبط سوقها ثم عاد وارتفع، والدفع بالدولار او ما يوازيه بالسوق السوداء، ومع ارتفاعه عجز المواطنون عن الشراء، باتوا “يحسبونها على الليبرة” مع الارتفاع الجنوني لسعر صفيحة البنزين، والحبل على الجرّار.
ويقول “ابو سليم” صاحب احد المعارض: “لقد ولى العصر الذهبي لهذا القطاع، اصبحنا ننتظر زبوناً ونعرض عليه كل السيارات مع بعض الحسومات، ولكن للاسف تراجع البيع 90% عن السابق، والسبب الازمة المالية والضائقة الاجتماعية، الناس باتت تفكر بتأمين قوت اليوم، ولم يعد اقتناء السيارة او ركوبها من الكماليات فقط بل اصبح نوعاً من الرفاهية الزائدة في هذه الايام، الخسائر كثيرة ولذلك البعض اقفل معرضه وحوّل الى مهنة أخرى كي يعتاش منها، او هاجر الى الخارج بعيداً من صخب المعاناة”.
والى جانب هؤلاء، استنكف الكثير من “الضمّانين” الذين يستثمرون البساتين لقطاف محصولها وبيعها على حسابهم في الاسواق وخاصة حسبة صيدا، عن الاستثمار هذا العام، بسبب غلاء كل شيء، من نقل الشاحنات والحافلات والبيك آب، الى أجرة العمال اليومية وكلفة تشغيل المولدات الكهربائية الخاصة لري المزروعات ارتباطاً بثمن المازوت وبالدولار وصولاً الى الاسمدة والمواد الزراعية، كل ذلك يجعل غلة المحصول في ارضه اقل من سعر الكلفة، رغم ارتفاع اسعار بعض الخضار والفواكه.
lebanon24