شهد سعر صرف دولار السوق السوداء ارتفاعًا دراماتيكيًا خلال الأيام الماضية، تزامنًا مع ما شهدته البلاد من أحداث أمنية، إضافة لما نتج عن هذه الأحداث من تراشق سياسي وشلل حكومي أرخى بظلاله على الأوضاع المعيشية.
وعن الأسباب المباشرة التي دفعت بسعر الصرف نحو هذا الارتفاع، يشير الخبير الاقتصادي فادي قانصو الى أن أحد أبرز هذه الأسباب هو بدء استيراد المحروقات وفقًا لسعر دولار السوق السوداء، الأمر الذي رفع مستوى الطلب على الدولار لتمويل عملية استيراد المازوت، والتي تبلغ تكلفتها حوالي 230 مليون دولار شهريًا.
وصدر مؤخرًا عن مصرف تلميحات الى التوقف عن بيع الدولارات لمستوردي البنزين، الأمر الذي يعني ابطال العمل بمنصة “صيرفة” وبالتالي مزيدًا من الضغط على طلب الدولار في السوق السوداء، الأمر الذي يبشر بارتفاع إضافي على سعر الصرف.
وعن السبب الثاني لارتفاع سعر الصرف، يوضح قانصوه أنه عائد لكون الحكومة الحالية “حكومة انتخابات”، لذا فإن قدرتها على تطبيق الاصلاحات الهيكلية المطلوبة محدودة نسبيًا نظرًا لعمرها القصير، وأن هذه الحكومة حتى لو نجحت بإرساء بعض قواعد الإصلاح، إلا أن قطف ثمار الإجراءات المتخذة سيتطلب بعض الوقت.
وثالثًا، يشير قانصوه الى أن العام القادم سيكون عام الاستحقاقات السياسية بين انتخابات نيابية ورئاسية، الأمر الذي يطرح إمكانية حصول تشنجات سياسية بشكل كبير، الأمر الذي سيرخي سيولّد مزيدًا من الضغط على سعر الصرف.
وبناءً عليه، يرى قانصوه أن هناك امكانية لأن يتجاوز سعر الصرف المستويات الحالية خلال الفترة المقبلة، الا أن الارتفاع سيبقى محدودًا في وجود حكومة فاعلة ومتجانسة قادررة على فرملة التفلّت، في حين أن استمرار الكباش السياسي والشلل الحكومي ينذر بارتفاع دون أي سقف.
وعن احتمال انخفاض سعر الصرف يقول: “ان هذا الأمر يبقى رهن فعالية أداء الحكومة وقدرتها على تجهيز الأرضية الملائمة للاصلاحات سواء من خلال اعداد برنامج اصلاحي تنطلق منه الحكومة المقبلة، إضافة الى استعادة الثقة بالوضعين الاقتصادي والسياسي”.
ويعتبر قانصوه أن المسار الاصلاحي شاق وطويل، ويشوبه عدد من العراقيل اذا انه يتطلب أربعة عناصر مترابطة، أولا الحشد الدولي لدعمه وتمويله، ثانيًا وجود حكومة منسجمة توحي بالثقة والمصداقية، ثالثًا يتوجب توافر عامل الوقت لجني ثمار الاجراءات الاصلاحية، ورابعًا صدق النوايا بين الأفرقاء السياسيين لضمان الاستقرار السياسي والأمني.
النهار